كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن تحديات تواجه خطط الرئيس المنتخب دونالد ترامب؛ لتنفيذ أكبر حملة ترحيل للمهاجرين في تاريخ الولايات المتحدة، إذ أظهرت بيانات داخلية حصلت عليها الصحيفة من إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية أن قرابة نصف المهاجرين المستهدفين بالترحيل، والبالغ عددهم 1.4 مليون شخص، لا يمكن إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية لأسباب قانونية ولوجستية معقدة.
معوقات قانونية وتحديات دبلوماسية
وفقًا لـ"واشنطن بوست"، يرفض العديد من الدول مثل فنزويلا ونيكاراجوا والصين استقبال مواطنيها المرحلين، أو تضع قيودًا صارمة على عودتهم، كما أن عددًا كبيرًا من المستهدفين بالترحيل يقضون أحكامًا في السجون الأمريكية، أو حصلوا على إعفاءات قضائية لأسباب إنسانية متنوعة، مثل الظروف الطبية الحرجة أو وجود تهديدات حقيقية بالاضطهاد في بلدانهم الأصلية.
وخلال ولايته الأولى، حاول ترامب الضغط على الدول "المتمردة"، من خلال حجب التأشيرات وغيرها من الإجراءات الدبلوماسية لإجبارها على قبول المرحلين، لكن هذه الاستراتيجية حققت نجاحًا محدودًا.
الاستعانة بالجيش والمعسكرات المُؤقتة
يخطط فريق ترامب لتنفيذ حملة إنفاذ سريعة تعتمد على موارد الجيش الأمريكي؛ لمواجهة ما يصفونه بـ"الأعداد القياسية" من عمليات العبور غير القانوني للحدود خلال إدارة بايدن.
وكشف ستيفن ميلر، الذي سيتولى منصب نائب رئيس موظفي البيت الأبيض للسياسات، عن خطط لإنشاء معسكرات احتجاز ومرافق مؤقتة لإيواء المهاجرين حتى ترحيلهم.
ويستشهد مؤيدو ترامب بعملية "الحلفاء مرحب بهم" التي نفذتها إدارة بايدن عام 2021 لإجلاء نحو 100 ألف لاجئ أفغاني كنموذج يُمكن تطبيقه بشكل عكسي.
لكن مسؤولين في إدارة الهجرة والجمارك يحذرون من أن احتجاز أشخاص يرفضون المغادرة يختلف جذريًا عن استقبال لاجئين راغبين في الإجلاء.
أزمة القدرات والموارد
كذلك تواجه خطة الترحيل الجماعي تحديات لوجستية هائلة تتعلق بالقدرات والموارد المتاحة، إذ إن شبكة مراكز الاحتجاز الحالية تستوعب نحو 40 ألف سرير يوميًا، ورغم إمكانية رفع هذا العدد إلى 55 ألفًا، كما حدث خلال ولاية ترامب الأولى، إلا أن هذا يتطلب تمويلًا ضخمًا وتعاونًا من المتعاقدين من القطاع الخاص.
كما يُعاني جهاز إدارة الهجرة والجمارك من نقص حاد في الموظفين المؤهلين، إذ لا يتجاوز عدد ضباط الهجرة العاملين في القضايا 5500 ضابط، مع وجود مئات الوظائف الشاغرة.
والأهم من ذلك أن تدريب ضابط جديد يستغرق من 18 إلى 24 شهرًا، مما يعني أن أي زيادة في التمويل لن تؤدي إلى زيادة فورية في القوى العاملة.
تحديات النقل واللوجستيات
تشكل محدودية وسائل النقل عقبة إضافية أمام خطط الترحيل الجماعي، إذ إن إدارة الهجرة والجمارك لا تمتلك سوى 12 طائرة مستأجرة، سعة كل منها 135 راكبًا، وشركات الطيران المتعاقدة لا تمتلك طائرات إضافية كثيرة.
ورغم مناقشة إمكانية استخدام طائرات عسكرية، إلا أن مسؤولين سابقين في الإدارة كشفوا للصحيفة الأمريكية، أن البنتاجون أبدت تحفظات قوية على المشاركة في عمليات إنفاذ قوانين الهجرة خلال ولاية ترامب الأولى، محذرين من أن استخدام الطائرات العسكرية في الترحيل قد يؤثر على جاهزية القوات المسلحة، ويربك عمليات نقل القوات إلى مناطق مثل الشرق الأوسط وأوروبا.
الواقع مقابل الوعود
تظهر الأرقام الرسمية فجوة كبيرة بين وعود ترامب وإمكانيات التنفيذ على أرض الواقع، إذ إنه خلال ولايته الأولى، وعد بترحيل "الملايين"، لكن أعلى عدد للمرحلين في عام واحد لم يتجاوز 347,250 شخصًا في السنة المالية 2019.
وللمقارنة، سجلت إدارة الهجرة والجمارك أعلى معدل ترحيل في تاريخها عام 2013 بـ 432,228 شخصًا، وقد تضاعف عدد المهاجرين الخاضعين لإشراف الإدارة ليصل إلى 7.8 مليون شخص، مقارنة بعام 2019، وذلك نتيجة تدفق أكثر من مليوني مهاجر سنويًا عبر الحدود المكسيكية خلال السنوات الثلاث الأولى من رئاسة بايدن، مما يزيد من تعقيد المهمة التي تنتظر إدارة ترامب القادمة.