تصاعدت أزمة ضريبة الميراث في بريطانيا، مع تجمع مئات المزارعين في دوفر يقودون جرارات، احتجاجًا على استمرار حكومة العمال في خطوات إقرارها، إذ طالبوا بإسقاط الضريبة وتنفيذ تدابير أخرى لحماية الصناعة، بما في ذلك حماية المنتجات البريطانية.
الاحتجاج جاء بعد أسبوع من خروج أكثر من 10 ألاف مزارع إلى شوارع وستمنستر للاحتجاج على التغييرات المُدخلة على الميزانية، والتي تنص على خضوع المَزارع التي تزيد قيمتها على مليون جنيه إسترليني لضريبة ميراث بنسبة 20%.
وابتداء من أبريل 2026، ستواجه المزارع التي تبلغ قيمتها أكثر من مليون جنيه إسترليني (1.3 مليون دولار) ضريبة 20% عندما يموت المالك، وتنتقل إلى الجيل التالي.
وبموجب التعديلات المعلنة في ميزانية الشهر الماضي، سيتم إلغاء الإعفاء الضريبي الذي كان يُمنح للمنشآت الزراعية من ضريبة الميراث، وترى حكومة ستارمر أن أغلبية كبيرة من المزارع (نحو 75% منها) لن تتأثر.
وعلى النقيض من ذلك، صرحت نقابة المزارعين بأن أكثر من 60% من المزارع العاملة يمكن أن تخضع الضريبة، مضيفة أنه على الرغم من أن قيمة المزارع كبيرة على الورق، فإن الأرباح غالبًا ما تكون ضئيلة.
عودة احتجاجات الجرارات
ورفع المزارعون المحتجون لافتات على الجرارات، في أثناء دخولهم المدينة الساحلية، كُتب عليها: "ادعموا الزراعة البريطانية"، وأخرى تحمل عبارة "لا مزارعين.. لا طعام، لا مستقبل"، وأظهر مقطع فيديو جرارات تحتل حارتين من الطريق الرئيسي احتجاجًا على التباطؤ.
ووفقًا لصحيفة "ذا تليجراف" البريطانية، قالت منظمة Save British Farming (SBF)، التي نظمت الاحتجاج، إن "رئيس الوزراء كير ستارمر، وزيرة المالية راشيل ريفز، خانا المزارعين بميزانيتهم الكارثية التي قدمت كوكتيل سامًا وضربة قوية للزراعة".
وأعلنت ليز ويبستر، مؤسِسة المنظمة، أن "المزارعين سيستمرون بدءًا من أمس (الأربعاء) في تنظيم المَسِيرات" للمطالبة بإسقاط الضريبة وتنفيذ تدابير أخرى لحماية الصناعة، بما في ذلك حماية المنتجات البريطانية.
وقال الناشطون إن التغييرات ستجبر المزارع العائلية على دفع فواتير الضرائب، ما يقوض الصناعة ويهدد الأمن الغذائي.
وذكر جاريث وين جونز، أحد المزارعين في شمال ويلز: "بينما يقف رئيس وزرائنا في لندن للدفاع عن ضريبة الميراث الزراعية، يتجمع المزارعون في الجنوب معًا لإظهار إحباطهم وغضبهم تجاه الطريقة التي عوملوا بها".
تقديرات خاطئة
وحذر خبير بارز من أن الضريبة التي فرضتها "ريفز" ستؤثر على خمسة أضعاف عدد المزارعين الذين زعمت تأثرهم.
وقالت الرابطة المركزية لمقيّمي الزراعة، إن تحليل وزارة الخزانة الذي يزعم أن التغييرات التي أجرتها وزيرة المالية على الإعفاء الزراعي من ضريبة الميراث ستؤثر على 500 مزارع فقط كل عام "خاطئ"، لأنهم لم يفهموا وضع الصناعة بشكل صحيح.
ويتوقع جيريمي مودي، مستشار الرابطة، أن الإجراءات ستؤثر في الواقع على 2500 مزارع كل عام، أي خمسة أضعاف تقديرات وزارة الخزانة.
وأضاف: "إنهم مخطئون لأنهم يعملون على صورة غير مكتملة.. 75 ألف مزرعة سوف تتأثر بهذه التغييرات على مدى جيل كامل".
الحكومة تدافع
وفي المقابل، دافعت الحكومة عن تغييراتها الضريبية ضد الاتهامات بأنها "قللت من تقدير عدد المزارع التي ستتأثر بالضرائب".
وقال متحدث باسم الحكومة: "إن التزامنا تجاه مزارعينا ثابت، لقد خصصنا 5 مليارات جنيه إسترليني لميزانية الزراعة على مدى عامين، بما في ذلك أموال أكثر من أي وقت مضى لإنتاج الغذاء المستدام، ونحن نعمل على تطوير خارطة طريق زراعية مدتها 25 عامًا، مع التركيز على كيفية جعل القطاع أكثر ربحية في العقود المقبلة".
وأضاف: "أوضحنا منذ الإعلان عن هذا التغيير أن نحو 500 مطالبة بإعفاء الممتلكات الزراعية والتجارية كل عام ستتأثر، وهذا يعتمد على بيانات المطالبات الفعلية".
وتابع: "ليس من الممكن استنتاج نتائج ضريبة الميراث بدقة من أرقام صافي القيمة الزراعية، إذ توجد ظروف مختلفة تؤثر على كل مزرعة، مثل من يملكها، وطبيعة الملكية، وعدد الأشخاص الذين يمتلكونها وكيف يتم التخطيط للشؤون."
وعقد "ستارمر" اجتماعًا مع رئيس الاتحاد الوطني للمزارعين الاثنين الماضي، وقيل إن رئيس الوزراء تبنى لهجة أكثر تصالحية بشأن التغييرات.