تشهد العاصمة الأمريكية واشنطن أزمة سياسية غير مسبوقة تهدد بإغلاق وشيك للمؤسسات الحكومية الفيدرالية، في أعقاب رفض الرئيس المنتخب دونالد ترامب خطة توافقية بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، لمنع الإغلاق الحكومي المحتمل.
وقالت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، إن هذه الأزمة تضع الكونجرس أمام تحدٍ كبير قبل أيام معدودة من الموعد النهائي لانتهاء التمويل الفيدرالي، في وقت يستعد فيه ترامب لتولي مقاليد السلطة بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
صراع السلطة والتمويل
في خطوة تعكس نفوذه المتزايد على المشهد السياسي الأمريكي، أحدث الرئيس المنتخب زلزالًا سياسيًا في أروقة الكونجرس برفضه القاطع لمشروع قانون التمويل المؤقت، وأشارت "ذا جارديان" إلى أن ترامب لم يكتف بالرفض، بل وجه تعليمات مباشرة لرئيس مجلس النواب مايك جونسون والمشرعين الجمهوريين بضرورة إعادة التفاوض على كل بنود الاتفاق.
هذا التدخل المباشر من الرئيس المنتخب يكشف عن تحول جذري في موازين القوى داخل الحزب الجمهوري، إذ أصبح ترامب يمتلك سلطة غير مسبوقة في توجيه دفة القرارات السياسية والمالية.
وفي تفاصيل أعمق للأزمة، أصدر ترامب بيانًا مشتركًا مع نائبه السيناتور جي دي فانس، طالب فيه الجمهوريين باتخاذ موقف أكثر صرامة وحزمًا في مواجهة ما وصفه بـ"السياسات المالية المتساهلة".
وقدم ترامب مقترحًا يجمع بين استمرار التمويل الحكومي ورفع سقف الدين العام، في خطوة تعكس رؤيته الجديدة لإدارة الموارد المالية للدولة الفيدرالية.
ووصل الأمر إلى حد اعتبار أي حل آخر "خيانة للبلاد"، ما يضع المشرعين الجمهوريين في موقف صعب بين الولاء للرئيس المنتخب وتلبية متطلبات العمل الحكومي.
التداعيات الإنسانية والاقتصادية
ووفقًا للصحيفة، تمتد تأثيرات الأزمة إلى الجوانب الإنسانية والاقتصادية بشكل عميق، إذ تتضمن الخطة المرفوضة حزمة مساعدات ضخمة تقدر بنحو 100 مليار دولار، مخصصة للولايات المتضررة من الكوارث الطبيعية.
وتشمل هذه المساعدات دعمًا مباشرًا لضحايا إعصاري هيلين وميلتون، إضافة إلى 10 مليارات دولار كمساعدات اقتصادية للمزارعين الذين يواجهون تحديات موسمية صعبة.
ونقلت "ذا جارديان" عن مصادر مطلعة، أنَّ تعليق هذه المساعدات يضع ملايين الأمريكيين في موقف حرج، خاصة مع اقتراب موسم الأعياد وتزايد الاحتياجات الأساسية للعائلات المتضررة، كما أنَّ تأخير هذه المساعدات قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية في المناطق المنكوبة، ما يهدد بتداعيات طويلة المدى على الاقتصاد المحلي والوطني.
دور ماسك
وفي خضم هذه الأزمة، برز دور محوري لرجل الأعمال المليادير إيلون ماسك، الذي يشغل حاليًا منصب رئيس إدارة الكفاءة الحكومية، وأشارت "ذا جارديان" أنَّ ماسك أيّد موقف الرئيس المنتخب ورفض الخطة التمويلية فور إعلانها.
وذهب ماسك إلى أبعد من ذلك بتوجيه تحذير صريح لأعضاء الكونجرس، مهددًا إياهم بفقدان مناصبهم في الانتخابات المقبلة إذا صوتوا لصالح مشروع القانون.
هذا التحالف بين قطبي المال والسياسة يشير إلى تحولات عميقة في المشهد السياسي الأمريكي، حيث تتشكل تحالفات جديدة تجمع بين النفوذ السياسي والقوة الاقتصادية.
ويرى محللون أنَّ هذا التحالف قد يكون مؤشرًا على طبيعة السياسات الاقتصادية والمالية التي ستتبناها إدارة ترامب القادمة.