حملت الأحداث التي شهدتها كوريا الجنوبية العديد من علامات الاستفهام، إذ رأى خبراء سياسيون أن إعلان الأحكام العرفية، التي فرضت للمرة الأولى منذ عام 1980، جاء في غير توقيته، وهو ما يفسر عدول الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول عنها.
تدخل أمريكي
وقال الدكتور أشرف العشري، مدير تحرير جريدة الأهرام، في تصريحات لموقع "القاهرة الإخبارية"، إنه بالرغم من كونه توترًا مثيرًا فإن هذه الأزمة قصيرة المدى، وستلعب الولايات المتحدة الأمريكية دورًا كبيرًا في إنهائها بشكل سريع، بعيدًا عن تداعياتها التي ستؤثر على علاقات كوريا الجنوبية مع جارتها الشمالية.
وأضاف العشري: "سيكون هناك وساطة أمريكية تلعب دورًا كبيرًا في احتواء النزاع بين الحزب الحاكم والمعارضة، ما سيؤدي إلى إمكانية التوصل إلى إصلاحات حول تغيير الحكومة، بجانب محاكمات بشأن الذين تم توجيه اتهامات إليهم بالفساد".
ووفقًا لـ"العشري"، فإن اتساع حجم المواجهة مع كوريا الشمالية يبقى واردًا، لا سيما إذا لم يكن هناك بالفعل إطفاء للنيران السياسية في كوريا الجنوبية عبر التفاهم مع المعارضة خلال الفترة المقبلة.
وفي التعليق الأول للولايات المتحدة على الأزمة، قال نائب وزير الخارجية الأمريكي كيرت كامبل، أمس الثلاثاء، إن بلاده تراقب التطورات في كوريا الجنوبية بقلق بالغ، وفقًا لشبكة "سي إن إن".
وذكر كامبل: "أريد أيضًا أن أؤكد تحالفنا القوي مع كوريا الجنوبية، وأننا نأمل ونتوقع أن يتم حل أي نزاعات سياسية سلميًا ووفقًا لسيادة القانون".
تنازلات يون
وحول اتجاه البرلمان إلى عزل رئيس كوريا الجنوبية في الأيام المقبلة، قال "العشري" إن "هذا الأمر ربما يكون سابق لآوانه"، مؤكدًا أن هناك احتمالات متزايدة حول نشاط سياسي لمعالجة ما حدث في الساعات الماضية.
وأضاف العشري: "ربما تكون هناك تفاهمات أن يبقى الرئيس مقابل التوصل إلى مجموعة من الإصلاحات السياسية، تؤدي إلى إنقاذ كوريا الجنوبية وعدم اللجوء إلى الأحكام العرفية مرة أخرى".
وأعلن رئيس كوريا الجنوبية، الثلاثاء، أنه سيتحرك لرفع الأحكام العرفية التي أعلنها قبل ساعات، بعد تصويت البرلمان ضد الإجراء.
وقرر "يون" سحب قوات قيادة الأحكام العرفية، وعقد اجتماع لمجلس الوزراء في أقرب وقت ممكن.
وكان "يون" أعلن فرض الأحكام العرفية في وقت سابق من الثلاثاء، متهمًا المعارضة بأنها قوى مناهضة للدولة، الأمر الذي أدى إلى مظاهرات أمام مقر البرلمان، احتجاجًا على إجراءات الرئيس.
ووفقًا لوكالة الأنباء الكورية الجنوبية "يونهاب"، أغلقت السلطات المحلية مبنى البرلمان في سول، وهبطت المروحيات على سطحه بعد إعلان "يون" فرض الأحكام العرفية في البلاد.
ويرى "العشري"، أن وزير الدفاع كيم يونج-هيون يمثَّل جزءًا من الخلافات التي حدثت في كوريا الجنوبية، مرجحًا أن يسعى "يون" إلى تقديم التنازلات من أجل احتواء هذه الأزمة.
وتابع: "ربما سيجد نفسه مضطرًا في الساعات والأيام المقبلة إلى إقالة بعض الشخصيات في الحكومة، يأتي في المقدمة وزير الدفاع من أجل تسوية مع المعارضة".
ويرى "العشري" أنه سيكون لدى رئيس كوريا الجنوبية الرغبة في الحفاظ على وضعية الرئاسة بالبلاد، حتى ولو أدى الأمر إلى التضحية ببعض الشخصيات من أجل أن يستطيع نزع فتيل التوتر في الأيام المقبلة،
وأشار إلى أن رغبة الغالبية العظمى من المعارضة وكذلك الشارع، في أن يكون هناك بالفعل بحثًا عن وزير دفاع جديد.
وإجمالًا، على الرغم من عدول الرئيس الكوري الجنوبي عن تطبيق الأحكام العرفية، فإن المؤشرات ترجح أن الصدام الراهن وتسارع وتيرته خلال الساعات الماضية سوف يُلقي بظلاله على المشهد السياسي في البلاد، لا سيما في ظل إعلان المعارضة في كوريا الجنوبية أنها سوف تبدأ إجراءات عزل الرئيس، ما لم يتقدم باستقالته.