يعتقد الباحثون أن تفشي فيروس H5N1 الملقب بـ "أنفلونزا الطيور"، أدى إلى مقتل ملايين الطيور البرية على مستوى العالم منذ عام 2021، وانتشر في كل قارة باستثناء القارة القطبية الجنوبية، إلا أن العلماء اكتشفوا حديثًا وصوله للقارة عن طريق الطيور المهاجرة، الأمر الذي يشكل تهديدًا، بإحداث وفيات جماعية عبر مستعمرات البطريق، والتي يمكن أن تعتبر واحدة من أكبر الكوارث البيئية في العصر الحديث.
ويعتبر أنفلونزا الطيور، مرضًا فيروسيًا شديد العدوى، يشمل سلالات منخفضة الأعراض، وسلالات شديدة الأعراض، وهي التي تسبب مستويات عالية من الوفيات في الدواجن والطيور البرية، ومنذ عام 2021، تسببت سلالة H5N1 في حدوث تفشيات كبيرة؛ مما أدى إلى القضاء على ملايين الطيور البرية والبحرية، في المملكة المتحدة وأوروبا وجنوب إفريقيا والأمريكتين، ووفقًا لبيانات اللجنة العلمية لأبحاث القطب الجنوبي، تعرض العديد من مستعمرات الطيور البحرية لخسائر كبيرة بمعدلات نفوق تصل إلى 50-60%.
إصابات مُختلفة
وتعتبر الطيور البرية المهاجرة، وخاصة الطيور المائية، مستودعًا طبيعيًا لفيروسات أنفلونزا الطيور، وتلعب دورًا في انتشار الفيروسات عبر مناطق جغرافية واسعة وتصبح أيضًا ضحية للمرض، حيث كانت البداية، بالعثور على فيروس H5N1 في طائرين نافقين يطلق عليهما "skuas" بالقرب من قاعدة بريمافيرا للأبحاث العلمية الأرجنتينية في القطب الجنوبي.
ثم توالت الاكتشافات، حيث تم الإبلاغ عن حالات إضافية مشتبه بها في طيور الكر البني، وطيور الكركر القطبية الجنوبية، ونورس عشب البحر في خليج هوب، وبحسب الجارديان البريطانية، فقد أكدت الحكومة البريطانية أن وصول الفيروس للقارة رغم المسافة والحواجز الطبيعية التي تفصله عن القارات الأخرى، يدل على أن الفيروس ينتشر في المنطقة بوتيرة كبيرة.
مشكلة الوقت
واكتشف الباحثون أن المرض انتشر أيضًا بين ثدييات القارة القطبية؛ مما أدى إلى نفوق أعداد كبيرة من فقمة الفيل وفقمة الفراء، حيث يواصل الانتشار أيضًا بين مجموعات الحياة البرية في القطب الشمالي، وتم التأكيد على وفاة أول دب قطبي بسببه، مشيرين إلى أن المشكلة تكمن في كم الوقت الذي سيستغرقه المرض للانتقال إلى الأنواع الأخرى، خاصة البطريق الذي يتغذى عليه طائر الكركر المهاجر.
وحذّر العديد من الباحثون من أنه إذا بدأ الفيروس في التسبب في أحداث وفيات جماعية عبر مستعمرات البطريق، فقد يشير ذلك إلى واحدة من أكبر الكوارث البيئية في العصر الحديث، مشيرين إلى أن البطريق ليس محصنًا ضد المرض، بل بسبب وصوله إلى أمريكا الجنوبية نفق أكثر من 500 ألف طائر بحري، وكانت طيور البطريق والبجع من بين أكثر الطيور تضررًا.
لا يمكن فعل شيء
في محاولة للحد من انتشار الفيروس، تم إغلاق العديد من مواقع الحياة البرية أمام السياح، ويعمل العلماء على مراقبة الوضع من خلال مجموعة من الأدوات، والبحث عن علامات مرئية حول إصابة طيور البطريق، مشيرين إلى أنهم جهزوا فرقًا بحثية للسفر إلى القارة القطبية لمواجهة التأثير الذي قد يحدثه فيروس أنفلونزا الطيور على الأنواع الموجودة، ولكن وفقًا للباحثين فإنه لا يمكن فعل الكثير للحد من انتقال العدوى في الحياة البرية، ويجب أن يتم حل تفشي المرض بشكل طبيعي.