مشتاقة للعودة إلى الساحة المصرية وتربطني علاقة قوية بالجمهور والصنّاع
الهوية السورية بداخلنا وتعرّضت لانتقادات ببلدي منذ عام 2011 ولا ألتفت لها
رحيل الفنان عبد اللطيف عبد الحميد قبل عرض الفيلم كان له تأثير بالغ علينا
أبنائي يحبون التمثيل.. لكن كأم أرى أن التعليم أهم حاليًا
أجسّد أول ممثلة سورية في حقبة العشرينيات في " ليالي روكسي" رمضان المقبل
فخورة بحصولي على الجنسية الفلسطينية وتقديم فيلم عن القضية فكرة مطروحة
رحلة فنية تجمع بين عُمق الإبداع وجوهر القضايا الإنسانية، تبرز الفنانة السورية سُلاف فواخرجي كرمز للصمود والتعبير عن الهوية في ظل أصعب الظروف. ومن خلال أفلامها وأعمالها الدرامية، استطاعت أن تُلهم الملايين بقصص تعكس معاناة الواقع، كفيلمها "سلمى" الذي يُجسد رحلة البحث عن الهوية وسط ضباب الحرب السورية من خلال قصة مكافحة تبحث عن زوجها وتخوض صراعًا مع الحياة من أجل أبنائها.
في كل خطوة، تثبت "فواخرجي" أن الفن هو سلاح الإنسان للحفاظ على الكرامة، ورسالة خالدة للتغيير والمقاومة. وبين صراعها ضد الانتقادات ودعمها للقضايا العربية، من فلسطين إلى سوريا، تُعيد سولاف صياغة دور الفنان كصوت للمجتمع ومرآة لآلامه وآماله.
تحدثت "سُلاف" في حوارها مع موقع قناة "القاهرة الإخبارية" عن فيلمها "سلمى"، ومسلسلها الجديد " ليالي روكسي"، وحصولها على الجنسية الفلسطينية، ولحظات مؤثرة في حياتها ودعمها لأبنائها، وكيف تواجه الانتقادات وغيرها من التفاصيل في هذا الحوار:
أكدت "فواخرجي" أن فيلم "سلمى" عمل موجّه للناس ويعبّر عن الشعب السوري، قائلة: "لم نختر القصة بشكل اعتباطي، بل هي واحدة من قصصنا السورية الكثيرة. دائمًا نحاول أن نركّز على الناس، لأننا نقدم الأعمال لهم ومن أجلهم"، وأضافت: "الفيلم يتناول قصة امرأة مكافحة من المجتمع السوري تعيش حياتها بكل تفاصيلها، رغم صعوبة الظروف التي فرضتها الحرب والزلازل وتبعاتهما".
شخصية "سلمى" وتجسيد الواقع السوري
تحدثت "فواخرجي" عن شخصية "سلمى"، موضحةً أنها شخصية بسيطة تحولت إلى بطلة من خلال عطائها وتضحياتها. وقالت: "سلمى امرأة عادية، تعمل كل شيء بطيب خاطر، تضحّي وتمنح الآخرين، وتؤدي دور الأم والمعلمة والإنسانة المضحية من أجل مجتمعها وأطفالها. في البداية، كانت تسعى لحماية بيتها الصغير، لكنها انتقلت لاحقًا إلى حماية مجتمعها من خلال منصبها في مجلس الشعب".
أشارت "فواخرجي" إلى أن الفيلم يعكس كيف يمكن لشخص نقي يشبه الأرض الطيبة أن يواجه الفساد والظلم، وكيف أن المواطن العادي في سوريا يكافح للحفاظ على كرامته وسط كل هذه التحديات، وأضافت: "الكرامة هي أغلى ما يمتلكه الإنسان، لكن تحقيقها في ظل الظروف الحالية أمر بالغ الصعوبة. ومع ذلك، يجب أن نستمر، وهذا ما يجعل "سلمى" شخصية ملهمة".
تجربة الإنتاج
فيما يتعلق بتجربتها مع الإنتاج، قالت فواخرجي: "لا أعتبر نفسي منتجة بالمعنى التقليدي، فقد سبق أن خضت تجربة الإنتاج الجزئي في فيلم أخرجته بعنوان "رسائل الكرز"، وشغفي الأساسي هو السينما وليس الإنتاج بحد ذاته. الفن هو خلود، وأنا أعمل على تقديم رسائل هادفة من خلال أعمالي السينمائية".
وعن تزامن وجود فيلمها مع أعمال أخرى داخل مهرجان القاهرة السينمائي أكدت سُلاف أنها ترى نفسها جزءًا من فريق عمل كبير يعمل على تقديم قصص مهمة، بعيدًا عن المنافسة.
تأثر كبير بغياب الفنان عبد اللطيف عبد الحميد
تطرقت "فواخرجي" إلى العمل مع المخرج والفنان الراحل عبد اللطيف عبد الحميد، مشيرةً إلى أنه كان أخًا وأستاذًا حنونًا، وقالت: "كانت تجربتي معه استثنائية. وجوده في الفيلم أضاف عمقًا كبيرًا، وفقدانه ترك أثرًا عميقًا في قلوبنا، أثناء عرض الفيلم، تأثر الجميع بلحظة الإهداء التي ظهرت في نهايته، وشعرنا بغياب روحه معنا رغم حضوره في وجداننا"، مضيفة: "الفن رسالة خالدة، وفيلم سلمى محاولة لتقديم قصة إنسانية نابعة من صميم الواقع السوري، تسلّط الضوء على قوة الإنسان في مواجهة التحديات".
حضور الهوية السورية
تحدثت سُلاف فواخرجي عن أبعاد فيلمها "سلمى" الذي يحمل إسقاطات سياسية عن الأوضاع السورية عام 2011 وما بعدها، حيث جسّدت شخصية سيدة تبحث عن زوجها "نصيف" الذي فُقد خلال الأحداث دون أن تتمكن من العثور عليه، رغم مرور 12 عامًا على فقدانه.
يري البعض أن عدم إيجاد زوجها نصيف خلال أحداث الفيلم يمثل إسقاطًا رمزيًا على غياب الهوية السورية أو تعبيرًا عن رحلة البحث عن حلم مفقود. وعن هذا، أوضحت فواخرجي: "الهوية السورية ليست شيئًا يمكن فقدانه، بل هي حاضرة بداخل كل فرد منا، ربما نحتاج أحيانًا للتوقف والتفكير في طريقة تعاملنا مع الهوية، لكن لا يمكن أن تُمحى أو تُفقد تمامًا. رغم قسوة الحرب، لا أرى أن الفيلم كان إسقاطًا مباشرًا، بل هو تصوير لمأساة عامة نعيشها".
أضافت: "الحرب جعلتنا أشبه بأرقام أو ملفات، وهذا يترك أثرًا نفسيًا عميقًا على شعور الإنسان بالكرامة والانتماء، الفقدان ليس فقدان أشخاص فقط، بل فقدان أرض، عائلة، مشاعر، وشغف. لكن وسط كل هذه الصعوبات، ما زلنا مستمرين، نربي أبناءنا، نعمل، ونحاول النهوض من جديد".. مؤكدة أن الهوية السورية هي جوهر الإنسان السوري، والصمود أمام التحديات هو ما يعيد إحياءها في كل لحظة، مهما اشتدت الظروف.
تجربة استثنائية مع باسم ياخور
تحدثت الفنانة سُلاف فواخرجي عن دور الفنان باسم ياخور في فيلم "سلمى"، الذي جسّد شخصية شريرة دار بينها وبينه صراع حاد. وأشارت إلى أن "المشهد الذي جمعني بباسم كان من أكثر المشاهد قوة، وأداؤه كان إضافة كبيرة للعمل"، وعن مشاهد الضرب بينهما خلال أحداث العمل قالت: "لم تكن مشاهد العنف حقيقية لأننا بالطبع محترفون، ولا يمكن أن يحدث أي ضرر أو أذى حقيقي أثناء التصوير، لكن هناك ضربة واحدة في المشهد كانت حقيقية، تلك التي قمت بتوجيهها له".
ظهورها الجديد بـ"ليالى روكسي"
وحول التغيير الذي طرأ على مظهرها، خصوصًا قصة الشعر الجديدة، أشارت سُلاف بابتسامة: "التغيير دائمًا يعبّر عن مرحلة جديدة في الحياة، وكل شيء قادم يحمل معه الأمل، فأنا أشارك حاليًا في مسلسل "ليالي روكسي" مع الفنان دريد لحام والفنان أيمن زيدان".
تحدثت الفنانة السورية سُلاف فواخرجي عن مسلسلها الجديد "ليالي روكسي"، المقرر عرضه في موسم رمضان 2025، موضحة أنه يحمل أبعادًا تاريخية وإنسانية تسلّط الضوء على بدايات السينما السورية في عشرينيات القرن الماضي.
شخصيتها بـ"ليالي روكسي"
عن مسلسل "ليالي روكسي" وشخصيتها فيه قالت سُلاف: "المسلسل يدور في أجواء عشرينيات القرن الماضي، وتحديدًا عام 1928، ويتناول قصة أول فيلم سوري بعنوان المتهم البريء. وكنت أول ممثلة سورية بهذا الفيلم، فالشخصية التي أؤديها تجسد سيدة طموحة من تلك الفترة، تسعى لتعلم التمثيل وممارسته في ظل بيئة محافظة. العمل يعكس صورة التنوير الفني والثقافي في تلك الحقبة، وكيف كانت المرأة تواجه تحديات كبيرة لتحقيق أحلامها، سواء في المسرح أو السينما".
وأضافت: "الشخصية التي أجسدها تُدعى "توتة"، وهي أول ممثلة سورية واجهت ظروفًا صعبة للتمثيل، حيث كان المسرح في ذلك الوقت يعتمد على الرجال لتجسيد أدوار النساء. المسلسل يبرز التحديات والطموحات في بيئة محافظة، ويكشف دور المرأة في مواجهة القيود المجتمعية".
علاقتها بأيمن زيدان
وعن تعاونها مع الفنان السوري أيمن زيدان في هذا العمل، وصفت "فواخرجي" زيدان بالصديق العزيز، قائلة: "أيمن زيدان هو صديق مقرب وشخص شجاع في طروحاته الفنية، ودائمًا لديه رؤية عميقة يقدمها ببساطة وقوة".
مواجهة الانتقادات
تطرقت "فواخرجي" إلى الانتقادات التي تعرّضت لها بسبب مشاركتها السابقة في مشاهد جريئة بمسلسل "شارع شيكاغو"، مؤكدة أنها ليست خائفة من تجدد الانتقادات بعد القبلة التي قدمتها في فيلم "سلمى". وقالت: "لا أعتبر الجرأة في تقديم مشاهد رومانسية شيئًا لافتًا، وإنما الجرأة الحقيقية تكمن في طرح الأفكار ومواجهة الفساد ومحاولة التغيير. نحن كفنانين نقدم الجمال ونبرز الجانب الإنساني في ظل كل هذه البشاعة من حولنا".
وأضافت: "الانتقادات أصبحت أمرًا سهلًا ومجانيًا، خصوصًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي. أنا ممثلة أحب عملي، وأمتلك فكري ورؤيتي الخاصة، وهذا ما تعلمته منذ البداية. النقد ضروري للبناء والتغيير، لكن ما نتعرض له أحيانًا ليس نقدًا بقدر ما هو شتائم. منذ بداية الحرب في سوريا، أصبحت أتعرض للكثير من الإساءات، ومع ذلك أواصل التركيز على عملي دون الالتفات للبشاعة، أنا منذ عام 2011 وأنا أتعرض لانتقادات على السوشيال ميديا من بداية الحرب على بلدي ولكن لا ألتفت لها".
التمثيل والسياسة
أكدت "فواخرجي" رفضها خوض أي تجارب سياسية، مشيرة إلى أن طموحها يقتصر على المجال الفني فقط، قائلة: "لا أطمح إلى أي منصب سياسي. أنا فنانة أعبّر عن الناس أكثر من أي منصب سياسي وأحاول أن أكون صوتهم، وهذا يكفيني. هدفي الأساسي هو تقديم أعمال صادقة تصل للجمهور".
دعمها لعائلتها
في سياق الحديث عن أبنائها، أكدت سُلاف أن الدراسة تأتي أولًا بالنسبة لهم، لكنها لا تمانع مشاركتهم في التمثيل. وقالت: "ابني حمزة سبق وشارك في مسلسل كليوباترا، كما أن "علي" لديه شغف بالتمثيل وشارك في بعض الأعمال الصغيرة. لكنني دائمًا أؤكد أن التعليم يأتي في المقام الأول".
حققت سُلاف نجاحًا في الساحة المصرية من خلال مشاركتها في عدد من الأعمال المصرية، لكنها غابت عن الساحة الفنية المصرية منذ فترة، وعن إمكانية عودتها مجددًا قالت: "مشتاقة للدراما المصرية ومنذ الحرب لم تتوقف العروض والعلاقة الحلوة مع الشعب المصري، كان لديّ ظروف صعبة في سوريا سواء الوضع العام أو الوضع الخاص، ورحيل أهلي، وأريد أن أعود بشيء مهم أكثر ما أعود لمجرد العودة، واحترم ذائقة الشعب المصري"، مشيرة إلى أنه طُرح عليها المشاركة في مسلسل "قلع الحجر" لكن لم تأخذ حيز التطوير.
رسالة تقدير لحسين فهمي ويُسري نصر الله
عبّرت "فواخرجي" عن فخرها بالفنان حسين فهمي لدوره في إنجاح الدورة الـ45 من مهرجان القاهرة السينمائي، قائلة: "رغم حزنه على أخيه الراحل مصطفى فهمي، إلا أنه أثبت قدرة كبيرة على قيادة المهرجان باحترام ونجاح". كما أشادت بتوجه المهرجان لدعم القضية الفلسطينية، واعتبرته "إضافة كبيرة تعكس دور الفنانين في التعبير عن القضايا الإنسانية". كما باركت للمخرج يسري نصر الله تكريمه، مؤكدة أنه "مستحق بكل جدارة".
فلسطين في القلب والذاكرة
أشادت بفخرها لحصولها على الجنسية الفلسطينية، مؤكدة دعمها للقضية قائلة: "كل الكلمات لا تكفي للتعبير عن الألم الذي يعانيه أهل غزة وفلسطين، لكن ما يمنحنا الأمل هو أن العالم بدأ يعيد البوصلة إلى القضية الأساسية، وهي فلسطين. هذا التحول رغم الألم يُعيد لنا الإيمان بحقنا ويثبت أننا على الطريق الصحيح".
السينما رسالة للقضايا الإنسانية
وعن إمكانية إنتاج فيلم يتناول القضية الفلسطينية، أوضحت فواخرجي: "الفكرة دائمًا موجودة، ورسائل الكرز كان بداية تناولت فيه الجولان وفلسطين. أتمنى أن أستطيع تقديم فيلم آخر يعبر عن هذا الألم والأمل".
اختتمت سُلاف حديثها بتوجيه تحية لجميع الشعوب العربية التي تعاني من الدمار والحروب، مؤكدة أن "الفن يبقى وسيلة التعبير الأهم لنبقى متصلين بقضايانا رغم كل الصعوبات".