كشفت بيانات وزارة الصحة اللبنانية وتحليل أجرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية، للغارات الجوية الإسرائيلية على لبنان أن جيش الاحتلال أسقط قنابل على مقربة خطيرة من المستشفيات التي يحميها القانون الدولي.
وبحسب البيانات التي جمعتها السلطات الطبية، تضرر نحو 20% من المستشفيات المسجلة لدى وزارة الصحة في لبنان، خلال شهر من الهجمات الإسرائيلية، إذ سقطت معظم الضربات في محيطها.
انفجار قنابل بالقرب من المستشفيات
وقال محمد فوعاني، ممرض غرفة الطوارئ في مستشفى رفيق الحريري الجامعي اللبناني، لشبكة "سي إن إن": "كنت أعالج مريضًا عندما انفجرت القنبلة، وسقطت فوقه من الصدمة.. كان الدخان كثيفًا للغاية بالكاد تمكنت من رؤية زملائي".
وذكر فوعاني: "اهتزت الأرض، وتحطمت النوافذ، وامتلأ الهواء بصراخ المرضى. ضربت قنبلة إسرائيلية للتو الضاحية الجنوبية لبيروت في هجوم آخر، الذي استهدف هذه المرة الشارع الذي يضم أكبر مستشفى عام في لبنان".
وأضاف: "منذ بداية الحرب، كانت كل ليلة صعبة. لكن هذه كانت الأسوأ على الإطلاق. كانت الأكثر إيلامًا".
وزعمت قوات الاحتلال أن الضربة أصابت هدفًا لحزب الله، على الرغم من أن المنطقة لم تكن مشمولة بأوامر الإخلاء الإسرائيلية للمواقع التي يُزعم أنها مرتبطة بالحزب اللبناني.
وصرّحت وزارة الصحة اللبنانية بأنه استُشهد 18 شخصًا على الأقل، بينهم أربعة أطفال، وأصيب 60 آخرون في المبنى السكني على بعد نحو 70 مترًا من المستشفى.
ادعاءات إسرائيلية
وردًا على طلب شبكة "سي إن إن" للتعليق، ادعت قوات الاحتلال الإسرائيلية بأنها تعمل وفقًا للقانون الدولي واتهمت حزب الله بالتوغل في المناطق المدنية.
وزعم جيش الاحتلال قائلا: "يضع حزب الله أصوله العسكرية بشكل استراتيجي على مقربة من المرافق الطبية، مثل المستشفيات والعيادات، كجزء من استراتيجية الدرع البشري".
واتهم الدكتور فراس أبيض، وزير الصحة اللبناني، جيش الاحتلال بتعمد استهداف المنشآت الصحية، مشيرًا إلى ما يحدث في غزة، إذ هاجمت إسرائيل المستشفيات علنًا، مُدعية ارتباطها بحماس.
وقال عبيد لشبكة "سي إن إن": "من المفترض أن تكون المؤسسات الصحية ملاذات آمنة، ومن الواضح أن هذا متعمد، وأن هذه سياسة دولة تتبعها إسرائيل، سواء في غزة أو في لبنان".
كان قطاع الصحة بلبنان في خضم هجوم جوي إسرائيلي، إذ تتبادل إسرائيل وحزب الله إطلاق النار في حرب مستمرة، وتضرر جنوب البلاد والضواحي الجنوبية لبيروت بشدة.
تضرر 34 مستشفى
وفي الشهر الأول من هجومها الجوي الشامل في لبنان، الذي بدأ 23 سبتمبر، ألحقت الضربات الإسرائيلية أضرارًا بـ34 مستشفى، وقتلت 111 من فنيي الطوارئ الطبية، وأصابت 107 سيارات إسعاف، وفقًا للبيانات التي جمعتها وزارة الصحة اللبنانية.
واستهدفت أكثر من 240 غارة جوية في لبنان ما لا يقل عن 24 مستشفى كانت ضمن منطقة خطرة تبلغ 500 متر تستخدمها قوات الاحتلال كمعيار لمناطق الإخلاء من القنابل، وفقًا للشبكة الأمريكية.
وأظهر التحليل، الذي غطى الشهر الأول من الحرب، أن إسرائيل أسقطت ذخائر ضمن ما يُعرف بـ"المدى المميت" - 340 مترًا - بالقرب من 19 مستشفى على الأقل.
ولم يتناول تحليل "سي إن إن" سوى الغارات الجوية المعلن عنها في أوامر الإخلاء العسكرية الإسرائيلية بين 23 سبتمبر و23 أكتوبر.
وهذه العينة أصغر من أكثر من ألف ضربة إسرائيلية قدرت من قبل مشروع بيانات موقع وأحداث الصراع المسلح (ACLED)، وهي منظمة لمراقبة الأزمات.
وقال تريفور بول، فني سابق في مجال الذخائر المتفجرة بالجيش الأمريكي: "حتى المستشفى الذي لم يتم استهدافه بشكل مباشر يمكن أن يتضرر من موجة الانفجار أو التفتت الناجم عن ضربة قريبة".
وأضاف: "يمكن للشظايا أن تؤذي أو تقتل أشخاصًا على بُعد مئات الأمتار، ما يعني أن ضربة على بُعد مئات الأمتار يمكن أن تقتل أشخاصًا ليسوا خلف الحماية الكافية".
ويتعرّض لبنان لعدوان إسرائيلي منذ أكتوبر 2023، لكن منذ نهاية سبتمبر الماضي زاد الاحتلال الإسرائيلي من وتيرة القصف الجوي والمدفعي بشكل غير مسبوق، ووسع نطاق استهدافاته لتمتد إلى العاصمة بيروت؛ ما أدى إلى استشهاد وإصابة الآلاف من اللبنانيين، فضلًا عن إجبار أكثر من مليون شخص على النزوح من منازلهم.