في عالم يعاني من تحديات بيئية واقتصادية متزايدة، تأتي المياه كعنصر حيوي تستند إليه حياة البشر ورفاههم، ومع ذلك، فإن الندرة المائية والتغيرات المناخية تضغطان بشدة على الموارد المائية العالمية.
ووسط هذه التحديات، تنعقد قمة "المياه الواحدة" في الرياض، مساء الثلاثاء، لتكون منصة عالمية للتعاون والعمل المشترك في سبيل تحقيق إدارة مستدامة للمياه، استغلالًا لتجمع قادة العالم وخبرائه لإطلاق مبادرات وحلول مبتكرة تعيد تشكيل مستقبل الموارد المائية.
قمة عالمية
وانطلقت قمة "المياه الواحدة" بالرياض، برئاسة كل من المملكة العربية السعودية وفرنسا وكازاخستان ورئيس البنك الدولي، بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف، وملك المغرب محمد الخامس، وعدد من الوزراء والمسؤولين، في أكبر حدث عالمي لتطوير التعاون في مجال المياه، بهدف معالجة تحدياتها من خلال استراتيجيات شمولية وتكاملية، تتضمن تبادل الخبرات والابتكارات.
وقال الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، خلال كلمته بافتتاح القمة، إن بلاده ساهمت بمبلغ 6 مليارات دولار لدعم 200 مشروع متعلق بالمياه في أكثر من 60 دولة نامية حول العالم، تأكيدًا للدور الدولي الرائد للسعودية في مواجهة تحديات المياه بجميع أنحاء العالم والتزامها بقضايا البيئة المستدامة.
وأشار ولي العهد السعودي إلى أن العالم يواجه مشكلات مائية متزايدة في ظل ارتفاع مستويات الجفاف، مؤكدًا أن ندرة المياه ستؤدي إلى أزمات عدة، مثل التصحر، الأمر الذي قد يهدد حياة البشر والمجتمعات.
وشدد على ضرورة العمل المشترك لوضع الخطط الكفيلة بضمان استدامة مصادر المياه، مشيرًا إلى أن السعودية تستعد لاستضافة الدورة الحادية عشرة للمنتدى العالمي للمياه في عام 2027 بالتعاون مع مجلس المياه العالمي، حيث أنشأ المجلس بالفعل مقره العالمي في الرياض؛ بهدف تطوير وتكامل الجهود الدولية لمواجهة التحديات بشكل أكثر شمولية.
وذكر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أن قمة "المياه الواحدة" تنعقد في الوقت الذي تستضيف فيه السعودية الدورة السادسة عشرة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر.
مبادرات دولية
أعلن ولي العهد السعودي تأسيس منظمة عالمية للمياه، تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي وتطوير حلول مبتكرة للتحديات المائية، ما يتسق مع جهود المجتمع الدولي في مواجهة التصحر والجفاف، وأزمات الري والصرف الصحي وحفر الآبار.
ووفقًا لتقديرات البنك الدولي، تؤدي أزمات المياه، كالجفاف والفيضانات، إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 10% في الدول المتقدمة، و30% في الدول النامية بحلول عام 2050.
أشار يوهان روكستروم، رئيس اللجنة العالمية لاقتصاديات المياه، إلى دور الأنشطة البشرية في التأثير على الموارد المائية، مشددًا على أهمية التوازن بين "المياه الزرقاء" و"المياه الخضراء".
كما تطرق إلى مفهوم "النهر الجوي"، الذي يُسهم في تدفق نصف أمطار العالم، مؤكدًا ضرورة التعاون الدولي لمواجهة تغيراته.
الاستدامة المائية
شدّدت القمة على أهمية تعزيز الابتكار والتقنيات الحديثة، مثل أنظمة الري الموفرة للمياه وتحلية المياه، لضمان استدامة الموارد المائية، ودعت إلى تطوير بنية تحتية مائية مستدامة وتعزيز الشراكات الدولية، إذ أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف على ضرورة معالجة التحديات بشكل جماعي لضمان الأمن المائي.
تشكل قمة "المياه الواحدة" نقطة تحول في الجهود الدولية لمواجهة أزمة المياه العالمية. من خلال توحيد الرؤى وتنسيق الجهود، تسعى هذه القمة إلى تقديم حلول عملية ومستدامة، تؤسس لمستقبل أفضل للموارد المائية، باعتبارها الأساس لاستدامة البشرية والبيئة.