تسعى حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو، إلى تنفيذ مخططها لضم الضفة الغربية المحتلة، في الولاية الثانية للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، لكن مسؤولين سابقين في إدارة ترامب السابقة، حذروا كبار الوزراء الإسرائيليين من افتراض أن الرئيس الأمريكي المنتخب سيدعم المخطط الإسرائيلي لضم الضفة الغربية المحتلة، حسبما نقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عما وصفتهم بالمصادر المطلعة.
ووفق الصحيفة، جاء تحذير المسؤولين السابقين في إدارة ترامب الأولى، جاء في اجتماعات ومحادثات منفصلة عقدت في الأشهر، التي سبقت فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية، الأسبوع الماضي، غير أن الأعضاء المتطرفين في حكومة نتنياهو لم يرتدعوا، في إشارة إلى وزير المالية بتسلئيل سيموتريتش، الذي صرّح، أمس الاثنين، بأن عام 2025 سيكون "عام السيادة في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)"، بفضل عودة ترامب إلى منصبه - على حد قوله - كما قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن جفير، الأسبوع الماضي، إن "هذا هو وقت السيادة".
ولفتت الصحيفة إلى إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة الماضي، أن السفير الإسرائيلي المقبل لدى الولايات المتحدة سيكون يحيئيل لايتر، وهو زعيم استيطاني سابق دعا إلى ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية وعارض إقامة دولة فلسطينية.
وذكرت الصحيفة، نقلًا عن مسؤول إسرائيلي، إن مستشاري ترامب في ولايته الأولي، حذروا خلال اجتماعاتهم الأخيرة مع عدد من كبار الوزراء الإسرائيليين، من التعامل مع افتراض أن يؤيد الرئيس المنتخب في ولايته الثانية، مخطط ضم الضفة المحتلة، على أنه "نتيجة حتمية".
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي ثانٍ، قالت إنه كان مطلعًا على إحدى المحادثات التي أجراها مساعد سابق لترامب مع وزير في الحكومة الإسرائيلية، إن هذه الخطوة المثيرة للجدل من شأنها، أن تواجه مقاومة شديدة من حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.
وأوردت "تايمز أوف إسرائيل" رسالة مماثلة بعث بها المبعوث السابق لترامب إلى الشرق الأوسط جيسون جرينبلات، قال فيها: "أعتقد أنه من المهم بالنسبة لأولئك في إسرائيل الذين يحتفلون بفوز ترامب، أن يفعلوا ذلك بسبب الدعم القوي الذي يقدمه ترامب لإسرائيل، كما يتضح من الأشياء التاريخية العديدة التي قام بها خلال فترة ولايته الأولى. يفترض بعض الوزراء الإسرائيليين أن توسيع السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية أصبح الآن أمرًا محسومًا تلقائيًا، وأن هذا سيحدث بمجرد أن يؤدي ترامب اليمين الدستورية تقريبًا".
وأضاف جرينبلات: "أقترح عليهم أن يتنفسوا الصعداء. لو كنت مستشارًا لهؤلاء الوزراء، فإنني أوصي بشدة بأن يركزوا في البداية على العمل بشكل وثيق مع رئيس الوزراء نتنياهو لتمكينه من تعميق علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة والسماح له بالعمل على التهديدات والتحديات الهائلة التي تواجهها إسرائيل الآن. سيكون هناك وقت لإجراء مناقشة حول الضفة الغربية، لكن السياق والتوقيت مهمان".
وانضم نتنياهو إلى اليمين المتطرف في حكومته، وعلى رأسه سيموتريتش، بشأن الدعوة إلى ضم الضفة الغربية، وفرض السيادة الإسرائيلية عليها.
وقال نتنياهو، خلال محادثات في الأيام الأخيرة، إنه "يجب إعادة إمكانية طرح مخطط الضم لمناطق واسعة في الضفة الغربية إلى إسرائيل"، حسبما نقلت إذاعة "كان" الإسرائيلية.
وادعت "كان" أن "العمل على الضم جاهز للتنفيذ"، مشيرة إلى أن طاقمًا برئاسة الوزير ياريف ليفين، وضع عام 2020 أنظمة وأوامر وصاغ قرارًا حكوميًا حول هذا المخطط، شمل شق شوارع إلى جميع المستوطنات، وبضمنها البؤر الاستيطانية العشوائية وإلحاق مساحات من الأراضي بها بهدف توسيعها.
وكان الوزير الإسرائيلي المتطرف سموتريتش، أعاد أمس الاثنين، تأكيد المضي في تنفيذ خطته للسيطرة على الضفة الغربية ومنع إقامة الدولة الفلسطينية.
وقال خلال اجتماع كتلة حزبه في الكنيست: "يوجد الآن إجماع واسع في الائتلاف والمعارضة من كل أنحاء الكنيست على معارضة إقامة دولة فلسطينية التي ستشكل خطرًا على وجود إسرائيل".
وأضاف: "2025 سيكون عام السيادة في يهودا والسامرة (الضفة)"، وقال: "أصدرت تعليمات لمديرية الاستيطان في وزارة الأمن وللإدارة المدنية ببدء عمل جماعي مهني وشامل من أجل إعداد البنية التحتية المطلوبة لفرض السيادة".
وكان موقع "موندويس" الأمريكي المتخصص في علاقات أمريكا تجاه فلسطين وإسرائيل، كشف يونيو الماضي، عن تسريبات صوتية لسيموتريتش يتحدث عن خطة "جذرية" لفرض السيطرة الإسرائيلية الدائمة على الضفة الغربية. وقال الموقع إن خطة سيموتريتش تحتوي على ضم أكثر من 60% من أراضي الضفة إلى إسرائيل.
ويعوّل اليمين الإسرائيلي المتطرف على ترامب في تنفيذ هذا المخطط، كونه الرئيس الذي اعترف بالسيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية، وهو عكس نهج إدارة جو بايدن التي عارضت بشكل علني التوسيع الاستيطاني في الضفة وفرضت عقوبات على مستوطنين.
وشهد عام 2023 توسعًا قياسيًا للاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، خاصة بعد السابع من أكتوبر عام 2023.
ووفق تقرير لبعثة الاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية، منح الاحتلال تراخيص لبناء 12 ألفًا و349 وحدة سكنية في الضفة الغربية.
وأشار تقرير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، إلى أن الجهات الإسرائيلية المختصة درست 65 مخططًا استيطانيًا بمدينة القدس المحتلة منذ بداية الحرب على غزة.
وباتت البؤر الاستيطانيّة والمزارع الاستيطانية إحدى الطرق الرئيسية التي تستخدمها إسرائيل للاستيلاء على الأراضي في الضفة الغربية ولطرد التجمعات الفلسطينية التي تعيش عليها، إذ دمر الاحتلال والمستوطنون 1429 مبنى وشردوا 3244 فلسطينيًا منذ 7 أكتوبر، ما مهد الطريق لتوسع استيطاني هائل حسب منظمة "السلام الآن".