كشفت تقارير لجنة الانتخابات الفيدرالية ومؤسسة "أوبن سيكرتس" البحثية عن حجم التدفقات المالية الضخمة التي يضخها كبار الأثرياء الأمريكيين في حملات المرشحين للانتخابات الرئاسية 2024.
ورصد موقع "أكسيوس" تفاصيل خريطة التمويل، والتي تُصنف الأكبر على الإطلاق في تاريخ الانتخابات الأمريكية، ما يؤهلها لإعادة تشكيل المشهد السياسي الأمريكي.
تحول تاريخي
وأحدث انسحاب الرئيس الحالي جو بايدن وترشح نائبته كامالا هاريس عن الحزب الديمقراطي، زلزالًا سياسيًا في الولايات المتحدة، انعكس بشكل مباشر على حركة التمويل السياسي.
وبحسب تحليلات "أكسيوس"، حققت حملة هاريس إنجازًا غير مسبوق بجمعها أكثر من مليار دولار منذ إطلاقها في يوليو الماضي، في وقت تراجعت فيه وتيرة التبرعات لحملة منافسها الجمهوري دونالد ترامب (الرئيس السابق).
قوة صاعدة
ومثّل دخول الملياردير إيلون ماسك على خط التمويل السياسي نقطة تحول في المشهد الانتخابي بالمعسكر الجمهوري، إذ ضخ، خلال ثلاثة أشهر فقط، نحو 75 مليون دولار في لجان العمل السياسي المؤيدة لترامب.
ولم يقتصر دور ماسك على التمويل المباشر، بل امتد ليشمل استخدام منصته الإعلامية "إكس" (تويتر سابقًا) منبرًا للترويج للأجندة المحافظة، خاصّة في ما يتعلق بقضايا الهجرة والهوية الجندرية (تحديد الجنس).
وتعمقت علاقة ماسك بالمعسكر الجمهوري بشكل خاص بعد محاولة الاغتيال الأولى التي استهدفت ترامب في يوليو، بإعلانه دعمه الصريح للرئيس السابق.
عائلة أديلسون
وبرزت ميريام أديلسون، أرملة قطب الكازينوهات شيلدون أديلسون، كأحد أهم الداعمين الماليين لحملة ترامب، بتقديمها 95 مليون دولار للجنة "بريزيرف أمريكا" خلال الربع الثالث من العام الحالي وحده.
ورغم التوتر الذي شاب العلاقة بين أديلسون وترامب خلال الصيف الماضي بسبب خلافات حول إدارة اللجنة، نجح الطرفان في تجاوز خلافاتهما، وتجلى ذلك في ظهورهما المشترك في فعّالية لمكافحة معاداة السامية، ما يؤكد استمرار الدعم التاريخي الذي تقدمه عائلة أديلسون للحزب الجمهوري.
إمبراطورية أويهلاين
يشكل الزوجان ديك وليز أويهلاين، مؤسسا شركة الشحن "يولاين"، قوة مالية محورية في دعم قضايا الحزب الجمهوري، إذ ضخّا ما يقرب من 49 مليون دولار في لجنة "ريستوريشن" المحافظة خلال الربع الأخير من العام، ليصل إجمالي تبرعاتهما في 2024 إلى 59 مليون دولار.
وتتميز استراتيجية عائلة أويهلاين بتنوع الدعم، إذ وجهت لجنتها أكثر من 19.5 مليون دولار لمجموعات محافظة متنوعة، من بينها "أمهات من أجل الحرية" التي تناهض مناقشة قضايا التنوع والهوية في المدارس، ولجنة "المرأة تتحدث" المناهضة للإجهاض.
التمويل المتعدد
وعلى جانب المعسكر الديمقراطي، يتبنى الملياردير ورئيس بلدية نيويورك السابق مايك بلومبرج استراتيجية تمويل متعددة المسارات، إذ قدم 19 مليون دولار للجنة "فيوتشر فورورد" التي انتقلت من دعم بايدن إلى هاريس.
وخصص بلومبرج 7 ملايين دولار لدعم جهود تنظيم حيازة الأسلحة عبر منظمة "إيفريتاون"، و10 ملايين دولار إضافية لدعم المرشحين الديمقراطيين في انتخابات مجلس النواب.
تحالف التكنولوجيا
ويمثل ريد هوفمان، مؤسس شبكة "لينكد إن"، وزوجته ميشيل يي نموذجًا للجيل الجديد من الداعمين الديمقراطيين، إذ وجّها 10 ملايين دولار لدعم حملة هاريس عبر لجنة "فيوتشر فورورد"، كما خصصا 6 ملايين أخرى للجنة "المساءلة الجمهورية" المناهضة لترامب.
ويتميز نهجهما بالتركيز على استهداف الناخبات المعتدلات، وقدما أكثر من مليوني دولار للجنة "واحد للجميع" المتخصصة في هذا المجال.
وأشار محللون سياسيون إلى أنّ حجم التمويل غير المسبوق في الانتخابات المقبلة يعكس تحولًا عميقًا في طبيعة الديمقراطية الأمريكية، إذ أصبح بإمكان عدد محدود من الأفراد فائقي الثراء التأثير بشكل كبير على مسار العملية الديمقراطية من خلال ضخ مئات الملايين من الدولارات في الحملات الانتخابية، بحسب "أكسيوس".