لم يكن قرار الجنائية الدولية باعتبار رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت مجرمي حرب، نابعًا من تسييس المحكمة أو معاداتها للسامية، كما يحاول الكيان وحكومته الترويج للأمر، وإنما جاء بعد فظائع ومآسي وإبادة جماعية عاشها الفلسطينيون في قطاع غزة على مدى عام كامل.
واتهمت الجنائية الدولية، أمس الخميس، نتنياهو وجالانت، بارتكاب جرائم حرب في غزة، والإشراف على هجمات ضد المدنيين، واستخدام التجويع كسلاح ضد الفلسطينيين، منذ الضربات الأولى في 7 أكتوبر.
وخلال العام المنصرم، نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة هجمات دموية "جوية وبرية" على قطاع غزة، أسفرت عن سقوط آلاف الشهداء والجرحى، بجانب تدمير واسع في البنية التحتية وممتلكات المواطنين، وانتشار الأمراض والأوبئة بين المواطنين.
خسائر بشرية
ومنذ بدء الحرب حتى الآن، كانت الخسائر البشرية بين الفلسطينيين في قطاع غزة صادمة إلى أبعد الحدود بسبب الآلة العسكرية الوحشية الإسرائيلية التي لم تفرّق بين المدنيين والمقاومين، وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، قتل نتنياهو وجيشه 43,985 فلسطينيًا، أغلبيتهم من النساء والأطفال.
ومن بين هؤلاء ما لا يقل عن 11,355 طفلًا، بجانب 104,092 جريحًا، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض، ووفقًا للصحة العالمية تعبّر تلك الأرقام عما يصل إلى 6% من سكان غزة، فيما أُجبر مئات الآلاف على النزوح القسري، بمعدل نزوح مرة واحدة على الأقل شهريًا.
جحيم المباني
كما حول نتنياهو وجالانت ما يقرب من 156 ألف مبنى سكني في قطاع غزة إلى أنقاض أو شبه مدمر، وفق آخر تحليل أجرته الأمم المتحدة عبر الأقمار الصناعية، الذي كشف عن دمار واسع للعديد من المدن والمخيمات داخل القطاع وصلت إلى 65% من حجم المباني.
صحة الفلسطينيين
وخلال أشهر الحرب، اعتمد نتنياهو وجالانت سياسة التدمير الممنهج والواسع النطاق للقطاع الصحي في غزة، وبحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، يتم تسجيل يوميًا عشرات الوفيات بين المرضى، نتيجة عدم كفاية الرعاية الطبية أو الأدوية أو العلاج.
المياه والغذاء
ونتيجة التعنت في إدخال المساعدات، وهي واحدة من الاتهامات التي يواجهها نتنياهو، واجه 96% من سكان غزة أزمة في الأمن الغذائي بحسب الأونروا، حيث عانى الأطفال والنساء نقصًا حادًا في التغذية، كما تضرر نحو 70% من الأراضي الزراعية بسبب القصف.
وشهد قطاع المياه أيضًا نقصًا حادًا بعد قصف منشآت الصرف الصحي، حيث فقدت 70% من المياه التي يجري تزويدها عبر الشبكات بسبب الأضرار، ومع تدهور البنية التحتية، يتشارك مئات الأشخاص الحمام نفسه، وتم جمع 395 ألف طن من النفايات الصلبة دون القدرة على الوصول إلى المكبات.
انتشار الأمراض
هذا الأمر تسبب في انتشار الأمراض المعدية وظروف معيشية هشَّة داخل القطاع المحاصر منذ عام كامل، حيث منع نتنياهو وحكومته إدخال المساعدات التي من بينها الأدوية والمستلزمات الطبية الخاصة بالمستشفيات.
وانتشرت أيضًا أمراض جديدة سواء هضمية أو جلدية، وفقًا لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، مثل أمراض الحساسية والالتهابات البكتيرية الجلدية والالتهابات الجلدية الفطرية، نتيجة تكدس مئات آلاف النازحين في بقع صغيرة جدًا مع انعدام وسائل النظافة والمياه.
معاناة الأطفال
وتسبب الحصار الكامل في إلحاق ضرر جسيم بالأطفال وأدى إلى وفيات كبيرة، بما في ذلك الرضع والمواليد الجدد، كما تأثرت النساء الحوامل وذوو الإعاقة بما فعله الاحتلال في قطع إمدادات المياه والغذاء والكهرباء والوقود وغيرها من المساعدات الإنسانية.
دمار وتهجير قسري
واعتمد نتنياهو وجالانت على إحداث أكبر قدر من الدمار في القطاع، وأهملا مبادئ التمييز والحيطة والتناسب خلال العمليات القتالية، وذلك عن طريق استخدام للأسلحة الثقيلة ذات القدرات التدميرية العالية في المناطق السكنية المكتظة وهو ما اعتبرته الجنائية الدولية هجومًا متعمدًا ومباشرًا على السكان المدنيين العزل.
التهجير القسري أيضًا كان واحدًا من الاتهامات التي طالت نتنياهو وجالانت، إذ أصدرت إسرائيل مئات الأوامر لإجلاء السكان من شمال غزة إلى مواقع أخرى، وعلى الرغم من اعتبارها آمنة، إلا أن القوات لم تعطِ الوقت الكافي لعمليات الإجلاء الآمنة، وهاجمتها باستمرار.
انهيار التعليم
وعانى قطاع التعليم في غزة من أضرار جسيمة جراء استهدافه من قِبل الاحتلال، وبحسب الأمم المتحدة، فإن المباني المدرسية في غزة دُمرت جزئيًا أو كليًا بسبب الغارات الإسرائيلية، وتم تحويل بعضها إلى قواعد عسكرية إسرائيلية، ووفقًا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية فإن أكثر من 10600 طفل وأكثر من 400 معلم استُشهِدوا في الغارات، بينما أصيب أكثر من 15300 طالب و2400 معلم.