يشهد حزب "سيريزا" اليوناني مزيدًا من الانهيار هذه الأيام، وبات على وشك أن يفقد رسميًا مكانته كحزب المعارضة الرئيسي في البلاد. بعد أن أعلن زعيم الحزب المقال أخيرًا ستيفانوس كاسلاكيس، اليوم السبت، عن تأسيس حركة سياسية جديدة، رافقه فيها أربعة نواب على الأقل.
ومنذ مساء أمس الجمعة، أعلن أربعة نواب في البرلمان أنهم سيغادرون حزب "سيريزا"، في حين قد يتبعهم ثمانية آخرين.
هكذا، وقد كان لدى "سيريزا" 35 مقعدًا في البرلمان اليوناني، يليه الحزب الاشتراكي "باسوك" الذي حصل على 31 مقعدًا، ما يعني أنه بحلول يوم الاثنين ربما كان بإمكان "باسوك" أن يحل محله كحزب المعارضة الرئيسي في اليونان.
وفي كلمة ألقاها أمام حشد كبير من الجماهير والمؤيدين خارج مقره الجديد، قال كاسلاكيس إن "سيريزا أغلق فصله الديمقراطي" ونصّب نفسه زعيمًا لقوة سياسية جديدة تقدمية.
وأضاف: "اليوم هو يوم بهيج، لأن حركة الديمقراطية والمواطنين الأحرار والتقدم تتشكل"، وتمنى "حظًا سعيدًا" لمن بقي في سيريزا؛ كما نقلت عنه "بوليتيكو".
وتابع الزعيم المعارض: "نحن نخلق حركة من المجتمع ومن أجل المجتمع"، وأخبر أنصاره أنهم سيقررون كيف سيطلقون عليها اسما "ستكون لكم، وأنا سأكون خادمكم".
انشقاق
تأتي هذه الخطوة بعد يوم من تأكيد حزب "سيريزا" رسميًا أن "كاسلاكيس" لن يتمكن من الترشح مرة أخرى لزعامة الحزب في الانتخابات المقررة في 24 نوفمبر، مع إجراء جولة إعادة في الأول من ديسمبر إذا لزم الأمر.
وتلفت "بوليتيكو" إلى حدوث شجار كبير خلال الإعلان عن قوة المعارضة الجديدة "اندلعت الفوضى عندما حاول مئات من أنصار كاسيلاس -المعروفين باسم "كاسيليستاس"- اقتحام المكان المؤقت، مدعين أنهم طُردوا عمدًا".
وأشار تقرير الصحيفة إلى أنه "وردت أنباء عن وقوع مشاجرات ودفع واعتداءات لفظية وصيحات استهجان، في حين تم استدعاء الشرطة وخدمات الإطفاء لتوفير الأمن".
وفي خضم هذه الاضطرابات، تم تأكيد أربعة مرشحين لقيادة كتلة المعارضة الجديدة رسميا؛ وهم النائبان سوكراتيس فاميلوس وبافلوس بولاكيس، وعضو البرلمان الأوروبي نيكولاس فارانتوريس، والممثل أبوستولوس جليتسوس.
أزمة "سيريزا"
يواجه الحزب اليساري، الذي حكم اليونان من عام 2015 إلى عام 2019، أزمة وجودية منذ سحقه رئيس الوزراء المحافظ كيرياكوس ميتسوتاكيس في انتخابات العام الماضي. وأدت هذه الهزيمة إلى استقالة زعيم الحزب، السياسي اللامع أليكسيس تسيبراس.
وفي سبتمبر 2023، انتُخِب كاسلاكيس -وهو تاجر سابق وخبير في "جولدمان ساكس"- لرئاسة الحزب ومنذ ذلك الحين، انغمس الحزب في صراعات داخلية.
واجه "كاسلاكيس" انتقادات بسبب آرائه حول الاقتصاد وحلف شمال الأطلسي وإسرائيل، التي اعتبرت بعيدة كل البُعد عن آراء اليسار. كما تم التشكيك في شرعية إعلانه عن ثروته.
كما تعرّضت جولة إعلامية في شقته الفخمة في حي أثيني فاخر لانتقادات شديدة، حيث ظل موظفو الصحيفة والإذاعة التابعة للحزب بدون رواتب لشهور.
وفي نوفمبر الماضي، ترك العشرات من الأعضاء حزب "سيريزا" وأسسوا حزب اليسار الجديد.
وقد تفاقم الخلاف منذ الأداء الضعيف للحزب في انتخابات الاتحاد الأوروبي في يونيو، حيث حافظ كاسلاكيس على موقف عدائي ضد أغلبية أعضاء الحزب وخاصة تجاه سلفه تسيبراس. وفي نهاية المطاف تم منعه من الترشح لزعامة الحزب، بعد أن أرسل تهديدًا قانونيًا للحزب الشهر الماضي.