الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

توقعات قاتمة.. ترامب "حجر عثرة" أمام تعافي النمو للاقتصاد الصيني

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الصيني شي جين بينج ونظيره الأمريكي المنتخب دونالد ترامب خلال لقاء بينهما في 2019

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

بينما كشفت الصين عن تدابير جديدة تهدف إلى تعزيز نمو اقتصادها المتعثر، يستعد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لإجهاض خطط النمو الصينية، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 60% على السلع المُصنَّعَة في الصين، وفق ما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".

وقالت الهيئة البريطانية، في تقرير لها، إن الحكومة الصينية تخطط للتعامل مع عشرات المليارات من الدولارات من ديون الحكومات المحلية؛ لمنعها من أن تصبح عبئا على النمو.

وأضافت أن ترامب فاز في الانتخابات الأمريكية على أساس برنامج وعد بفرض ضرائب باهظة على الواردات، بما في ذلك رسوم جمركية تصل إلى 60% على السلع المُصنَّعَة في الصين.

ورجحت الهيئة أنْ يعوق فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة، خطط الرئيس الصيني شي جين بينج لتحويل البلاد إلى قوة تكنولوجية، ويزيد من توتر العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم.

وخلال فترة ولايته الأولى، فرض ترامب رسومًا جمركية على السلع الصينية بنسبة تصل إلى 25%، ولم يتلاشى الضغط من واشنطن بعد مغادرة ترامب للبيت الأبيض في عام 2021، إذ أبقت إدارة بايدن على الإجراءات كما هي وفي بعض الحالات وسعتها.

وبينما كانت الموجة الأولى من الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب مؤلمة للصين، فإن البلاد أصبحت الآن في وضع أكثر ضعفًا، ويواجه اقتصادها صعوبة في العودة إلى مستويات النمو التي كان عليها قبل الجائحة، منذ التخلي فجأة عن القيود الصارمة المفروضة بسبب كوفيد-19 قبل عامين.

بدلًا من تحقيق التعافي السريع المتوقع على نطاق واسع، أصبحت الصين مصدرًا منتظمًا للأخبار الاقتصادية المخيبة للآمال، حتى قبل فوز ترامب في الانتخابات.

وبعد أن بدأت الصين في تنفيذ تدابير لدعم اقتصادها في سبتمبر، خفض صندوق النقد الدولي هدفه للنمو السنوي للبلاد.

ويتوقع صندوق النقد الدولي الآن، أن ينمو الاقتصاد الصيني 4.8% في عام 2024، وهو الحد الأدنى من هدف بكين البالغ نحو 5%، فيما يتوقع الصندوق أن ينخفض ​​معدل النمو السنوي للصين إلى 4.5% في العام المقبل، 

وتتضمن الخطة الأخيرة للصين استخدام 6 تريليونات يوان إضافية (840 مليار دولار) من الآن وحتى عام 2026 لإنقاذ الحكومات المحلية التي تراكمت عليها مستويات غير مستدامة من الديون.

وعلى مدى عقود من الزمان، ساعدت الحكومات المحلية في دفع عجلة النمو في مختلف أنحاء البلاد من خلال اقتراض مبالغ ضخمة من المال، والتي استُخِدم الكثير منها في تمويل مشروعات البنية الأساسية، ولكن التباطؤ في صناعة العقارات جعل بعض المدن عاجزة عن سداد فواتيرها.

قادة البلاد لم يفاجأوا تمامًا بنهاية عقود من النمو السريع للغاية، ففي عام 2017، قال "شي" إن بلاده تخطط للانتقال من "النمو السريع إلى مرحلة التنمية عالية الجودة".

ومنذ ذلك الحين، استخدم المسؤولون الصينيون هذا المصطلح مرارًا وتكرارًا لوصف التحول إلى اقتصاد مدفوع بالتصنيع المتقدم والصناعات الخضراء.

ويرى بعض خبراء الاقتصاد أن الصين لا تستطيع ببساطة تسويق قدرتها على الخروج من المشكلات، وقال ستيفن روتش، الرئيس السابق لبنك مورجان ستانلي في آسيا، إن الصين تواجه خطر الوقوع في نوع من الركود، الذي استمر عقودًا من الزمن، والذي عانت منه اليابان بعد انفجار فقاعة الأسهم والعقارات في تسعينيات القرن العشرين.

ولكي تتجنب الصين هذا المصير، قال "روتش" إنه يتعين عليها أن تستفيد من "الطلب الاستهلاكي غير المستغل" وتبتعد عن "النمو المعتمد على التصدير والاستثمار"، مضيفًا أن "هذا لن يشجع على نمو أكثر استدامة فحسب، بل سيؤدي أيضًا إلى خفض التوترات التجارية وانخفاض تعرض الصين للصدمات الخارجية".

ومن الممكن أن يساعد هذا النموذج الاقتصادي الأكثر قوة، الصين في صدّ التهديدات التي تفرضها عودة ترامب إلى السلطة، ولكن الصين -التي ظلت لفترة طويلة مصنع العالم للسلع منخفضة التكلفة- تحاول تكرار هذا النجاح من خلال الصادرات ذات التكنولوجيا العالية، وهى بالفعل رائدة عالمية في مجال الألواح الشمسية والمركبات الكهربائية وبطاريات الليثيوم آيون.

ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، تمثل الصين الآن ما لا يقل عن 80% من إنتاج الألواح الشمسية، كما أنها أكبر مصنع للسيارات الكهربائية والبطاريات التي تعمل بها.

وقالت وكالة الطاقة الدولية، العام الماضي، إن استثمارات الصين في الطاقة النظيفة تمثل ثلث إجمالي استثمارات العالم، بعدما واصلت البلاد إظهار "تقدم ملحوظ في إضافة القدرات المتجددة".

وقال ديفيد لوبين، وهو زميل باحث بارز في مؤسسة "تشاتام هاوس" البحثية في لندن: "من المؤكد أن هناك جهدًا شاملًا لدعم التصنيع عالي التقنية في الصين"، وأضاف أنّ "هذا الأمر كان ناجحًا للغاية".

وارتفعت صادرات الصين من المركبات الكهربائية وبطاريات الليثيوم آيون والألواح الشمسية بنسبة 30% في عام 2023، متجاوزة تريليون يوان (139 مليار دولار أمريكي أو 108 مليار جنيه إسترليني) لأول مرة مع استمرار الصين في تعزيز هيمنتها العالمية في كل من هذه الصناعات.

وساعد نمو الصادرات في تخفيف الضربة التي تلقاها الاقتصاد الصيني نتيجة أزمة العقارات الحالية، وقالت أليشيا جارسيا هيريرو، كبيرة الاقتصاديين لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في بنك الاستثمار ناتيكسيس: "من المؤكد أن فائض الطاقة الإنتاجية في الصين سوف يزيد، وليس هناك شك في ذلك.. ليس لديهم أي مصدر آخر للنمو".

إلى جانب هذه الزيادة في الصادرات، كان هناك تزايد في المقاومة من جانب الدول الغربية، وليس فقط الولايات المتحدة. في الشهر الماضي فقط، رفع الاتحاد الأوروبي الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية المُصنَّعَة في الصين إلى ما يصل إلى 45%.

وقالت كاترينا إيل، مديرة الأبحاث في موديز أناليتيكس: "المشكلة الآن هي أن كبار المتلقين لهذه السلع، بما في ذلك أوروبا والولايات المتحدة، أصبحوا مترددين بشكل متزايد في استلامها".

واليوم، بينما يستعد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض حاملًا تعهدًا بمهاجمة الواردات الصينية، فسوف يتعين على بكين أن تسأل نفسها ما إذا كانت إجراءاتها الأخيرة لتعزيز اقتصادها المتباطئ ستكون كافية.