مع انتظار قرار المحكمة الدستورية العليا في كوريا الجنوبية، بشأن عزل رئيس البلاد يون سوك يول بعد اتهامه بمحاولة فرض الأحكام العرفية، 3 ديسمبر الجاري، يبرز زعيم المعارضة لي جاي ميونج، كمرشح محتمل للرئاسة.
ولفتت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، إلى أن "لي" أنهى طعنًا على حكم بإدانته، يناير 2024، باعتباره المرشح الأوفر حظًا لانتخابه كزعيم جديد للبلاد، بعد أسبوعين من الاضطرابات السياسية، التي بلغت ذروتها في عزل الرئيس يون سوك يول.
وقالت الصحيفة، إن زعيم المعارضة لي جاي ميونج، الذي تعرض لطعنة في الرقبة من قبل مهاجم لمنعه من أن يصبح رئيسًا، هو الآن المرشح الأوفر حاليًا، إذا تمت إقالة يون من منصبه وإجراء انتخابات مبكرة.
وطالب "لي"، الأحد الماضي، بأن يتم منح حزبه الديمقراطي الكوري، أكبر مجموعة في الجمعية الوطنية، حق التصويت المباشر في الحكومة تحت إدارة مؤقتة في أثناء تعليق عضوية يون.
وقال زعيم المعارضة للصحفيين: "إن الجمعية الوطنية والحكومة بحاجة إلى العمل معًا لتجاوز الأزمة التي عصفت ببلادنا خلال الأسبوعين الماضيين".
وحسب الصحيفة، يقول المحللون إنه في حين ارتفعت معدلات التأييد لـ"لي" في الأسابيع الأخيرة، فإن عامل المصنع السابق لا يزال شخصية مثيرة للاستقطاب، ومن المرجح أن يستمر في "دورة الانتقام" السياسية المستمرة منذ عقود بكوريا الجنوبية.
ونقلت الصحيفة عن شين يول، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ميونغجي في سول، في إشارة إلى الخطوة التي أدت إلى سقوط يون: "إن تبرير يون لإصدار مرسوم الأحكام العرفية كان هراء. ولكن لي أسهم في الصراع السياسي الحاد الذي أدى إلى هذا. ولا يزال العديد من الذين أيدوا عزل يون لا يريدون أن يصبح لي رئيسًا".
وتشير الصحيفة، إلى أن "لي" يساري متعصب، أُدين جنائيًا بالقيادة تحت تأثير الكحول، وانتحال صفة المدعي العام، والإدلاء بتصريحات كاذبة خلال حملة انتخابية، وأثار الجدل طوال حياته السياسية.
وبعد هزيمته أمام يون بنسبة أقل من نقطة مئوية في عام 2022، بدأ "لي" إضرابًا عن الطعام في العام التالي، احتجاجًا على ما أسماه "دكتاتورية النيابة العامة"، التي ألقى باللوم عليها في توجيه مجموعة من التهم الجنائية إليه، ونفى لي كل هذه التهم.
وقال سو بوك كيونج، نائب رئيس الجمعية الكورية للدراسات الانتخابية: "أنصار لي يتعاطفون مع معاناته. ولد في أسرة فقيرة ولم يتلق تعليمًا جيدًا، لكنه تمكن من الوصول إلى القمة. ويشعرون بأنه يتماهى مع حياتهم الصعبة وسيفعل شيئًا لتحسين سبل عيشهم".
بالنسبة لأنصار لي، فإن عزل يون أثبت صحة الاستراتيجية السياسية للحزب الديمقراطي الكوري المتمثلة في مهاجمة الإدارة المحافظة بالبلاد في سلسلة من طلبات العزل والمطالبات بتعيين مستشارين خاصين للتحقيق في سلسلة من الفضائح.
وعلى مدى العامين ونصف العام منذ انتخاب يون، قدمت المعارضة 22 اقتراحًا لعزل الرئيس تستهدف كبار المسؤولين، إلى جانب اقتراحين لعزل يون بعد إعلانه الأحكام العرفية.
وتشمل هذه الاقتراحات طلبات ضد المدعين العامين الذين وجهوا الاتهام إلى "لي" بتهمة تحويل أموال إلى كوريا الشمالية من خلال شركة كورية جنوبية لتصنيع الملابس الداخلية، وكذلك ضد المدعين العامين الذين قرروا عدم توجيه اتهامات إلى زوجة يون، السيدة الأولى كيم كيون هي، بتهمة الرشوة والتلاعب في الأسهم.
وقال مسؤول سابق في إدارة يون: "ينظر إليه المحافظون على أنه شخص لن يتوانى عن فعل أي شيء لاستئصال أعدائه"، مشيرًا إلى أن الرقم القياسي السابق لعدد طلبات المساءلة المقدمة خلال رئاسة كوريا الجنوبية كان 6.
ورد المدافعون عن "لي" بأن الحزب الديمقراطي الكوري قدم العديد من الطلبات لأن إدارة يون كانت تعمل باستمرار على عرقلة التحقيقات في العديد من الحوادث المثيرة للجدل، بما في ذلك وفاة 159 من المحتفلين خلال تدافع حشد في عيد الهالوين، عام 2022.
وأشاروا إلى أن "يون" لم يوافق كرئيس على لقاء زعيم المعارضة للمرة الأولى إلا بعد مرور 720 يومًا على توليه منصبه، وبعد الانتخابات البرلمانية، أبريل، التي مُني فيها حزبه "قوة الشعب" بهزيمة ساحقة على يد المعارضة.
وقال سو: "أمضى (لي) سنوات وهو يتعرض للوصم والتصوير من قبل المحافظين باعتباره مجرمًا خطيرًا. إنهم يخشون أن يصبح رئيسًا بسبب ما فعلوه به".
والآن يبدو أن "لي" يستخدم التهديد بعزل الإدارة المؤقتة لكوريا الجنوبية، إذ وعد بعدم السعي "في الوقت الحالي" إلى إقالة الرئيس المؤقت هان داك سو، وهو من المعينين من قبل "يون" وهو تكنوقراطي محترف، طالما أن "هان" يحكم بروح "الحياد السياسي".
ودعا "لي" أيضًا المحكمة الدستورية في كوريا الجنوبية، التي لديها 6 أشهر لاتخاذ قرار بشأن الموافقة على إقالة "يون" بشكل دائم من منصبه، إلى اتخاذ قرار سريع للحد من الفوضى في البلاد.
وأشار "شين" إلى أن محاكمة "لي" بشأن دوره المزعوم في مخطط تمويل كوريا الشمالية من المقرر أن تبدأ أوائل العام المقبل، ما يعني أنه يواجه سباقًا مع الزمن لتأمين الرئاسة قبل منعه من تولي منصبه حال إدانته.
وقال شين: "إذا تمكنت المحكمة الدستورية من التوصل إلى حكم قبل مايو، فإن ذلك سيعزز فرصته في أن يصبح الرئيس المقبل".
وقال محللون إنه "حال تمكن لي من التغلب على مشكلاته القانونية فإنهم لا يرون احتمالات كبيرة لقيام مرشح محافظ، أو مرشح يساري بديل، بهزيمة "لي" في الانتخابات التي ستقام بعد إقالة يون، وهذا يعني أن السياسة المضطربة في كوريا الجنوبية من غير المرجح أن تستقر في السنوات المقبلة، كما قال سو، حتى بعد الأحداث الصادمة التي شهدتها الأسبوعين الماضيين".
وأضاف: "ستستمر دورة الانتقام هذه في الإدارة المقبلة".