الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

رمز الطبيعة يستخدم كوقود للسفن.. البطريق الإفريقي مهدد بالانقراض

  • مشاركة :
post-title
البطريق الأفريقي مهدد بالانقراض

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

في عالم مليء بتحديات التغير المناخي والضغوط البيئية، تبرز طيور البطريق الإفريقية كرمز مهدد بالانقراض في قارة غنية بتنوعها البيولوجي، هذه الطيور، التي لطالما أسرَت القلوب بجمالها وسلوكها الفريد، تواجه خطر الانقراض بحلول عام 2035 إذا لم تُتخذ إجراءات حاسمة.

من خلال هذا تقرير نشرته مجلة "ذا كونفرسيشن" الأمريكية، نستعرض الأسباب وراء هذا الانخفاض الحاد في أعدادها، الجهود المبذولة لإنقاذها، وما يجب فعله قبل فوات الأوان.

مهدد بالانقراض

في أكتوبر 2024، أُعلن عن إدراج البطريق الإفريقي رسميًا ضمن قائمة الأنواع المهددة بالانقراض من قبل الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، هذه الخطوة جعلت البطريق الإفريقي أول نوع من البطاريق في العالم يُصنف بهذه الدرجة الخطيرة، ما يسلّط الضوء على تدهور الوضع البيئي في ناميبيا وجنوب إفريقيا، الموطنان الوحيدان لهذه الطيور.

وبدأت أعداد البطريق الإفريقي في التناقص منذ القرن التاسع عشر بسبب استغلاله بشكل مفرط، حيث كان يُستخدم كوقود للسفن، بينما اعتُبر بيضه طعامًا فاخرًا، ودُمرت أعشاشه لجمع ذرق الطيور لصناعة الأسمدة.

على الرغم من إصدار قوانين لحمايتها، مثل قانون حماية الطيور البحرية في جنوب إفريقيا عام 1973، إلا أن تحديات جديدة ظهرت مع بداية القرن الحادي والعشرين، أهم هذه التحديات كان نقص الغذاء بسبب تغير المناخ والصيد الجائر، ما أدى إلى انخفاض أعداد البطريق بنسبة 70% بين عامي 2000 و2024.

الأعشاش الاصطناعية

تم تصميم أعشاش اصطناعية لحماية البطريق الإفريقي من الظروف الجوية القاسية، ما أدى إلى زيادة نسبة البيض الذي يفقس بنسبة 16.5% مقارنة بالأعشاش الطبيعية. هذه الجهود، وإن كانت صغيرة، تمثل تقدمًا في حماية هذه الطيور.

وبين عامي 2008 و2019، فرضت حكومة جنوب إفريقيا "مناطق حظر الصيد" حول مستعمرات البطريق الرئيسية، مثل جزيرتي روبن وسانت كروا، وخلال هذه الفترة، تمكنت طيور البطريق من الوصول إلى مصادر غذائها بسهولة أكبر، ما أدى إلى تحسين صحتها وزيادة طفيفة في أعدادها.

خطة إدارة التنوع البيولوجي

في عام 2013، أُطلقت خطة لإدارة التنوع البيولوجي لطيور البطريق الإفريقية، شملت حماية البطاريق من الحيوانات المفترسة، وإنقاذ البيض والصيصان المهجورة، هذه الجهود نجحت في إنقاذ آلاف الطيور وإعادتها إلى البرية.

وشهدت مستعمرة البطريق في جزيرة سانت كروا انخفاضًا حادًا بعد أن بدأت أنشطة التزود بالوقود من سفينة إلى أخرى في خليج ألجوا عام 2016، تسرب النفط وزيادة الضوضاء البحرية أثرت بشدة على البطاريق، حيث تُعرف هذه الطيور بحساسيتها للضوضاء التي تبعدها عن أماكن تغذيتها وتُضعف طاقتها.

الصيد التجاري.. منافسة قاتلة

تتنافس البطاريق الإفريقية مع مصايد الأسماك التجارية على السردين والأنشوجة، وهما المصدران الأساسيان لغذائها. في مارس 2024، رفعت منظمات بيئية قضية ضد قرار حكومي بتقليل مناطق حظر الصيد، معتبرة أن ذلك يهدد بقاء البطاريق.

الإنقاذ ممكن: ما الذي يجب فعله؟

1- إعادة تفعيل مناطق حظر الصيد: إنشاء مناطق جديدة تغطي مستعمرات البطريق وتوازن بين احتياجات البطاريق والمصايد.

2- حظر التزود بالوقود في البحر: منع أنشطة التزود بالوقود التي تؤدي إلى التلوث الضوضائي والنفطي.

3- تعزيز حملات التوعية والسياحة البيئية: زيادة الوعي حول أهمية البطريق الأفريقي ودوره في النظام البيئي والاقتصاد السياحي.

أمل في التعافي

على الرغم من الظروف الصعبة، أثبتت طيور البطريق الإفريقية قدرتها على التعافي في بيئات مستقرة، وتسجيل زيادات طفيفة في أعداد البطاريق في جزيرة سانت كروا بعد توقف عمليات التزود بالوقود يعكس إمكانية تحقيق تقدم إذا ما تضافرت الجهود.

ويعد البطريق الإفريقي أكثر من مجرد طائر؛ فهو مؤشر حيوي يعكس صحة النظام البيئي البحري، إنقاذه ليس فقط مسؤولية تجاه نوع مهدد، ولكنه أيضًا ضرورة لحماية التنوع البيولوجي الذي يعتمد عليه الإنسان والطبيعة، الوقت ينفد، لكن الأمل لا يزال قائمًا إذا ما أُخذت خطوات حاسمة الآن.