في مشهد يوحي شيئًا ما باستقرار الأوضاع في لبنان، عاد آموس هوكستاين، المبعوث الأمريكي، إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، بعد جولته داخل لبنان وإسرائيل؛ من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار، وقبل نحو ساعات لاح ضوء خافت في آخر النفق المظلم، إذ إنّ موقع "أكسيوس" نشر نقلًا عن مسؤول أمريكي باقتراب وقف إطلاق النار في لبنان، ومع ذلك بدا التفاؤل الظاهري الذي يرافق الجهود الدبلوماسية التي يقودها "هوكستاين"، يتعارض مع أرض الواقع التي تشير إلى تحديات ضخمة قد تجعل من الاتفاقات مجرد ورقة بلا تطبيق، وجولة مفاوضات مفخخة بها الكثير من النقاط، ومن الممكن العودة إلى نقطة الصفر مرة أخرى.
الاتفاق المبدئي، الذي يبدو وكأنه اتفاق غير مباشر بين حزب الله وإسرائيل برعاية أمريكية بحسب صحيفة "هآرتس"، يحمل في طياته صياغات غامضة ومفخخة، أبرز تلك الصياغات، ما يتعلق بـ "حق الدفاع عن النفس"، إذ توافق الأطراف على صيغة مرنة تعترف بحق إسرائيل في الرد على الانتهاكات، ولكنها تقيد هذه الردود بآليات تخضع لموافقة لجنة مراقبة دولية.
العودة لنقطة الصفر
وفي هذا السياق، قال الدكتور حامد فارس، أستاذ العلاقات الدولية المصري، إنَّ جولة المفاوضات بشأن لبنان مفخخة؛ لأنها تضم الكثير من النقاط التي من الممكن أن تؤدي لتفجير المفاوضات والعودة إلى نقطة الصفر مرة أخرى.
وأضاف "فارس" خلال حديثه لـ "القاهرة الإخبارية" أنّ هناك عوامل أخرى ونقاطًا رئيسية قد تدفع دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى وقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية وتفعيل هدنة، أبرزها تكبد تل أبيب خسائر ضخمة، فضلًا عن الضغوط الأمريكية التي تمارس على الاحتلال، بالإضافة إلى قرار الجنائية الدولية باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت.
واستبعد أستاذ العلاقات الدولية تطبيق "قرار 1701" الذي صدر منذ عام 2006 كما هو منصوص عليه، لأن القرار مرتبط بنزع سلاح حزب الله اللبناني وأن يكون الجيش اللبناني بديلًا، الأمر الذي لن يقبل به حزب الله.
ويرى "فارس" أنَّ عوامل الوصول إلى تفاهمات حقيقية تُفضي لوقف إطلاق النار داخل لبنان مرتبطة بجبهتين رئيسيتين، أولاهما وقف الانتهاكات داخل قطاع غزة، والجبهة الأخرى التي لم تغلق حتى الآن التصعيد "الإسرائيلي - الإيراني" المتوقع انفجاره.
نزيف الدم اللبناني
تطورات الوضع في لبنان وجهود وقف العدوان الإسرائيلي موضوعات ملحة كانت حاضرة بطبيعة الحال على مائدة مفاوضات جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، مع كل من رئيس حكومة تسيير الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وتعد حلقة في سلسلة الجهود الدولية المبذولة لوقف نزيف الدم اللبناني.
وعن ازدياد وتيرة في الصراع الفترة الأخيرة، يقول الدكتور إحسان الخطيب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة موري ستيت الأمريكية، أنه غير متفائل ويربط وجهة نظره بالموقف الأمريكي المتخاذل المرتبط بتحقيق مصالح واشنطن وتل أبيب.
وأضح أنَّ الموقف الأمريكي يأمل في التوصل إلى وقف إطلاق النار، لكنه لا يرغب في الضغط على إسرائيل، بالإضافة إلى أن أمريكا تفتقد إلى القيادة خلال هذه المرحلة، خصوصًا أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، يرضخ لرغبات نتنياهو، الأمر الذي أسفر عن الكثير من سفك الدماء وارتكاب الانتهاكات.
وأشار - في السياق ذاته- إلى أنَّ جولة المبعوث الأمريكي آموس هوكستاين، تتعارض مع جنون الغطرسة الإسرائيلية؛ بسبب غياب الضغط الأمريكي المؤثر والذي يعتبر المشكلة الأساسية في عدم إنهاء الصراع على أرض الواقع.