الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

المؤرخ الطاهر شريعة.. إشعاع سينمائي تونسي امتد ضوءه داخل إفريقيا

  • مشاركة :
post-title
المؤرخ التونسي الطاهر شريعة

القاهرة الإخبارية - محمود ترك

عشق السينمائي والمؤرخ التونسي الطاهر شريعة، الفن السابع فكرّس وقته وجهده لدعم صناعة السينما، والمساهمة في انتشارها داخل بلده، وخارجها في دول إفريقية أخرى بشرق وغرب القارة، ليستحق لقب "أبو السينما التونسية" الذي اشتهر بتأثيره البارز، ليس فقط في السينما التونسية، ولكن في رسم أحد مسارات تونس الحديثة.

مؤسس "أيام قرطاج السينمائية" ولد في مثل هذا اليوم 5 يناير عام 1927 بمدينة صيادة، فيما توفي عام 2010، وما بين القدوم والرحيل رحلة كفاح مع هواية السينما، التي تعلق قلبه بها أثناء دراسته في صفاقس، والتي عمل بها أيضًا مُدرسًا بإحدى المدارس الثانوية، ثم مع مطلع الستينيات تولى رئاسة مصلحة السينما بوزارة الثقافة التونسية.

ساهم السينمائي التونسي في وجود العديد من الكيانات السينمائية والمهرجانات سواء داخل بلاده أو خارجها، وتطوير عملها أيضا ومنها الجامعة التونسية لنوادي السينما التي تأسست عام 1950 وتضم نوادي سينما في 15 ولاية مختلفة، ومن أبرز أهدافها، نشر العروض الثقافية، وبناء فكر نقدي لدى عشاق السينما، وترأس الطاهر شريعة الجامعة التي كان قد ساهم في تأسيسها.

مسيرة نقدية حافلة

عمل المؤرخ السينمائي على نشر الثقافة السينمائية في الوطن العربي، عبر كتابات نقدية وجهود لتأسيس مهرجانات ومراكز سينمائية وإثراء الفكر السينمائي التونسي والتعبير عنه، وتعليم رفاقه وتلامذته، الأمر الذي فعله نقاد وكتاب سينمائيون مؤثرون في المشهد السينمائي بدول مصر والشمال الإفريقي ومنهم المصري سمير فريد والمغربي نور الدين صايل وغيرهم، فهؤلاء لم تصل إليهم أضواء الشهرة التي ينالها النجوم أمام الكاميرات لكن إنجازهم الفني مشهود له في الأوساط الثقافية والمهتمة بصناعة السينما.

عاصر الطاهر شريعة مع جيله حركة التحرر من الاحتلال الفرنسي، وحصول بلاده على الاستقلال عام 1956، وما صاحب هذه الفترة من محاولات للنهوض بالسينما التونسية للتعبير عن أفكار الجيل، ونظرًا لأهمية المهرجانات في أداء هذا الدور، أسس الناقد التونسي أيام قرطاج السينمائي في عام 1966 بعد 3 سنوات وأكثر من النقاشات والمحاولات، ليظهر الحدث السينمائي الوليد بملامح عربية وإفريقية.

وداع لا ينسى

“أنا معتز باستمرار المهرجان وفخور بانتمائي إلى بلدي"، هكذا عبر أبو السينما التونسية عن سعادته بتكريمه في أيام قرطاج السينمائي، جالسًا على كرسي متحرك في آخر لقاء له جمعه بجمهوره ومحبيه في أكتوبر 2010، في مشهد وداع لا ينساه محبوه قبل وفاته بشهر واحد.

المؤرخ التونسي الطاهر شريعة

عمل الطاهر شريعة خبيرًا في منظمة اليونسكو، وكان من أبرز أولوياته صناعة سينما إفريقية مستقلة تُعبر عن شعوبها وتتحدث بلغتهم وليست لغة مستوردة من الخارج، والنهوض بصناعة السينما لتُعبر عن قضايا أوطانها وطموحات شعبها، والتأكيد على أن القارة الإفريقية تمتلك مُبدعيها، لذا كان له إسهامًا بارزًا في تأسيس مهرجان وجادوجو في بوركينا فاسو، وأيضا تأسيس مهرجان مقديشيو بالصومال، وأفرزت هذه المهرجانات أجيالًا متتابعة من السينمائيين.

وسبق أن شارك في لجان تحكيم مهرجانات سينمائية دولية، وأصدر العديد من الكتب عن فن السينما ورموزه وأسس الصناعة باللغتين العربية والفرنسية، ليلفت نظر العالم إلى سينما بلاده خصوصا بعد ترجمه بعض مقالاته في إصدارات أجنبية، فإشعاع الطاهر شريعة في الفن التونسي والعربي والإفريقي سيبقى واضحا يتذكره محبو السينما وعشاق الفن السابع، لنستعير هنا مقولته الشهيرة قبل رحيله في وداع رفاق المشوار والأجيال الجديدة "الفعل الإبداعي الصادق يبقى ويكتب له الخلود".