قبل أيام قليلة من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يسود توتر كبير على الساحة السياسية، حيث يتصاعد الخطاب الناري بين المرشحين، وسط توقعات بانتخابات حاسمة قد تقرر ملامح المستقبل السياسي للبلاد.
الرئيس السابق الجمهوري دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس يخوضان مواجهة شرسة، مليئة بالوعود المثيرة والتحذيرات من المستقبل المجهول، بينما تلوح قضايا مصيرية، كالإجهاض وحقوق الإنسان، في أفق القرار النهائي، فيما تثار التساؤلات حول التأثير موقف الناخبين في ولايات مفصلية مثل بنسلفانيا، وهل ستتحول التوترات إلى "عامل حاسم" في نتيجة الانتخابات؟
السعي إلى الفوز وإقناع الناخبين
قبل أسبوع من الانتخابات المصيرية، يسعى كل من المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترامب لاستغلال كل الوسائل لإقناع الناخبين بضرورة الذهاب إلى صناديق الاقتراع، ويواصل المرشحان تركيزهما على نقاط الضعف لدى بعضهما البعض، ما يُظهر التوتر الشديد الذي يشوب المشهد الانتخابي.
من جهتها، أعلنت هاريس عن حدث انتخابي غير مسبوق ستعقده في واشنطن، تحديدًا في الموقع الذي شهد خطاب ترامب في السادس من يناير 2021، قبل أعمال الشغب في مبنى الكونجرس.
وتهدف هاريس، وفق "سي إن إن" من هذا الخطاب إلى تذكير الناخبين بالتهديدات التي يراها فريقها الديمقراطي في عودة ترامب إلى السلطة، في المقابل، اختارت هاريس الإشارة إلى القضية الشائكة التي يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في الانتخابات: حرية الإجهاض، مؤكدة على الدور المهم الذي تلعبه تلك المسألة في جذب الناخبات.
الإجهاض.. فاصل تعادل بين المرشحين
تعد قضية الإجهاض إحدى أبرز القضايا التي تسعى حملة هاريس لاستغلالها لكسب أصوات الناخبات، وخصوصًا النساء البيض المتعلمات المقيمات في الضواحي، وتعتقد أن هذه الفئة، التي مالت سابقًا إلى التصويت للمرشحين الجمهوريين، قد تتغير مواقفها بسبب التداعيات التي خلّفها قرار المحكمة العليا بإلغاء حكم "رو ضد وايد" الذي كان يضمن حق الإجهاض منذ عقود.
ويرى الديمقراطيون في هذه القضية أملًا لتحقيق تقدم ملحوظ في الانتخابات، وذلك على غرار الانتخابات النصفية لعام 2022 حيث أثبتت هذه القضية قدرتها على حشد التأييد، ومن المتوقع أن تؤثر نتائج الانتخابات المقبلة بشكل مباشر على التشريعات المتعلقة بالإجهاض، حيث ستصوّت عدة ولايات على مقترحات تهدف إلى حماية الحق في الإجهاض على المستوى المحلي.
موقف ترامب من "بورتوريكو"
وأثار ترامب عاصفة من الانتقادات، خاصةً من مجتمع بورتوريكو الأمريكي، عقب تصريحات عنصرية أدلى بها أحد الممثلين الكوميديين في تجمع انتخابي له، الذي وصف بورتوريكو بـ"جزيرة القمامة"، ورغم محاولات حملة ترامب النأي بنفسها عن تلك التصريحات، إلا أن الشعور بالإهانة ظل طاغيًا لدى الكثيرين من سكان بورتوريكو المقيمين في الولايات المتحدة، الذين يلعبون دورًا مهمًا في الانتخابات الرئاسية.
استغلال الديمقراطيين للجدل
سارع الديمقراطيون، وعلى رأسهم الرئيس السابق باراك أوباما، إلى استغلال الأزمة في مهاجمة ترامب، مطالبين برفض سياسات الانقسام والكراهية. وفي خطاب ألقاه في فيلادلفيا، دعا أوباما إلى نبذ الخطاب العدائي الذي يتعرض له مجتمع بورتوريكو، مؤكدًا أنهم جزء من الشعب الأمريكي.
وتشكّل الانتخابات الرئاسية المقبلة اختبارًا مهمًا لتوجهات الشعب الأمريكي بشأن قضايا مصيرية. بين خطاب ترامب الذي يحمل وعودًا اقتصادية صريحة، وخطاب هاريس المتعلق بقضايا حقوق الإنسان والحريات، تبدو المعركة السياسية مفتوحة على كل الاحتمالات. ولعل السؤال الأهم يبقى: هل سيصبح ملف الإجهاض والاحترام المجتمعي أدوات حاسمة في الانتخابات، أم أن الناخبين سيحكمون استنادًا إلى القضايا الاقتصادية والسياسات الخارجية التي يستعرضها ترامب؟