وضع الدكتور أسامة شعث، الخبير السياسي الفلسطيني وأستاذ العلاقات الدولية، سيناريوهين للردّ الإيراني المحتمل على الضربة العسكرية التي تلقتها من جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم السبت.
وأعلن جيش الاحتلال استهداف مواقع عسكرية في عدة مناطق بإيران، فجر اليوم، ردًّا على الهجوم بالصواريخ الباليستية الذي شنته طهران على تل أبيب، مطلع شهر أكتوبر الجاري.
واستخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ الهجوم على إيران، مقاتلات هجومية محملة بالصواريخ الهجومية جو- أرض، وصواريخ اعتراضية لحماية المقاتلات، وطائرات تزويد بالوقود، ومُسيّرات تجسس.
وقال "شعث"، في تصريحات خاصة لموقع "القاهرة الإخبارية"، إن السيناريو الأول للرد الإيراني، قد يكون محدودًا وفق آلية منضبطة، تحفظ ماء الوجه أمام الوكلاء والحلفاء والشعب، لا تزيد عمّا جرى سابقًا من هجمات محدودة.
ورجّح "شعث"، حدوث هذا السيناريو، لإدراك النظام الإيراني أن أي تصعيد أو رد يستهدف المواقع الاستراتيجية للاحتلال سيدخل الولايات المتحدة فعليًا كطرف مباشر بالحرب، وهو ما لا ترغبه إيران.
أما السيناريو الآخر، وفق شعث، فهو الانتظار بعد الانتخابات الأمريكية، والدخول في مفاوضات مع الإدارة الأمريكية المقبلة، لعقد صفقة إقليمية شاملة على (قاعدة تقاسم مناطق النفوذ) لا غالب أو مغلوب فيها، وبهذا تتجنب إيران أي استباحة لأراضيها.
وأوضح الخبير الفلسطيني، أنّ الضربة الإسرائيلية لإيران، فجر اليوم، حملت عدة أهداف، أهمها أنّ جيش الاحتلال أراد إظهار كفاءة وقدرة سلاح الجو لديه على الردع والتحليق لمسافات بعيدة، بما يعني استعادة زمام المبادرة والقدرة على الردع.
فيما أشار إلى أنّ الهدف الثاني يتمثل في أنه (الاحتلال) أراد نقل المعركة خارج حدوده، ما يضع إيران ووكلاءها في موقع دفاعي، لإدراكه بأن استمرار الحرب في أراضيه ومحيطها يشكل خطرًا استراتيجيًا على وجوده.
وثالث الأهداف هو أنّ جيش الاحتلال يريد طمأنة شعبه بقدرته على الدفاع والهجوم والوصول لأي مكان، وهو بهذه العملية وصل إلى الأجواء الإيرانية، وأرسل رسائله بعدم رغبته بالحرب الاقليمية المفتوحة تماهيًا مع الرغبة الأمريكية، حسبما ذكر "شعث".
ولفت "شعث" إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن راضية تمامًا عن الضربة الإسرائيلية لإيران، لأنّها أولًا جاءت في إطار محدود وفق ما أرادته واشنطن، حتي لا تتوسع المواجهات لحرب عالمية بالوكالة، خصوصًا إذا ما استهدفت المحطات النفطية والنووية التي تعد عماد الاقتصاد الإيراني، وبالتالي ستتأثر مصالح حلفاء إيران روسيا والصين.
وقال أستاذ العلاقات الدولية: "لم ترغب الولايات المتحدة أن تخرج الضربة الإسرائيلية عن النطاق المحدود حتى لا تؤدي لإشعال وتوسعة الحرب".
وأضاف أنّ الولايات المتحدة تسعى للتهدئة في منطقة الشرق الأوسط، قبل أيام من انتخابات الرئاسة الأمريكية المقرر إجراؤها في 5 نوفمبر المقبل، وهذا ما يفسر مساعي واشنطن إلى إحياء مفاوضات الهدنة والتبادل في غزة، وكذلك وقف الحرب على لبنان.
لكن المساعي الأمريكية لإحياء محادثات التهدئة في غزة لاستعادة المحتجزين في القطاع، تصطدم برفض اليمين المتطرف في حكومة الاحتلال وقف الحرب على غزة، ما يمثل ضغطًا على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقال الخبير الفلسطيني: " فعليًا، لا يوجد أمل كبير لعقد صفقة في المنظور القريب لسببين، الأول: أن الداخل الإسرائيلي المتطرف لا يريد صفقة او انسحاب من غزة، وإنما يطالب بالاحتلال والاستيطان، والثاني: أنّ حماس غير جاهزة لوجستيًا لعقد صفقة، وكذلك هي غير مستعدة لعقد صفقة أقل مما كان معروضًا عليها، وتم الاتفاق عليه مسبقًا".
وأضاف شعث أن الضربة الإسرائيلية لإيران استهدفت تخفيف الضغوط الداخلية على نتنياهو، مشيرًا إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يبحث دائمًا عن صورة نصر له، وكل عملية عسكرية أو استهداف خارج حدود دولة الاحتلال، تزيد من فرصه في استعادة شعبيته.
واتفقت رؤية الخبير الفلسطيني، مع الصحفي والباحث الإيراني عباس أصلاني، المُقيم في طهران، الذي قال لشبكة "سي إن إن" إنّ هناك خطرًا يتمثل في إمكانية تصعيد التوترات بين إسرائيل وإيران بحلول الوقت الذي يدخل فيه رئيس أمريكي جديد إلى البيت الأبيض.
وأضاف "أصلاني" أن الضربة الإسرائيلية على إيران كانت أكثر محدودية في نطاقها مما كان يخشاه الكثيرون، وهو ما قد يعني أنه "ربما لفترة قصيرة، قد نتمكن من تجنب حرب شاملة في المنطقة".
وتابع الباحث: "بحلول الوقت الذي سيكون لدينا فيه رئيس رسمي في البيت الأبيض، أعتقد أن هناك فرصًا لتجدد الصراع بين الجانبين".