الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ستارمر في باريس.. زيارة تاريخية تعيد رسم خريطة العلاقات الأوروبية

  • مشاركة :
post-title
كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني وإيمانويل ماكرون الرئيس الفرنسي

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

توجه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إلى العاصمة الفرنسية باريس، للمشاركة في احتفالات يوم الهدنة، في خطوة غير مسبوقة منذ 8 عقود، وسط زيارة تحمل دلالات سياسية واستراتيجية عميقة، خاصة أنها تأتي بعد أيام قليلة من إعلان فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، إذ تكتسب الزيارة أهمية استثنائية كونها المرة الأولى التي يشارك فيها زعيم بريطاني في هذه المناسبة، منذ حضور ونستون تشرشل عام 1944، وفقًا لما كشفت عنه صحيفة الجارديان البريطانية.

مخاوف متصاعدة

كشفت مصادر مُطلعة في مقر الحكومة البريطانية وقصر الإليزيه، لـ"الجارديان"، أن التوقيت الحساس للزيارة يحمل رسائل سياسية متعددة الأبعاد، فعلى المستوى الاستراتيجي، تسعى كل من لندن وباريس إلى تعزيز التعاون الدفاعي والأمني، في ظل المخاوف المتزايدة من تغير السياسة الأمريكية تجاه حلف الناتو بعد عودة ترامب المرتقبة إلى البيت الأبيض.

وتشير الجارديان إلى أن المباحثات بين ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ستتناول بشكل مكثف الملف الأوكراني وسبل تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية المشتركة.

وتمتد المخاوف الأوروبية لتشمل مستقبل الدعم العسكري والسياسي لأوكرانيا، خاصة في ضوء تصريحات المقربين من ترامب، إذ نقلت الجارديان عن براين لانزا، المستشار السياسي لترامب منذ حملته الرئاسية عام 2016، تصريحات حول ضرورة تخلي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن أي أمل في استعادة شبه جزيرة القرم.

ورغم المسارعة إلى نفي هذه التصريحات من قبل الفريق الانتقالي للرئيس المنتخب، إلا أن المخاوف تتزايد من احتمال فرض تسوية غير عادلة على أوكرانيا.

خطط بريطانية طموحة

في هذا السياق المتوتر، تتحرك بريطانيا بخطى حثيثة لتعزيز قدراتها الدفاعية وتوثيق تعاونها مع شركائها الأوروبيين، إذ كشفت الجارديان أن المسؤولين في الحكومة البريطانية يعكفون على دراسة تأثيرات فوز ترامب على المراجعة الاستراتيجية للدفاع المقرر إصدارها الربيع المقبل.

ويعتزم ستارمر، بالتعاون مع ريتشل ريفز، وزيرة المالية، وضع خارطة طريق واضحة للوصول إلى نسبة 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي كإنفاق دفاعي، استجابة للمطالب المتكررة من قبل ترامب برفع مساهمات الدول الأعضاء في الناتو.

وفي تصريحات نقلتها الجارديان، أكد الوزير البريطاني دارين جونز، أن الحكومة تدرس كل السيناريوهات المحتملة، استعدادًا لأي تغيير في الموقف الأمريكي تجاه أوكرانيا.

وشدد على التزام بلاده بتقديم 3 مليارات جنيه إسترليني سنويًا لدعم كييف، رغم التحديات المالية التي تواجهها بريطانيا، معتبرًا ذلك "قرارًا صعبًا لكنه صحيح".

استراتيجية أوروبية جديدة

تنقل الجارديان عن خبراء استراتيجيين تأكيدهم أهمية تعزيز التعاون الأوروبي-البريطاني في المرحلة المقبلة.

وترى الدكتورة كارين فون هيبل، مديرة معهد الخدمات الملكية المتحدة، أن فوز ترامب يجب أن يدفع بريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى "ترميم العلاقات" وبناء شراكة استراتيجية أقوى.

وتحذر من أن الولايات المتحدة "لن تكون شريكًا يمكن الاعتماد عليه لأي دولة أوروبية"، ما يستدعي تخطيطًا مشتركًا وتنسيقًا أوثق بين العواصم الأوروبية.

دلالات تاريخية

تضمن برنامج زيارة ستارمر لقاءً مهمًا مع رئيس الوزراء الفرنسي الجديد، ميشيل بارنييه، المفاوض السابق لملف بريكست، في لفتة تعكس الرغبة في تجاوز خلافات الماضي.

ووضع رئيس الوزراء البريطاني إكليلًا من الزهور عند النصب التذكاري قرب الشانزليزيه وقبر الجندي المجهول تحت قوس النصر، في مشهد يحمل دلالات رمزية عميقة.

وفي خطوة تؤكد التزام بريطانيا بإحياء ذكرى التضحيات المشتركة، أعلن ستارمر تخصيص 10 ملايين جنيه إسترليني للاحتفال بالذكرى الثمانين ليومي النصر في أوروبا واليابان، العام المقبل، في فعاليات ستشهد مشاركة عشرات الآلاف من العسكريين.