منذ نوفمبر 2022، كان زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد أحد أشد منتقدي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. حيث حذّر من "التهديد الداخلي" الذي يشكله برنامج نتنياهو للإصلاح القضائي. بينما لم يعد يرى مستقبل واضح لدولة الاحتلال بعد ثلاث أو أربع سنوات من الآن. كما أشار في حديثه لصحيفة "جيروزاليم بوست".
في حوار طويل، تحدث السياسي ذو الشعر الفضي، الذي يرأس حزب "يش عتيد"، الذي خسر رئاسة الوزراء أمام أطول السياسيين حكمًا، نتنياهو، قائلًا إن "الخطوة الأولى الضرورية والأساسية في الوقت الحالي، إلى جانب إزالة حكومة نتنياهو، هي إنهاء الحرب في غزة مقابل صفقة من شأنها أن تشهد إطلاق سراح 101 من المحتجزين".
وقال: "في الوقت الحالي، فإن وقف الحرب هو في الواقع مصلحة إسرائيلية"؛ داعيًا إلى "صفقة واحدة تفرج عن الأحياء وتعيد جثث الموتى لدفنها".
وأضاف أن الحكومة الحالية لن تمضي قدمًا في صفقة المحتجزين أو اتفاقية السلام الإقليمية، وبالتالي فإن استبدالها ضرورة استراتيجية ملحة.
اليوم التالي لغزة
بدا لابيد واحدًا من الداعين إلى استبعاد حركة حماس من مناقشات "كيف يبدو اليوم التالي في غزة"، حسب تعبيره؛ حيث دعا إلى نزع السيطرة الفلسطينية عن القطاع، و"استبدال الحركة بنوع من الهيئة الحاكمة الدولية التي يمكن أن تضم لاعبين إقليميين، فضلًا عن فرع رمزي للسلطة الفلسطينية"، كما قال.
وعلى عكس الرفض المصري الواضح للرؤية الإسرائيلية، زعم أن جيش الاحتلال الإسرائيلي "سوف يضطر إلى الاحتفاظ بالسيطرة على الممر الأمني الحيوي في فيلادلفيا ومعبر رفح، فضلاً عن القدرة على إعادة الدخول إلى غزة لأسباب أمنية عند الحاجة".
مع هذا، فإن لابيد من الساسة الداعمين لفكرة إقامة الدولة الفلسطينية وحل الصراع على أساس الدولتين. لكن على ما يبدو، يجب أن تكون برؤية وشروط إسرائيلية.
يقول لابيد للصحيفة: "حتى الآن، ما زلت أؤمن بحل الدولتين، ولكن ليس الدولة التي يتحدثون عنها (قاصدًا الفلسطينيين والوسطاء). يجب أن تكون الدولة الفلسطينية سلمية وساعية إلى السلام، وعبء إثبات هذا لا يقع علينا، بل عليهم".
كما روّج خلال حديثه للمزاعم الإسرائيلية حول "إعادة تأهيل السلطة الفلسطينية" وفق رؤية الاحتلال، مهاجمًا الرئيس الفلسطيني محمود عباس لـ "عدم إدانته" عملية "طوفان الأقصى" العام الماضي؛ مشيرًا إلى أنه "من غير الممكن أن يكون هناك دولة فلسطينية لمدة خمس أو ست سنوات على الأقل".
خلافات داخلية
عقب "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر، تواصل لابيد مع نتنياهو وقال إنه سيكون على استعداد لدخول الحكومة إذا أزال رئيس الوزراء الحزبين اليمينيين المتطرفين، حزب "الصهيونية الدينية" وحزب "عوتسيما يهوديت"، من الائتلاف الحاكم.
مع ذلك، قال لابيد إن نتنياهو "لم يفكر في العرض فحسب، بل إنه لم يستخدمه حتى كوسيلة ضغط لإبقاء شركائه من اليمين المتطرف تحت السيطرة". وأضاف: "لم يكن يهتم على الإطلاق ولم يكن مهتمًا باحتمالية ذلك، حتى عن بُعد".
وعلى النقيض من التقديرات العامة، فإن قرار رئيس حزب اليمين الموحد جدعون ساعر بالعودة إلى الحكومة مع أعضائه الأربعة في سبتمبر لم يمنح الحكومة المزيد من المساحة للتنفس، كما قال لابيد، الذي أكد أن مشاكل الحكومة "كانت في العالم الحقيقي ولا يمكن التخلص منها بالمناورات السياسية".
وقال لابيد، في إشارة إلى محاولة الأحزاب المتطرفة مواصلة التهرب من الخدمة في جيش الاحتلال الإسرائيلي وميزانية 2025 المقبلة -والتي من المتوقع أن تتضمن زيادات ضريبية كبيرة- إن المشكلتين الأساسيتين لهذه الحكومة ليستا سياسيتين في الواقع.
وكان جيش الاحتلال أعلن -في إطار مناقشات قانون التجنيد الجديد- إنه ينقصه نحو 10 آلاف جندي "وإذا أضفنا إلى هذا 11 ألف جندي آخرين أصيبوا في الحرب، إلى جانب 750 قتيلاً، فإننا نحتاج إلى نحو 22 ألف جندي. لا يوجد مخزون بشري بهذا الحجم يمكن تجنيده من غير الرجال المتشددين دينيًا في سن الخدمة العسكرية"، حسب لابيد.
وعندما سُئل عن سبب عدم نجاح حكومة نتنياهو في تأخير معالجة هذه المشاكل؛ أكد لابيد أن الضغط على مشروع قانون التهرب من الخدمة العسكرية لا يأتي من المجتمع الإسرائيلي بل من المؤسسة الدينية المتطرفة"، مثل رئيس حزب "التوراة اليهودية الموحدة" إسحاق جولدنوبف، الذي هدد بعدم دعم ميزانية 2025 إذا لم يحصل طلاب المدارس الدينية على إعفاءات قانونية من الخدمة العسكرية.
وأكد: "نحن لا نعرف إلى أين تتجه إسرائيل، ولكن إذا لم تكن لدينا رغبة في الموت، فلا يمكن أن نسير في طريق بن جفير وسموتريتش".
وقال إن مثالا آخر على المسار الذي تقوده الحكومة هو الإصلاح القضائي "الذي لا يزال تهديدًا قائمًا"، مشيرا إلى محاولة وزير العدل ياريف ليفين المستمرة لـ "تخريب" انتخاب رئيس دائم للمحكمة العليا.