نفذت القوات الأوكرانية أول هجوم في منطقة حدودية داخل الأراضي الروسية باستخدام نظام "أتاكمز" الصاروخي الأمريكي، بعد سماح الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن، لكييف باستخدام الصواريخ الأمريكية بعيدة المدي في ضرب العمق الروسي، مما يمثل تطورًا مهمًا في تورط الولايات المتحدة في الحرب الجارية بين أوكرانيا وروسيا، وفق ما ذكرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية، نقلًا عن خبراء.
وقال المتحدث باسم "الكرملين" دميتري بيسكوف، إن السماح لأوكرانيا بإطلاق الصواريخ الأمريكية على الأراضي الروسية من شأنه أن يعني التدخل المباشر للولايات المتحدة في الصراع، وبالتالي تصعيد الحرب.
وأعلنت وكالة "تاس" الروسية، اليوم الثلاثاء، موافقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على تحديث العقيدة النووية، ردًا على قرار بايدن السماح لأوكرانيا باستخدام الصواريخ الأمريكية بعيدة المدي في ضرب العمق الروسي.
وانتقد دونالد ترامب جونيور، نجل الرئيس الأمريكي المنتخب، القرار، مشيرًا إلى أنه قد يؤدي إلى صراع كبير قبل تولي والده منصبه في يناير. وقال ترامب جونيور: "يبدو أن المجمع الصناعي العسكري يريد التأكد من بدء الحرب العالمية الثالثة قبل أن تتاح لوالدي فرصة خلق السلام وإنقاذ الأرواح".
وفي المقابل، أبدى بعض الزعماء الأوروبيين دعمهم للقرار. ورحب جوزيف بوريل، الممثل الأعلى للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، بهذه الخطوة، مؤكدًا على حق أوكرانيا في الدفاع عن نفسها.
ونقلت "نيوزويك" عن مايكل سي. ديش، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة نوتردام، أن سماح بايدن لأوكرانيا باستخدام الأسلحة الأمريكية القادرة على ضرب أهداف في عمق روسيا، قرار خطير ولا معنى له. وقال: "إنه أمر خطير؛ لأنني أعتقد أن استخدام أنظمة الضربة العميقة مثل أتاكمز، قد يتطلب مشاركة مباشرة من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي".
واستبعد "ديش" أن يؤدي قرار بايدن إلى حرب عالمية ثالثة، لكن سيؤدي إلى تصعيد حرب دموية وخطيرة لم يكن ينبغي لها أن تحدث على الإطلاق، وكان ينبغي أن تتوقف منذ فترة طويلة.
وأوضح أن المخاطرة بتصعيد الصراع أمر لا طائل منه، لأن الغرب من غير المرجح أن يزود الأوكرانيين بأعداد كافية من هذه الأنظمة لتغيير مسار الحرب على الأرض، والتي من المرجح أن يفوز بها الروس في هذه المرحلة.
ولفت ديش إلى أن النظرة المتفائلة لقرار بايدن، هي أنه يأمل في إيجاد بعض النفوذ ضد الروس في المفاوضات الحتمية التي ستنهي هذه الحرب.
لكن النظرة المتشائمة هي أنه ربما يحاول تقييد يدي خليفته دونالد ترامب، الذي من المرجح أن يتبنى سياسة مختلفة تمامًا في التعامل مع أوكرانيا، وفي كلتا الحالتين، فإن الغرب يلعب بالنار.
وقال روبرت رومانشوك، زميل أبحاث صندوق الدراسات الأوكرانية، معهد هارفارد الأوكراني للأبحاث: "ربما لم يلحظ الأمريكيون ولا حتى العديد من الأوروبيين، أن الحرب العالمية الثالثة بدأت بالفعل".
وأضاف: "أدت سياسة التصعيد التي تنتهجها إدارة بايدن، بقيادة جيك سوليفان، إلى تحالف روسي وصيني وإيراني وكوري شمالي، وأعتقد أن دولًا مثل أوكرانيا قد ينتهي بها الأمر إلى السعي إلى امتلاك رادع نووي خاص بها".
وقال ريتشارد ك. بيتس، الباحث في العلاقات الدولية: "في هذه المرحلة، أصبح خطر التصعيد الروسي الكبير ردًا على الهجوم الصاروخي الروسي على أوكرانيا منخفضًا، لأن بوتين لديه الآن حافز طبيعي للانتظار بضعة أشهر حتى يتولى ترامب منصبه ويغير السياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا".
وعلى النقيض، يرى البروفيسور لوبومير لوسيوك، بالكلية العسكرية الملكية الكندية، أن تزويد أوكرانيا بكل الأسلحة اللازمة لهزيمة الروس، من شأنه أن يخفف من حدة هذا الصراع، ويمنع اندلاع حرب عالمية.
وقال إني بيلو، خبير العلاقات الدولية، إن انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة من المرجح أن يخفف من حدة التصعيد. وقال: "هناك حاليًا توقعات بأن إدارة دونالد ترامب قد تقطع إمدادات المعدات العسكرية إلى أوكرانيا وتضع ضغوطًا سياسية على كييف لإنهاء الصراع. وهذا يعني أن أوكرانيا ليس لديها حافز قوي للتصعيد الآن".
وأضاف: "من منظور روسيا، لا يوجد حاليًا حافز للتصعيد. تعتقد موسكو أن إدارة ترامب ستحاول إنهاء الحرب بسرعة، لذلك من المرجح أن يتبنى الكرملين نهج الانتظار والترقب؛ حتى تدخل الإدارة الرئاسية الجديدة البيت الأبيض دون تصعيد كبير. وهذا يعني أن أي تصعيد من المرجح أن يكون مقيدًا".