الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تقديرات مقلقة.. خطة ترامب الجمركية تهدد أسعار الغذاء والوقود

  • مشاركة :
post-title
صورة تعبيرية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

زعمت صحيفة واشنطن بوست، أن الولايات المتحدة تقف على أعتاب أزمة اقتصادية محتملة، بعد إعلان الرئيس المنتخب دونالد ترامب عزمه فرض تعريفات جمركية شاملة على الواردات من المكسيك وكندا والصين، ما اعتبرته الصحيفة الأمريكية،تقويضا لجهود كبح التضخم ورفع أسعار السلع الأساسية بشكل حاد؛ ما يهدد بإثقال كاهل المستهلك الأمريكي الذي بدأ للتو يشعر بتحسن طفيف في القدرة الشرائية.

موجة تضخم مرتقبة

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن التضخم الذي كان أحد الأسباب الرئيسية وراء فوز ترامب في انتخابات 5 نوفمبر، قد يتفاقم بشكل كبير نتيجة سياساته المقترحة، إذ يشير خبراء الاقتصاد إلى أن التعريفة الجمركية المقترحة بنسبة 25% ستؤدي حتمًا إلى ارتفاع حاد في أسعار مجموعة واسعة من السلع الأساسية، بدءًا من المواد الغذائية وصولًا إلى السيارات والوقود.

ويأتي هذا التهديد في وقت حساس، حيث لا تزال الأسر الأمريكية تتعافى من موجة تضخم حادة أعقبت جائحة كورونا، أدت إلى ارتفاع تكاليف المعيشة الأساسية بنسبة تجاوزت 20% خلال السنوات الأربع الماضية.

هذه الزيادة في الأسعار، التي شملت السيارات الجديدة والمواد الغذائية والمرافق والإسكان، فاقت بكثير الزيادات في الأجور خلال نفس الفترة؛ مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية للمواطنين.

تأثير مباشر على الغاز والغذاء

تحذر واشنطن بوست من أن قطاعي الطاقة والغذاء سيكونان من أكثر القطاعات تأثرًا بالتعريفات الجمركية الجديدة التي يعتزم الرئيس المنتخب دونالد ترامب فرضها، إذ إن كندا، التي تزود الولايات المتحدة بنحو 99% من وارداتها من الغاز الطبيعي، ستخضع لتعريفة جمركية بنسبة 25%، مما قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار الطاقة وتكاليف التدفئة للمنازل الأمريكية.

وفي الوقت نفسه، تعتمد الولايات المتحدة بشكل كبير على المكسيك في استيراد المواد الغذائية الأساسية، خاصة اللحوم والفواكه والخضروات.

ويظهر هذا الاعتماد جليًا في قصة عائلة ليدا من تكساس، التي تنفق حوالي 300 دولار شهريًا على البقالة و200 دولار إضافية على اللحوم، حيث أكد جيمس ليدا أن معظم المنتجات الغذائية التي يشترونها من المتجر المحلي مصدرها المكسيك.

وأدى هذا الوضع بالفعل إلى تغيير عادات التسوق لدى العائلات الأمريكية، إذ بدأت في البحث عن بدائل وطرق للتوفير، مثل الاشتراك في متاجر الجملة وزيادة الطهي المنزلي، في محاولة للتكيف مع الارتفاع المتوقع في الأسعار.

ويشير خبراء الاقتصاد إلى أن هذا الارتفاع في أسعار السلع الأساسية، سيؤثر بشكل غير متناسب على الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط، التي تنفق نسبة أكبر من دخلها على الغذاء والطاقة.

تحذيرات المؤسسات المالية

تكشف الصحيفة عن تقديرات مقلقة من كبرى المؤسسات المالية العالمية، إذ يتوقع بنك دويتشه ارتفاع معدل التضخم من مستواه الحالي البالغ 2.8% إلى 3.9% في العام المقبل إذا تم تطبيق التعريفات الجديدة.

وتشير الدراسات التي أجرتها مؤسسة تاكس فاونديشن إلى أن هذه السياسة قد تؤدي إلى انكماش في الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بنسبة 0.4%، مع فقدان ما يقرب من 345 ألف وظيفة.

وفي تحليل معمق للوضع، يقول أليكس دورانتي، الخبير الاقتصادي في مؤسسة تاكس فاونديشن: "التعريفات الجمركية تجعل السلع أكثر تكلفة، وتقلص الاقتصاد، وتجعل الناس أكثر فقرًا"، مضيفًا أن هذه النتيجة تتناقض بشكل صارخ مع الأسباب التي دفعت الناخبين لاختيار ترامب، حيث كان استياؤهم من التضخم عاملًا حاسمًا في قرارهم.

اضطراب في سلاسل التوريد

تسلط الصحيفة الضوء على التداعيات العميقة للقرار على سلاسل التوريد والشركات الأمريكية.

فالمكسيك وكندا، اللتان كانتا معفيتين إلى حد كبير من التعريفات الجمركية بموجب اتفاقية تجارية، تم التفاوض عليها خلال فترة رئاسة ترامب الأولى، أصبحتا وجهة مفضلة للشركات الكبرى التي تسعى لنقل عملياتها التصنيعية قرب الولايات المتحدة.

شركات عملاقة مثل ويرلبول وهانيويل إيروسبيس وجنرال موتورز استثمرت ملايين الدولارات لتوسيع إنتاجها في المكسيك منذ الجائحة، في حين أن كندا تزود الولايات المتحدة بـ 99% من وارداتها من الغاز الطبيعي.

معاناة قطاع الأعمال

وتعرض الصحيفة الأمريكية نماذج حية لتأثير هذه السياسات على أصحاب الأعمال الصغيرة والمستهلكين العاديين، إذ إن فيليب كول، الشريك المؤسس لشركة بيسو تي في تورونتو، يقول إنه "مضطرب ويستعد للأسوأ"، مشيرًا إلى أنه سيضطر لامتصاص جزء من التكلفة، لكن نسبة 25% "هائلة"، وستؤدي حتمًا إلى ارتفاع الأسعار للجميع.

وفي خطوة لافتة، يفكر "كول" في إعادة توجيه تركيزه نحو أوروبا وبريطانيا، حيث يأمل في مناخ تجاري أكثر استقرارًا.

وفي مينيسوتا، تعبر هيذر بيترسون، مالكة متجر ملابس، عن مخاوفها من صعوبة الاستمرار في العمل، إذ إن معظم منتجات متجرها -من القبعات البيسبول التي تباع بـ 16 دولارًا إلى الجينز بسعر 78 دولارًا- مصنوعة في الصين، وأي زيادة في الأسعار ستجعلها بعيدة المنال عن متناول العمال ذوي الياقات الزرقاء في المنطقة.

وتختتم الصحيفة بقصة معبرة عن جيمس وكايلي ليدا من جورجتاون، تكساس، اللذين بدآ بالفعل في اتخاذ إجراءات وقائية لمواجهة الارتفاع المتوقع في الأسعار.إذ إن الزوجين، اللذين يطمحان لشراء منزل، وجدا أنفسهما مضطرين لتغيير عاداتهما الاستهلاكية، فاشتركا في طهي المزيد من الوجبات في المنزل، ويقول جيمس، البالغ من العمر 40 عامًا: "كنت قد بدأت للتو في ملاحظة انخفاض الأسعار، والآن، ها نحن نعود إلى نقطة البداية مرة أخرى".