بينما تسعى إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن، إلى تذليل العقبات أمام اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار في لبنان، يكثف جيش الاحتلال الإسرائيلي القصف على الضاحية الجنوبية لبيروت، ويمضي قدمًا في سياسة الاغتيالات لقيادات حزب الله.
قصف بيروت
وشنَّ طيران جيش الاحتلال الإسرائيلي غارة جوية، اليوم السبت، على البسطة وسط العاصمة اللبنانية بيروت، أسفرت عن تدمير مبنى سكني مؤلف من 8 طوابق في شارع المأمون بالمنطقة.
وأفادت وكالة الأنباء اللبنانية، بأن أربعة صواريخ على الأقل أُطلقت في هجوم جوي على وسط بيروت، مع مواصلة إسرائيل لحملتها العسكرية المُكثّفة على حزب الله اللبناني.
وأكدت وزارة الصحة اللبنانية، أنّ الغارة الإسرائيلية على منطقة البسطة في بيروت أسفرت عن استشهاد 11 شخصًا، وأكثر من 60 مصابًا.
استهداف قادة حزب الله
وذكرت صحيفة" جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، أن الغارة على البسطة استهدفت مسؤول التخطيط الأمني في حزب الله محمد حيدر.
وقالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إن المستهدف في الغارة الجوية التي نُفِّذت على مبني سكني وسط بيروت، القيادي في حزب الله طلال حمية.
وأفادت الصحيفة بأنّ حزب الله عيَّن "حمية" رئيسًا للعمليات، خلفًا لإبراهيم عقيل، الذي اغتالته إسرائيل في 20 سبتمبر الماضي.
وتهد هذه المرة الرابعة التي يطول فيها القصف الإسرائيلي العاصمة خلال أيام قليلة، ففي الأسبوع الماضي، أغارت طائرات الاحتلال على منطقة مار الياس، وقبلها على راس النبع، واغتالت المسؤول الإعلامي في حزب الله محمد عفيف، فضلًا عن منطقة زقاق البلاط التي تبعد عن مقر الحكومة والبرلمان نحو 500 متر، والكولا سابقًا.
ومنذ سبتمبر الماضي، صعَّد جيش الاحتلال غاراته على كل المناطق اللبنانية، لا سيما الجنوب والبقاع شرقًا، فضلًا عن ضاحية بيروت الجنوبية.
ونفَّذ الاحتلال عدة اغتيالات طالت العشرات من قادة حزب الله، على رأسهم أمينه العام حسن نصر الله في 27 سبتمبر، وخليفته هاشم صفي الدين في أكتوبر الماضي.
عقبات أمام التهدئة
ويواصل جيش الاحتلال القصف الكثيف على الضاحية الجنوبية لبيروت، واغتيال قيادات حزب الله، في حين يحاول المبعوث الأمريكي الخاص آموس هوكستاين، تذليل العقبات أمام التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان.
وأجرى المبعوث الأمريكي زيارة إلى لبنان وإسرائيل أخيرًا، في محاولة لتأمين وقف إطلاق النار، وأشار خلالها إلى إحراز تقدم بعد اجتماعات في بيروت، يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، قبل التوجه لإسرائيل للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه الجديد إسرائيل كاتس.
ملامح اتفاق التهدئة
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أمس الجمعة، عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، قولهم إن ملامح اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله" اللبناني بدأت تتشكل، مشيرة إلى أن العمل مستمر على آلية تنفيذ وتطبيق الاتفاق المحتمل.
وحسب الصحيفة، يتضمن الاتفاق المطروح الدعوة لهدنة 60 يومًا تنسحب خلالها القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، وينسحب مقاتلو "حزب الله" إلى شمال نهر الليطاني.
ويشمل الاتفاق أيضًا انتشار الجيش اللبناني وبعثة أممية لحفظ السلام في المنطقة الحدودية خلال فترة الهدنة، مع وضع آلية جديدة برئاسة الولايات المتحدة تضمن بقاء "حزب الله" وقوات الاحتلال الإسرائيلية خارج المنطقة الحدودية، وفق "نيويورك تايمز".
وكشفت "القناة 13" الإسرائيلية، بعض تفاصيل مسودة اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، ومن أهمها بند يتعلق بمنح جيش الاحتلال الإسرائيلي مهلة 60 يومًا لاستكمال انسحابه من جنوب لبنان، بعد دخول الاتفاق حيز التنفيذ والتزام الطرفين بتنفيذ قراري مجلس الأمن 1559 و1701.
كما تنص المسودة على أنه مع دخول الاتفاق حيز التنفيذ، فإن حزب الله وجميع الفصائل المسلحة في لبنان لن تهاجم إسرائيل، في مقابل تعهد إسرائيل بعدم تنفيذ عمليات داخل لبنان، بما يشمل أهدافًا مدنية وحكومية، ويكفل الاتفاق أيضًا منع تعزيز قدرات حزب الله في لبنان.
ويتضمن أيضًا ملحقًا إضافيًا بين إسرائيل والولايات المتحدة، يقدم ضمانات أمريكية بشأن دعم حرية العمل العسكري الإسرائيلي في لبنان، للردّ على أي تهديدات فورية تنتهك الاتفاق، كما يمهد هذا الاتفاق الطريق أمام مفاوضات مستقبلية غير مباشرة بشأن ترسيم الحدود البرية، إذ يدعو الطرفان الولايات المتحدة والمجتمع الدولي إلى دعم مفاوضات غير مباشرة بشأن ترسيم الحدود البرية، بهدف التوصل إلى تسوية دائمة تستند إلى الخط الأزرق.
وينص "ملحق الضمانات الأمريكية" بين تل أبيب وواشنطن، بحسب "القناة 13"، على حق إسرائيل في التحرك ضد التهديدات الفورية القادمة من لبنان، وضمان أمنها على الحدود الشمالية، والتزام الولايات المتحدة بمساعدة إسرائيل في الدفاع عن أمنها.
وأيضًا، تشير المسودة إلى أن الجيش اللبناني سينتشر في جميع المعابر البرية والبحرية، سواءً الرسمية منها أو غير الرسمية، مع إنشاء لجنة خاصة تحت قيادة الولايات المتحدة للإشراف على الانتهاكات المحتملة للاتفاق، وتشمل مهام اللجنة الإشراف على تفكيك مواقع الإرهاب وبناه التحتية فوق الأرض وتحتها".
وأشارت القناة العبرية إلى وجود نقاط لا تزال محل خلاف بين أطراف الاتفاق، أبرزها البند الذي يمنح إسرائيل حق التحرك ضد التهديدات الفورية من لبنان، بالإضافة إلى إشراف واشنطن على اللجنة المخصصة لمراقبة الانتهاكات، وهو ما يرفضه لبنان في ظل انحياز الولايات المتحدة الكامل لإسرائيل ودعمها المطلق لها.
وقالت مصادر عبرية، وفق صحيفة "إسرائيل اليوم"، إن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة، رفضها لمشاركة فرنسا في تنفيذ ومراقبة الاتفاق في لبنان، بسبب سياسة فرنسا المناهضة لإسرائيل.
من ناحية أخرى، قال مسؤول لبناني كبير، إن بلاده تسعى إلى إدخال تعديلات على مقترح أمريكي لوقف إطلاق النار من أجل ضمان انسحاب القوات الإسرائيلية بوتيرة أسرع من جنوب لبنان، ومنح كلا الطرفين الحق في الدفاع عن النفس.
وقال أمين عام حزب الله اللبناني نعيم قاسم، الأربعاء الماضي، إن نجاح المفاوضات يعتمد على رد إسرائيل وجدية نتنياهو، مشددًا على شرطين رئيسيين باعتبارهما "خطوطًا حمراء" في أي اتفاق، وهما الوقف الكامل للعدوان الإسرائيلي، والحفاظ على سيادة لبنان.