ينتظر المستوطنون واليمين المتطرف بإسرائيل، دعم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، لمخطط "ضم الضفة المحتلة" إلى دولة الاحتلال، بعد التوسع القياسي في النشاط الاستيطاني الإسرائيلي.
ونقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" تقريرًا عن وكالة "رويترز"، جاء فيه أنَّ الضفة الغربية شهدت تحولًا كبيرًا نتيجة النمو السريع للمستوطنات منذ عودة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الحكومة عبر ائتلاف يميني متطرف قبل عامين، مشيرًا إلى تصاعد عنف المستوطنين ضد أصحاب الأرض الفلسطينيين، ما أدى إلى فرض عقوبات أمريكية على نشطاء الاستيطان.
ولفت التقرير إلى انتشار أعلام دولة الاحتلال على قمم التلال في الضفة الغربية، في الأسابيع الأخيرة، ما يعزز مخاوف الفلسطينيين المحليين بشأن سيطرة المستوطنين بشكل أكبر على أراضيهم.
فرحة المستوطنين بفوز ترامب
ونقلت "رويترز" تعليق المستوطن الإسرائيلي يسرائيل ميداد، الذي يؤيد ضم إسرائيل للضفة الغربية المحتلة، عن فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة: "لدينا آمال كبيرة.. نحن متفائلون إلى حد ما".
ولفتت الوكالة إلى احتفال المستوطنين بترشيح ترامب لمجموعة من المسؤولين المعروفين بآرائهم المؤيدة لإسرائيل، ومن بينهم السفير مايك هاكابي، وهو مسيحي إنجيلي قال إنَّ الضفة الغربية ليست تحت الاحتلال ويفضل مصطلح "المجتمعات" على "المستوطنات".
وقال التقرير إنَّه على مدى الشهر الماضي، دفع وزراء حكومة الاحتلال والمستوطنون الذين أقاموا علاقات مع اليمين المسيحي في الولايات المتحدة، بشكل متزايد بفكرة "استعادة السيادة" على الضفة الغربية المحتلة، أو الضم الفعلي.
وذكر التقرير أن "الضم" من شأنه أن يدفن الآمال في حلِّ الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، كما من شأنه أن يعقد الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب على غزة ولبنان.
ونقلت "رويترز" تصريحات وزير المالية اليميني المتطرف في حكومة الإحتلال بتسئيل سموتريتش، وهو من أشد مؤيدى الاستيطان، الأسبوع الماضي، أنه يأمل أن تتمكن إسرائيل من ضم الضفة الغربية في وقت مبكر من العام المقبل، بدعم من إدارة ترامب.
وقال يسرائيل جانتس، رئيس مجلس "يشع" الذي يجمع تحت مظلته مجالس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، إنه يأمل في أن "تسمح إدارة ترامب للحكومة الإسرائيلية بالمضي قدمًا في خطط ضم الضفة الغربية".
وتحدث تقرير "رويترز" عن توسعات بمستوطنتي شيلو وعيلي بالقرب من وسط الضفة الغربية المحتلة، ما جعل القرى الفلسطينية محاصرة، كما قال الفلسطيني بشار القريوتي من قرية قريوت المجاورة، والذي تحدث عن زيادة في أعداد المستوطنين الذين يمضون في أعمال البناء دون انتظار صدور الأوراق الرسمية من الحكومة الإسرائيلية، وهي زيادة أشارت إليها أيضًا منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية المناهضة للاستيطان.
وقال القريوتي لـ"رويترز"، عبر الهاتف: "هذا ما يحدث على الأرض.. مناطق في وسط الضفة الغربية أصبحت الآن تحت سيطرة المستوطنين".
وأضاف: "المستوطنون فعليًا ينفذون خطة الضم على أرض الواقع، وبعد 7 أكتوبر 2023، تمت السيطرة على جميع الأراضي ما بين شيلو وعيلي.. القرى الفلسطينية وسط الضفة الغربية أصبحت موجودة وسط جزيرة استيطانية".
وتابع: "اليوم كل المناطق (سي) وسط الضفة الغربية أصبحت تحت سيطرة المستوطنين".
توسع قياسي للاستيطان
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية في عام 1967، وتعتبر أغلب الدول المنطقة أرضًا محتلة، وتعتبر المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، وهو الموقف الذي أيدته محكمة العدل العليا التابعة للأمم المتحدة في يوليو.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو 750 ألف فلسطيني نزحوا عن ديارهم مع إنشاء دولة الاحتلال المزعومة عام 1948، ويطالب الفلسطينيون بالضفة الغربية باعتبارها نواة لدولة مستقلة في المستقبل، إلى جانب قطاع غزة المطل على البحر الأبيض المتوسط إلى الجنوب.
لكن انتشار المستوطنات اليهودية، التي تزايدت بشكل كبير في أنحاء الضفة الغربية المحتلة منذ توقيع اتفاقية أوسلو للسلام قبل 30 عامًا، أدى إلى تحول جذري في المنطقة.
وبلغ معدل بناء المستوطنات في الضفة الغربية مستويات غير مسبوقة عام 2023، ومنذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر العام الماضي، أدت سلسلة من الطرق الجديدة وأعمال الحفر والتمهيد إلى تغيير واضح في مظهر سفوح التلال في أنحاء المنطقة.
وفي الوقت نفسه، تصاعدت أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون المتطرفون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك حول مستوطنة شيلو، ما أثار تنديدات دولية وعقوبات أمريكية وأوروبية -أحدثها الأسبوع الماضي- على مستوطنين اضطلعوا بدور كبير في هذه الأفعال.
وفي عام 2024، تم إعلان ما يقرب من 6 آلاف فدان أراضي تابعة لدولة الاحتلال، وهو تصنيف يسهِّل بناء المستوطنات. وقالت منظمة "السلام الآن" في تقرير صدر في أكتوبر، إنّ هذا يمثل "أكبر توسع سنوي مسجل"، ويعادل نصف إجمالي المناطق التي تم إعلانها أراضي تابعة لدولة الاحتلال في العقود الثلاثة الماضية.
وذكرت المنظمة في تقرير منفصل، إنه تم إنشاء ما لا يقل عن 43 بؤرة استيطانية جديدة خلال العام الماضي، مقارنة بمتوسط أقل من 7 بؤر استيطانية سنويًا منذ عام 1996.
وغالبًا ما تكون المواقع الاستيطانية تابعة لمستوطنات قائمة على قمم التلال القريبة، ما يسمح للموقع الأصلي بالتوسع، وتزود بطرق جديدة تمتد لكيلومترات وغير ذلك من مرافق البنية التحتية.
وقال مجلس يشع إن ما يقرب من 70 من هذه المواقع، التي غالبًا ما تقام مخالفة للقانون الإسرائيلي، حصل على دعم حكومي هذا العام.
وقالت زيف شتال، المديرة التنفيذية لمنظمة "ييش دين"، وهي منظمة إسرائيلية أخرى تتابع الاستيطان: "إنها فكرة ذكية.. إنهم لا يسنون تشريعًا الآن قائلين إننا نضم الضفة الغربية، بل ينفذون ذلك فحسب".