تمكنت السلطات الأمريكية من حل لغز مقتل الرئيس التنفيذي لأحد أكبر شركات الرعاية الصحية، وكشفت التحقيقات معلومات حول الجريمة التي استوحى منفذها تفاصيلها من أحد أسوأ المجرمين سمعة في الولايات المتحدة.
صباح الخميس الماضي، بينما كان المجني عليه براين تومسون، رئيس مجموعة يونايتد هيلثكير للتأمين الصحي، يسير أمام أحد الفنادق في شوارع مانهاتن، انهال عليه الرصاص من الخلف من قبل أحد الملثمين الذي لاذ بالفرار عقب الجريمة.
عدة أخطاء
انتشرت فرق المحققين من الشرطة الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي، في محاولة للقبض على الجاني، حيث تبين أنه ليس قاتلًا محترفًا وارتكب عدة أخطاء، تمكنوا على إثرها من العثور على صوره ونشرها على نطاق واسع في الولايات الأمريكية خاصة القريبة من مكان الحادث على أمل التعرف عليه، وفقًا لشبكة لإذاعة "إن بي أر".
تمكنت السلطات الأمنية، بحسب مفوضة شرطة مدينة نيويورك جيسيكا تيش، من جمع بعض الأدلة الجنائية والحمض النووي ورفع بصمات الأصابع من عدة أماكن تواجد فيها الجاني قبل ارتكاب الجريمة وبعدها، إلا أن مفتاح القضية الرئيسي كان صورة وجه المشتبه به التي تم نشرها في وسائل الإعلام.
هوية المنفذ
وبينما بدا المحققون قاب قوسين أو أدنى من اكتشاف هوية منفذ جريمة القتل، كان مواطن أمريكي يتناول وجبة في مطعم للوجبات السريعة في ولاية بنسلفانيا، قد اشتبه في أحد الأشخاص يجلس بجواره، تشبه ملامحه مرتكب الجريمة.
ما حدث بعد ذلك رواه جو كيني، رئيس قسم التحقيقات في شرطة نيويورك، لشبكة "إي بي سي نيوز"، حيث أكد أن قوة أمنية من أقرب قسم شرطة للمكان، توجهت إلى المطعم وتمكنت من القبض على الجاني، الذي تبين أنه يدعى لويجي مانجيوني.
وعثرت الشرطة بحوزة مانجيوني على عدة صفحات مكتوبة بخط اليد، تعبر عن ازدراء للشركات الأمريكية وتشير إلى أنه محبط من نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، وبعض الكتابات التي وجهها إلى الحكومة الفيدرالية.
اعتراف مكتوب
وفي اعترافاته المكتوبة، اعتذر المتهم بقتل رئيس مجموعة التأمين الصحي عن أي صدمة تسبب فيها، ولكن كان لابد من القيام بذلك، وقال: "بصراحة، كان هؤلاء الطفيليون يستحقون ما فعلته"، لافتًا إلى أن شركة يونايتد هيلث كير أصبحت قوية للغاية، وهي تواصل استغلال أمريكا لتحقيق أرباح هائلة، حسب وجهة نظره.
وعُثر بحوزته على بطاقة هوية مزورة والتي استخدمها في تأجير أحد المساكن قبل أن يقوم بارتكاب جريمة القتل، بجانب مسدس مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد وكاتم صوت يحتوي على مخزن محمل بست طلقات.
جلسات محاكمة
ووجه الادعاء العام الأمريكي، تهمة القتل من الدرجة الثانية لمانجيوني، وحيازة سلاح ناري وهوية مزورة، فيما تم توجيه تهمة حيازة سلاح بشكل غير قانوني في ولاية نيويورك، أما في ولاية بنسلفانيا فوجهت إليه اتهامات بارتكاب خمس جرائم، بما في ذلك حمل سلاح بدون ترخيص، والتزوير، وحيازة أدوات الجريمة.
وجرى اقتياد مانجيوني مقيدًا إلى قاعة المحكمة في بنسلفانيا الثلاثاء، في أولى جلسات محاكمته لتسليمه إلى ولاية نيويورك، المكان الذي ارتكب فيه الجريمة، وحاول محاموه إخراجه بكفالة، إلا أن القاضي رفض الأمر وقرر استمرار حبسه.
أفكار كاتينسكي
ونشرت وسائل الإعلام الأمريكية تقريرًا صادرًا عن إدارة الاستخبارات بشرطة نيويورك، حذر من أن المتهم بقتل رئيس شركة الرعاية الصحية الشهيرة، ربما استوحى جريمته من "تيد كاتينسكي" الشهير وقد يصبح مثله بسبب أفكاره.
ويعرف كاتينسكي باسم "مفجر الجامعات والطائرات"، وهو عالم رياضيات أمريكي مناهض للتكنولوجيا، ويعد قاتلًا عبقريًا وواحدًا من أسوأ المجرمين في تاريخ الولايات المتحدة، واشتهر بسبب أسلوبه في القتل المتعمد بالطرود المتفجرة.
وشكلت عملية القبض على "تيد" أطول وأعنف عملية مطاردة في تاريخ أمريكا، إذ استمرت 20 عامًا، حيث كان يستهدف من يقفون وراء صعود التكنولوجيا الحديثة، التي يراها تزييفًا للحضارة، وحاول من خلال تلك العمليات لفت الانتباه إلى خطورة ذلك.
متطرفو السوشيال
وبحسب التقرير، فإن مانجيوني ينظر إلى نفسه باعتباره "بطلًا" لمواجهته الظلم بصدق، واعتبر عملية قتل رئيس الشركة بأنها عملية تطهير للفساد، مسلطين الضوء على أن ما فعله مانجيوني يشكل خطرًا كبيرًا بسبب ردود الفعل على السوشيال الميديا الذين احتفلوا بالجريمة.
وحذر التحليل الاستخباراتي من أن هناك مجموعة واسعة من المتطرفين، ينظرون إلى مانجيوني باعتباره شهيدًا ومثالًا يحتذى به، حيث يرون أن جميع الرؤساء التنفيذيين مستهدفين وشجعوا على اتخاذ إجراءات مماثلة.