الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

عزلة إسرائيل تتزايد.. ماذا ينتظر نتنياهو وجالانت بعد قرار اعتقالهما؟

  • مشاركة :
post-title
نتنياهو وجالانت

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، اليوم الخميس، مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، على خلفية ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال الحرب في غزة.

وذكر القضاة أنهم وجدوا "أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وجالانت يتحملان المسؤولية الجنائية بصفتهما معينين مدنيين عن جريمة الحرب المتمثلة في الأمر بشن هجوم متعمد ضد السكان المدنيين".

ورفضت هيئة المحكمة التماسات قدمتها إسرائيل اعتبارًا من 26 سبتمبر، التي طعنت فيها بسلطة المحكمة وطالبت بوقف الإجراءات، بينما أشارت إلى أن محتوى أوامر الاعتقال تم تحديده على أنه "سري" لحماية الشهود ومنع تعطيل التحقيق.

لكن قضاة المحكمة أكدوا أنهم قرروا إعلان إصدار أوامر الاعتقال "لأن السلوك المشابه لذلك المذكور في مذكرة الاعتقال مستمر من جانب المشتبه بهم". لافتين إلى أن اعتراف إسرائيل باختصاص المحكمة ليس مطلوبًا لتنفيذ أوامر الاعتقال.

وأكد قضاة الجنائية الدولية أن سلوك نتنياهو وجالانت (الجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة) يقع ضمن اختصاص المحكمة، وأنهم وجدوا أسبابًا معقولة لافتراض أن نتنياهو وجالانت "يتحملان المسؤولية الجنائية عن الجرائم التالية: جريمة الحرب المتمثلة في التجويع وأسلوب الحرب". وكذلك "الجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد وغير ذلك من الأعمال اللاإنسانية".

وأشارت مذكرات الاعتقال إلى أن "هناك أساسًا معقولًا للافتراض بأن نتنياهو وجالانت، حرموا عمدًا، وعن علم، السكان المدنيين في غزة من المواد الضرورية لبقائهم على قيد الحياة، بما في ذلك الغذاء والماء والدواء والمعدات الطبية، وكذلك الوقود والكهرباء".

جرائم ضد الإنسانية

بحسب وثائق مذكرتي الاعتقال الصادرتين عن الجنائية الدولية، فإن سلوك نتنياهو وجالانت أدى إلى تعطيل قدرة المنظمات الإنسانية على توفير الغذاء والمنتجات الأساسية الأخرى للسكان المحتاجين في غزة.

وكتب قضاة المحكمة أن "القيود المذكورة، إلى جانب انقطاع الكهرباء وتقليص إمدادات الوقود، أثرت بشدة على توفر المياه في غزة وقدرة المستشفيات على توفير العلاج الطبي".

وأشارت المحكمة إلى أن قرارات نتنياهو وجالانت بشأن زيادة المساعدات الإنسانية لغزة كانت في كثير من الأحيان خاضعة لشروط وتم اتخاذها استجابة لضغوط من المجتمع الدولي أو لطلبات من الولايات المتحدة "وعلى أي حال، فإن الزيادة في المساعدات الإنسانية لم تكن كافية لتحسين وصول السكان إلى السلع الأساسية".

وأضاف القضاة أنهم وجدوا أسبابًا معقولة للاعتقاد بأنه لا توجد ضرورة عسكرية واضحة أو أي مبرر آخر بموجب القانون الإنساني الدولي للقيود المفروضة على المساعدات الإنسانية.

وجاء في الإعلان: "على الرغم من التحذيرات التي أصدرها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والأمين العام للأمم المتحدة والدول والمنظمات المدنية فيما يتعلق بالوضع الإنساني في غزة، لم يُسمح إلا بالحد الأدنى من المساعدات الإنسانية. إن نقص الغذاء والماء والكهرباء والوقود، والإمدادات الطبية المحددة، خلق ظروفًا معيشية مصممة لإحداث تدمير لجزء من السكان المدنيين في غزة، ما أدى إلى وفاة مدنيين، بينهم أطفال بسبب سوء التغذية والجفاف".

ورغم التأكيد بأنه "ليس من الممكن إثبات استيفاء جميع أركان جريمة الإبادة ضد الإنسانية"، لكنهم أكدوا أن هناك أساسًا معقولًا للاعتقاد "أن جريمة ضد الإنسانية جريمة قتل ارتكبت فيما يتعلق بهؤلاء الضحايا".

وأشار قضاة المحكمة إلى أنه من خلال منع دخول المعدات الطبية والأدوية إلى غزة، خاصة أجهزة التخدير وآلات التخدير، فإن نتنياهو وجالانت "مسؤولان عن إلحاق معاناة كبيرة من خلال الأعمال اللاإنسانية للأشخاص الذين يحتاجون إلى العلاج".

وأشار القضاة إلى أن الأطباء في غزة أجبروا على إجراء عمليات جراحية للجرحى وإجراء عمليات بتر الأطراف، بما في ذلك الأطفال، دون تخدير، أو أجبروا على استخدام وسائل غير آمنة لتخدير المرضى "وهو ما تسبب لهؤلاء الأشخاص في الألم والمعاناة الشديدين. وهذا يرقى إلى مستوى الجريمة ضد الإنسانية بأعمال غير إنسانية أخرى".

وأشار قضاة الجنائية الدولية إلى أنهم وجدوا أساسًا معقولًا لافتراض أن سلوك نتنياهو وجالانت، حرما قسمًا كبيرًا من السكان المدنيين في غزة من حقوقهم الأساسية، بما في ذلك الحق في الحياة والصحة".

وذكروا أن الهجمات على السكان المدنيين في غزة نُفذت لاعتبارات سياسية "وجدنا أن جريمة ضد الإنسانية تتمثل في الاضطهاد ارتكبت".

وقرر القضاة كذلك أن هناك أساسًا معقولًا لافتراض أن نتنياهو وجالانت يتحملان المسؤولية الجنائية كرئيسين مدنيين عن "جريمة الحرب المتمثلة في تنفيذ هجمات متعمدة ضد السكان المدنيين في غزة".

وذكر القضاة أن الأدلة التي بحوزتهم تشير إلى حادثتين يوجد فيهما سبب للافتراض بأن الهجمات على السكان المدنيين قد نُفذت عمدًا "هناك أساس معقول للافتراض بأنه كان بإمكان نتنياهو وجالانت منع ارتكاب مثل هذه الجرائم أو التأكد من أن السلطات المختصة تعاملت مع هذه الجرائم لكنها لم تفعل ذلك".

تحت الحصار

تعني مذكرات الاعتقال الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية أن هناك احتمالًا كبيرًا في اعتقال نتنياهو أو جالانت في أي دولة - ملزمة بسلطة المحكمة - يصلان إليها، وهذا يمنعهما من القيام بزيارات سياسية إلى تلك البلدان.

والدول التي تعترف بسلطة المحكمة هي دول أوروبا الغربية، بما في ذلك فرنسا وألمانيا وإيطاليا، إضافة إلى 121 دولة أخرى تعترف بسلطة المحكمة؛ كما أشارت هيئة البث الإسرائيلية.

وبينما لا تعترف بها إسرائيل والولايات المتحدة، التي كان نتنياهو يجتمع مع مبعوثها الخاص إلى لبنان آموس هوكستاين في تل أبيب، عندما تم إبلاغه بمذكرة الجنائية الدولية.

وحسب تقرير لموقع "والا" العبري، فإن من سيُطلب منهم التعامل مع هذه القضية هم مكتب رئيس الوزراء، ووزارة الشؤون القانونية، ووزارة الخارجية، والمدعي العام، الذي سيتعين عليه أن يقرر كيفية الرد على طلب المدعي في المحكمة.

وأشار التقرير إلى أنهم في إسرائيل "سيتعين عليهم أن يقرروا ما إذا كانوا سيستجيبون للمحكمة، أو يحاولون التأثير - من خلال الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية - على المحكمة حتى لا تصدر أوامر الاعتقال"، لافتًا إلى أن العواقب التي يمكن أن تترتب على إصدار أوامر الاعتقال بعيدة المدى، من بينها قيام دول وشركات اقتصادية مع الاحتلال بمقاطعة إسرائيل.

خيام النازحين في غزة
من أجل العدالة

تعليقًا على إعلان قضاة الجنائية الدولية، أكدت رئاسة الوزراء الإسرائيلية أن نتنياهو "لن يخضع للضغوط ولن يتراجع حتى تحقيق كل أهداف الحرب"، فيما أدان زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد قرار المحكمة في لاهاي، واصفًا مذكرات الاعتقال بأنها "مكافأة للإرهاب"، حسب تعبيره.

وقال رئيس معسكر الدولة، بيني جانتس، في تغريدة على منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، إن قرار محكمة لاهاي هو "عمى أخلاقي وعار تاريخي لن يُنسى أبدًا".

وكتب جانتس: "إن هذا اليوم يقدم دليلًا آخر على ازدواجية المعايير ونفاق المجتمع الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة، إن دولة إسرائيل لن تعتذر عن حماية مواطنيها، وهي ملتزمة بمواصلة مكافحة الإرهاب دون أي تنازلات".

ووصف رئيس الحزب الديمقراطي ونائب رئيس أركان جيش الاحتلال السابق، يائير جولان، القرار بأنه "مخزٍ"، زاعمًا أنه "كان لإسرائيل وسيكون لها دائمًا الحق في الدفاع عن نفسها ضد عدونا".

وقال وزير الخارجية جدعون ساعر: "لحظة سوداء بالنسبة للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، فقدت فيها كل شرعية لوجودها ونشاطها".

في المقابل، وصفت حركة حماس أوامر الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو وجالانت بأنها "خطوة مهمة على طريق العدالة وإنصاف الضحايا".

وأشارت المقررة الأممية لحقوق الإنسان إلى أنه "يجب أن نعمل معا لضمان استمرار المساءلة"، مؤكدة أهمية أن تتعالى الأصوات المطالبة بتحقيق العدالة.

ونقلت وكالة "رويترز "عن وزير الخارجية الهولندي قوله: "مستعدون لتنفيذ أمر المحكمة الجنائية الدولية في حق نتنياهو". وأشارت وزارة الخارجية الفرنسية إلى أن رد فعل باريس على أمر اعتقال نتنياهو وجالانت "سيكون متوافقًا مع مبادئ المحكمة".

وأكدت نائبة رئيس الوزراء البلجيكي أن الجنائية الدولية أصدرت مذكرات اعتقال لنتنياهو وجالانت "وعلينا الامتثال".

وخلال مؤتمره الصحفي مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، أكد جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، أن الاتحاد الأوروبي سيفعل كل ما بوسعه لإظهار الفظائع التي تحدث ضد الأطفال في قطاع غزة؛ وأن أمر الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو وجالانت "ليس سياسيًا، ويجب احترام قرار المحكمة وتنفيذه".

وأشار الصفدي إلى أن "قرارات الجنائية الدولية لا بد أن تحترم وتنفذ لأن الفلسطينيين يستحقون العدالة".