- تدمير المسجد العمري واعتداءات على الحرم الإبراهيمي وسيطرة على برك السلطان سليمان
- إسرائيل بلا تاريخ والاحتلال سرق تراثنا ووضع عراقيل أمام تصدير وتسويق منتجاتنا
فلسطين، الأرض التي تحتضن تاريخًا عريقًا وثقافة غنية، تعتبر مهدًا للعديد من الحضارات التي تركت بصماتها العميقة على معالمها وتراثها. من القدس التي تشهد على آلاف السنين من العراقة، إلى الخليل ونابلس وبيت لحم، تتنوع المواقع التاريخية والأثرية التي تجسد عمق الهوية الفلسطينية. تلك الأماكن ليست مجرد حجارة ومعالم، بل هي ذاكرة شعب ينبض بالثقافة والفن والحضارة. ورغم محاولات دولة الاحتلال الإسرائيلي المستمرة لطمس هذا التراث، تظل فلسطين صامدة، محافظةً على تاريخها الغني وموروثها الثقافي الذي يروي قصص الأجداد عبر الأجيال.
في حوار خاص مع موقع "القاهرة الإخبارية"، تحدث وزير الثقافة الفلسطيني، عماد حمدان، عن محاولات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة لطمس التراث الفلسطيني بجميع أنواعه، سواء كان ماديًا أو غير مادي. وأكد أن إسرائيل تسعى إلى تدمير الهوية الفلسطينية عبر هدم المباني التاريخية، وسرقة التراث الشعبي، وفرض العراقيل على الفلسطينيين في محاولة لطمس كل ما يتعلق بتاريخهم وثقافتهم. كما تطرق إلى أهمية دور السينما الفلسطينية في توثيق هذه الانتهاكات، في وقت تتعرض فيه صناعة السينما في فلسطين للكثير من المخاطر والقيود.
محاولات إسرائيلية لطمس الهوية
وأكد وزير الثقافة الفلسطيني أن "إسرائيل حديثة النشأة، ولا يوجد لديها أي تاريخ أو تراث"، مشيرًا إلى أن الفلسطينيين يتفوقون على الاحتلال بما يمتلكونه من تاريخ طويل وثقافة غنية. وقال: "إسرائيل تحاول تدمير كل ما يتعلق بالتراث الفلسطيني، سواء كان ماديًا أو غير مادي، فهي تهدم المباني التاريخية في الضفة الغربية المحتلة ولا تسمح لنا بإعادة ترميمها. إنها تحاربنا في جميع جوانب تراثنا".
وأوضح حمدان أن الاحتلال يركز على طمس التراث المادي من خلال تدمير المواقع التاريخية، وفي الوقت نفسه، يسرق التراث غير المادي، مثل التطريز الفلسطيني، مستخدمًا إياه في منتجات إسرائيلية تحت مسمى "التراث اليهودي" المزعوم.
تدمير مواقع تاريخية
لا يزال الاحتلال الإسرائيلي ينتهج نفس السياسات الصهيونية من عبث وخراب وتدمير لمواقع أثرية عمرها تجاوز آلاف السنوات، ترتبط بمقدسات دينية، وأماكن تراثية وتاريخية، ليعلق وزير الثقافة الفلسطيني على ذلك قائلا: "عمليات الهدم مستمرة من قبل الاحتلال، ولا يمكن حصر كل ما تم تدميره، على سبيل المثال، دُمِّر المسجد العمري في مدينة الخليل، وكذلك العديد من المباني العثمانية القديمة في الضفة الغربية". وأشار إلى التعديات المستمرة على المواقع الدينية والثقافية مثل "الحرم الإبراهيمي" في الخليل، حيث تم إقامة مصعد أمامه بحجم 200 متر لتغيير معالمه، مؤكدًا أن هذا يشكل اعتداءً على الموروث الثقافي الفلسطيني.
وأوضح حمدان، في حواره مع موقع "القاهرة الإخبارية" أن الاحتلال يسعى أيضًا للسيطرة على مناطق تاريخية مثل "سبسطية" في نابلس و"برك السلطان سليمان" في بيت لحم، حيث تواصل سلطات الاحتلال محاولاتها لطمس المعالم الثقافية في هذه المناطق.
عراقيل أمام تصدير وتسويق المنتجات التراثية
ورغم كل الظروف الصعبة إلا أن فلسطين قادرة على أن تحتفظ لنفسها بمنتجات تراثية أصيلة تتميز بها مع انتشار شجر الزيتون على مساحات واسعة، إلا أن هناك محاولات مستمرة لمنع الفلسطينيين من تسويق منتجاتهم، ليقول وزير الثقافة الفلسطيني عن ذلك: "الاحتلال يضع العديد من العراقيل أمام الفلسطينيين في تصدير وتسويق منتجاتهم التراثية، مما يعيق وصولها إلى الأسواق العالمية. هذه القيود جزء من استراتيجية الاحتلال لفرض سيطرته على التراث الفلسطيني ومحاولة محو هويته الثقافية".
السينما الفلسطينية تواجه الحرب
رغم ما تتعرض له فلسطين وأبنائها من عمليات قصف وتدمير ولكن شغفهم بالحياة والفن لم ينته، إذ انطلقت مشروعات سينمائية من قلب الحرب، ليؤكد وزير الثقافة الفلسطيني الدور المهم الذي تلعبه السينما الفلسطينية في توثيق الجرائم الإسرائيلية والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني. إذ يقول: "الشعب الفلسطيني مقاوم، قادر على النهوض من تحت الركام، وفي أصعب الظروف، يحاول أن يبدع ويبتكر رغم جميع المعوقات التي يفرضها الاحتلال".
وأضاف: "في غزة، تم إطلاق مهرجان القدس السينمائي من بين الركام وتحت الخيام، وهو إنجاز ليس فقط على صعيد السينما، بل أيضًا على صعيد إيصال رسالة الشعب الفلسطيني إلى العالم بأسره، حيث يتم التعريف بما يتعرض له الفلسطينيون من جرائم وحشية وإبادة جماعية".
وأوضح حمدان أنه رغم القيود التي يفرضها الاحتلال على التنقل، إلا أن الفلسطينيين يواصلون حياتهم اليومية ويناضلون من أجل الحفاظ على ثقافتهم. وقال: "في الضفة الغربية المحتلة، نواجه صعوبات كبيرة في التنقل بين المدن، حيث قد تستغرق الرحلة التي كانت تستغرق ساعة ونصف الآن خمس أو ست ساعات بسبب الحواجز، ومع ذلك نواصل مقاومتنا".
رسالة شعب مقاوم
اختتم وزير الثقافة الفلسطيني حديثه لموقع "القاهرة الإخبارية" بالتأكيد على قدرة الفلسطينيين على مواجهة التحديات التي يفرضها الاحتلال. وقال: "الشعب الفلسطيني قادر على ممارسة حياته الطبيعية والإبداع رغم كل العراقيل. ورغم أن الاحتلال يسعى لطمس ثقافتنا وتراثنا، إلا أننا سنواصل مقاومته بكل الوسائل المتاحة لنا، في كافة المجالات الثقافية والفنية، مضيفًا: "التحديات التي نواجهها لن تمنعنا من تحقيق أهدافنا، وسنستمر في تقديم أعمالنا الفنية والإبداعية للعالم لنبين له معاناتنا وصمودنا".