بين طيات التوترات والتطورات المتصاعدة في الأراضي السورية، تشهد المنطقة الشمالية الحدودية من الجولان المحتلة تطورات عسكرية وسياسية وصفتها دولة الاحتلال الإسرائيلي بـ"التاريخية"، التي تحمل أبعادًا استراتيجية إقليمية.
وتشهد الساعات الجارية تحركات دراماتيكية من قِبل جيش الاحتلال الإسرائيلي داخل العمق السوري، بين ضربات جوية مركّزة على العاصمة دمشق واستهداف منشآت حساسة، وبين انتشار بري لقوات النخبة الإسرائيلية في مواقع استراتيجية، أبرزها احتلال منطقة جبل الشيخ السورية، وهو مشهد متداخل عسكريًا وسياسيًا يثير تساؤلات كبرى حول تداعيات هذا التحول على مستقبل المنطقة؟
سقوط نظام الأسد
وأعلن التلفزيون الرسمي السوري، اليوم الأحد، سقوط نظام بشار الأسد، وبث شاشة حمراء كُتب عليها: "انتصار الثورة السورية العظيمة وإسقاط نظام الأسد"، وجاء إسقاط نظام الأسد عقب اشتباكات بين الفصائل السورية والجيش السوري على مدار 12 يومًا.
وبثَّ التلفزيون السوري، بيانًا للعمليات العسكرية، حثّ فيه الشعب السوري على "ضرورة الحفاظ على جميع ممتلكات الدولة السورية وعدم الاقتراب من المؤسسات العامة التي ستظل تحت إشراف رئيس الوزراء السوري حتى يتم تسليمها رسميًا".
احتلال إسرائيل للمنطقة العازلة
انتشرت وحدات النخبة التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك المظليين والمدرعات، في مواقع استراتيجية داخل الأراضي السورية، أبرزها قمة جبل الشيخ والمناطق المحاذية للمنطقة العازلة، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
ويهدف هذا الانتشار، الذي تصفه إسرائيل بأنه "مؤقت ودفاعي"، إلى منع وصول الفصائل السورية للمنطقة وإزالة التهديدات المحتملة.
وبحسب بيان لجيش الاحتلال، فإن "العمليات جاءت نتيجة لتجول مسلحين قرب الحدود"، كما أشار البيان إلى أن الوضع في سوريا "فوضوي، حيث تتصارع قوى متباينة على النفوذ في الفضاء السوري".
اتفاق فض الاشتباك
إلى ذلك أدانت جامعة الدول العربية، اليوم الأحد، اعتبار إسرائيل اتفاق فض الاشتباك مع سوريا منتهيًا للاستفادة من الوضع الحالي.
وجددت الأمانة العامة للجامعة العربية، إدانتها الكاملة لما تسعى إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) إلى تحقيقه بشكل غير قانوني مستفيدة من تطورات الأوضاع الداخلية في سوريا سواء علي صعيد احتلال أراضي إضافية في الجولان أو اعتبار اتفاق فض الاشتباك لعام 74منتهيًا.
استهداف مواقع حساسة وتحذيرات للأهالي
في موازاة التحركات البرية، شنّت قوات الاحتلال الجوية الإسرائيلية هجمات على مواقع متعددة في سوريا، بما في ذلك العاصمة دمشق، واستُهدفت "المربع الأمني"، الذي يضم منشآت استخباراتية سورية، كما هاجمت إسرائيل مركز الأبحاث العلمية المعروف بـ"سيريس" الذي تزعم تل أبيب استخدامه من قِبل إيران لتطوير الصواريخ، حسبما ذكرت وكالة "رويترز".
وأفادت مصادر لـ"رويترز" أن الضربات استهدفت مواقع إنتاج أسلحة ومرافق دفاعية، ما يشير إلى محاولة إسرائيلية لتقويض النفوذ الإيراني في سوريا، وتزامنت هذه العمليات مع استهداف المطارات والمواقع العسكرية في جنوب سوريا.
حذّرت إسرائيل سكان القرى الحدودية في جنوب سوريا، منها القنيطرة والحميدية، من مغادرة منازلهم حفاظًا على سلامتهم، ونشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، بيانًا باللغة العربية، دعا فيه السكان إلى الامتثال لتوجيهات البقاء في المنازل، مؤكدًا أن العمليات تستهدف "إزالة التهديدات" دون إيذاء المدنيين.
السيطرة على جبل الشيخ
احتلال الجيش الإسرائيلي لجبل الشيخ السوري جاء كجزء من عملية عسكرية إسرائيلية أوسع بزعم تأمين المنطقة الحدودية وتحسين المراقبة وإحكام السيطرة على المنطقة، حسب موقع "واي نت" العبري.
ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التطورات الأخيرة بأنها "يوم تاريخي في الشرق الأوسط"، وأكد أن سقوط نظام الأسد، يمثل فرصة استراتيجية لإسرائيل، لكنه ينطوي على تحديات ومخاطر أمنية.
حالة تأهب إسرائيلي
رفعت قيادة المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال الإسرائيلي حالة التأهب في هضبة الجولان السورية المحتلة، حيث تم تفعيل خطط الطوارئ لتعزيز الدفاعات. وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الذي زار المنطقة برفقة نتنياهو، أن السيطرة على المنطقة العازلة تهدف إلى ضمان سلامة المستوطنات الإسرائيلية ومنع أي تهديدات من الجانب السوري، على حد زعمهم.
التطورات الأخيرة على الحدود السورية تشير إلى تحول كبير في ديناميكيات الصراع الإقليمي، مع تصعيد العمليات العسكرية وتعزيز التواجد الميداني، يبدو أن تل أبيب تسعى إلى إعادة رسم قواعد الاشتباك على الحدود الشمالية، في خطوة تحمل تداعيات بعيدة المدى على أمن المنطقة واستقرارها.