اعتمدت على الكوميديا السوداء لأنها تشبهني وقريبة من الجمهور العربي
أظهرنا موقف السوريين وبحثهم الدائم عن الحرية والكرامة
يملك المخرج السوري جود سعيد أسلوبًا خاصًا وفريدًا في سرد واقع بلاده المؤلم من خلال الكوميديا السوداء، ما جعله واحدًا من أهم المخرجين السوريين في الوطن العربي، إذ يحرص على نقل معاناة شعبه بشكل قريب للجمهور، وطرح رسائله من خلال الكوميديا السوداء، وهذا ما حدث في آخر أعماله السينمائية "سلمى" من بطولة الفنانة السورية سلاف فواخرجي، الذي عُرِض أخيرًا في مسابقة الأفلام الطويلة ضمن فعاليات النسخة الـ45 من مهرجان القاهرة السينمائي.
الفيلم الذي دارت أحداثه حول امرأة وحيدة تبحث عن زوجها، قال عنه مخرجه جود سعيد لموقع "القاهرة الإخبارية": "حرصت في هذا الفيلم على تقديم امرأة من الطبقة الفقيرة وتسليط الضوء على معاناة هؤلاء الناس وطموحهم وأحلامهم، وبعد أن حدث الزلزال في سوريا استطعت استخدامه لتقديم حكاية تقارب الواقع الاجتماعي السوري، مُحاولًا إظهار الأمل من خلال شخصية سلمى التي جسدتها سولاف فواخرجي".
وأضاف: "بدأت كتابة الفيلم بعد الزلزال تقريبًا واستغرقت نحو 3 أشهر، ثم صورنا في صيف 2023، ليكون عرضه الأول في النسخة الـ45 لمهرجان القاهرة السينمائي، وبالتالي أشعر بالفخر بهذه الخطوة لأنه من أعرق وأهم المهرجانات في الشرق الأوسط وأعتبره بيتي الثاني وشاركت فيه أكثر من مرة ولكن هذه المرة مختلفة لأنها تجربة مميزة بالنسبة لي".
الكرامة والحرية
أشار مخرج فيلم "سلمى"، إلى أنَّه حاول من خلال هذا العمل تسليط الضوء على معاناة السوريين، قائلًا: "أردت من خلال هذا الفيلم التعبير عمَّا أشعر به وأترك للمشاهد استيعاب رسائله المختلفة حسب ثقافته ومعرفته، ومن خلال شخصية سلمى وباقي شخصيات العمل نتحدث عن منطقة سورية تم حرمانها من خدمات الحياة، وفي نفس الوقت متهمة بأشياء كثيرة سياسيًا، لذا حاولت الدفاع عن هؤلاء البشر، وإظهار معاناتهم كسوريين لهم موقف إنساني حقيقي لما يحدث في الحياة، خاصة أنَّهم يبحثون عن الكرامة والأمن والحرية".
وأضاف: "السبب وراء استخدام الكوميديا السوداء في العمل هو أنه أسلوب يشبهني واعتدت عليه في أعمالي، كي أقدم القضايا بشكل أبسط في ظل الرقابة".
أصعب الشخصيات
أكد المخرج السوري أنَّ اختيار الشخصيات جاء عن طريق إحساسه بمَن سيكون الأنسب لتقديم الدور، موضحًا: "معظم أبطال العمل تعاونت معهم من قبل وتربطنا علاقة قوية، ولكن هذا العمل اعتمدت فيه على إحساسي حتى يتم تقديم الأدوار بالشكل المناسب، وكانت من أصعب الشخصيات في كتابتها هي شخصية الفنان الراحل عبد اللطيف عبد الحميد، لأنها كانت مليئة بالتفاصيل وتندرج تحت إطار السهل الممتنع، ولكن معرفة الراحل بالشخصية وبيئتها ساعدني كثيرًا في تقديمها بالشكل المناسب".
وأضاف: "أما بالنسبة لأصعب المشاهد في العمل فكان مشهد تجمع العائلات في انتظار مخطوفيها، فكان هذا المشهد في وسط البلد وبالتالي تنفيذه وتحضيره استغرق وقتًا ومجهودًا".
أجر سلاف فواخرجي
وأشاد "سعيد" بتعاونه مع بطلة العمل سلاف فواخرجي، قائلًا: "العمل معها ثري وممتع، فهي ممثلة رائعة على المستويين الفني والإنساني وتعاونت معها من قبل، وفي هذا العمل رفضت أن تتقاضى أجرها وساهمت في العمل إنتاجيًا، حُبًّا في تقديم عمل يساهم في كشف معاناة السوريين ويحاول تسليط الضوء على تساؤلاتهم".
واختتم: "لا بد أنْ يكون للمرأة مساحة حقيقية للتعبير عن ذاتها في مجتمعاتنا العربية، فهي مَن يضع اللبنة الأولى للأجيال، لذا حاولت من خلال فيلمي تسليط الضوء على معاناة السوريين من خلال شخصية امرأة (سلمى)، وتقديمها بشكل المرأة العربية الحقيقية التي تتصف بالكرامة والتحمل والقوة".