ترك الملحن والفنان المصري محمد رحيم فراغًا كبيرًا في عالم الموسيقى العربية، برحيله المفاجئ إثر إصابته بذبحة صدرية، فقد كان رمزًا للإبداع والتجديد الموسيقي، وشريكًا في نجاحات العديد من نجوم الوطن العربي، عبر رحلة استثنائية امتدت لأكثر من ربع قرن من الإبداع، انتهت بصدمة لجمهوره وزملائه، الذين نعوه بكلمات مؤثرة تُجسد عظمة موهبته وإنسانيته.
موهبة استثنائية
دخل "رحيم" عالم التلحين في سنٍّ مبكرة، إذ قدّم أول أعماله مع المطرب عمرو دياب في أغنية "وغلاوتك"، التي فتحت له أبواب الشهرة.
ولم يكن تجاوز العشرين من عمره عندما أبدع لحن أغنية "حبيبي ولا على باله" في ألبوم "أكتر واحد" عام 2001، والتي حصلت على جائزة "ميوزيك أوورد" العالمية، لتكون انطلاقته الكبرى في عالم الموسيقى.
رحلة التألق
لم يقتصر إبداع محمد رحيم على عمل واحد، بل شكّل نقطة تحول في مسيرة العديد من الفنانين، إذ تعاون مع كبار نجوم الوطن العربي مثل: عمرو دياب الذي قدم معه أغاني خالدة مثل "كل حياتي"، و"لو عشقاني"، و"دايمًا في بالي"، وشيرين عبد الوهاب إذ أبدع في ألحان "مشاعر"، و"صبري قليل"، و"الوتر الحساس"، ومحمد منير، فترك بصمته في أغنية "يونس"، التي أصبحت إحدى أبرز أعمال الكينج، وأغنية "قلبي ما يشبهنيش"، فضلًا عن محمد حماقي وتامر حسني وحميد الشاعري ومحمد فؤاد ومحمد محيي وعدد كبير من نجوم الوطن العربي مثل نوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، وإليسا وغيرهم، ليُصبح اسمه مرادفًا للجودة والإبداع الموسيقي.
قصة نجاح ملهمة
كانت بدايات رحيم عبر موقف جمعه بالموزع الموسيقي الليبي حميد الشاعري في كلية التربية الموسيقية بمصر وعرض عليه بعض أعماله، وبعد إصرارٍ من جانبه وشغفٍ واضحٍ، حصل على فرصته الذهبية عندما أُعجب عمرو دياب بلحنه في أول لقاء بينهما، لتكون هذه بدايته المميزة كأحد أبرز الملحنين في العالم العربي.
تميزت ألحانه بنقل الهوية الموسيقية العربية إلى العالمية، إذ تم تحويل العديد من أعماله إلى لغات أجنبية، ما ساهم في نشر الثقافة العربية حول العالم.
اعتراف عالمي بموهبته
حصد محمد رحيم العديد من الجوائز المرموقة خلال مسيرته، فكان أول مصري وعربي يحصل على درع التكريم الماسي من جمعية المؤلفين والمبدعين الفرنسية (SACEM)، إلى جانب شهادة الاحتراف الدولية كعضو دائم منذ عام 2016.
هذه الجوائز أكدت مكانته كأحد أعظم الملحنين في العصر الحديث، كما حصدت أغنيته "حبيبي ولا على باله" جائزة الميوزيك أورد العالمية.
اعتزال مؤقت
قبل شهور من وفاته، أعلن محمد رحيم اعتزاله الفن احتجاجًا على عدم تقديره في إحدى المناسبات الفنية الكبرى، ورغم أنه عاد بعد فترة قصيرة ليواصل إبداعه، لكن استياءه من التقدير الإعلامي والمؤسسي ظل يؤلمه.
وكشفت تصريحات المخرج ماندو العدل بعد رحيله عن إحساس بالظلم، إذ كتب على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي: "محمد مات من عدم التقدير.. كان دائمًا يشتكي من تجاهل إنجازاته".
إرث موسيقي خالد
رغم رحيله المبكر، يظل محمد رحيم حاضرًا في ذاكرة الموسيقى العربية بفضل إرثه الفني الذي سيبقى حيًا لأجيال قادمة، فأعماله المتميزة وشخصيته المتواضعة جعلته أحد أعمدة التلحين في العالم العربي، ورمزًا للفنان المبدع الذي يتجاوز حدود الزمان والمكان.
وأثار خبر وفاة محمد رحيم موجة من الحزن في الوسط الفني والجماهير، ونعاه كبار الفنانين مثل نانسي عجرم، وإليسا، ونوال الزغبي، الذين عبروا عن فقدانهم لشريك نجاحاتهم وصديقهم المخلص.