استضافت العاصمة المصرية، اليوم الأربعاء، مؤتمرًا لمناقشة النسخة العربية لكتاب الرئيس الصيني "مقتطفات من خطابات شي جين بينج حول التحديث الصيني النمط"، والذي ناقش المشاركون فيه تطور خطوات التحديثات التي قامت بها الصين خلال المئة عام الماضية، والتي أدت إلى بروزها كقوة عملاقة في عالم اليوم.
ولا تشتمل نظرية "التحديث الصيني النمط" على العناصر المشتركة لعملية التحديث التي تتبعها جميع دول العالم فحسب، وإنما أيضًا تشتمل على الخصائص الذاتية للصين.
وتعود جذور النظرية إلى فكرة "اتخاذ الشعب أساسًا" المستوحاة من الثقافة الكونفوشية، إلى "خدمة الشعب بكل أمانة وإخلاص" في فترة ماو تسي تونج -الزعيم التاريخي للبلاد- إلى "الجماهير منبع قوتنا" في فترة دنج شياو بينج، إلى "ترسيخ فكرة التنمية المتمحورة حول الشعب"، ثم إلى اقتراح "التحديث الصيني النمط هو تحديث مع عدد ضخم من السكان"، التي يدعمها الرئيس الحالي شي جين بينج.
تحديث الصين
في كلمته، قال مو تشاو يونج، نائب السكرتير التنفيذي للجنة الحزبية في معهد تاريخ ووثائق الحزب، التابع للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، إن بلاده قدمت إسهامات لا تُمحى في تقدم الحضارة الإنسانية "ومع ذلك، في سياق التصنيع العالمي مع قدوم العصر الحديث، بدأت الصين تتراجع تدريجيًا، خاصة بعد حرب الأفيون عام 1840، حيث أدى الغزو الغربي والحكم الإقطاعي إلى أزمة عميقة في استدامة الحضارة الصينية، وعانت الأمة الصينية من التدهور والانهيار، كما تعرضت لكوارث غير مسبوقة".
واستطرد: "منذ ذلك الوقت، شرع الشعب الصيني في البحث عن طريق تحديث الصين، وقاموا بالعديد من المحاولات لكنها باءت بالفشل. وفي هذا السياق، وقعت مهمة استكشاف طريق التحديث الصيني تاريخيًا على عاتق الحزب الشيوعي الصيني. وعلى مدار أكثر من 100 عام اُبتكر التحديث الصيني النمط بنجاح وعُزز ووُسع باستمرار، بعد اجتياز متاعب شتى ودفع أثمان باهظة".
وأشار يونج إلى أن "النمط الصيني" لهذا التحديث على أساس الاشتراكية ذات الخصائص الصينية القائمة على ظروف الصين الواقعية، ومع هذا، يتسم بالصفات المشتركة للتحديث في مختلف البلدان.
وتابع: كما أشار الرئيس شي جين بينج، لا يمكن للتحديث الصيني النمط أن يكون مزدهرًا ومشرقًا، إلا من خلال الالتزام الثابت بالقيادة؛ وبدون هذه القيادة، سيفقد التحديث الصيني النمط مساره وجوهره، وقد يرتكب أخطاء كارثية".
صورة مختلفة
أشار السفير عزت سعد، مدير المجلس المصري للشئون الخارجية، إلى أن نظرية "التحديث الصيني النمط" بعد طرحها في المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر 2022 "أصبحت إحدى أهم نظريات التنمية الكبرى التي يمكن لمختلف البلدان النامية الاعتماد عليها ومراعاتها لتحقيق التحديث والتقدم والازدهار، في وقت يشهد فيه المجتمع البشري تغيرات وتحديات غير مسبوقة، وتزداد فيه الحاجة للسلام، والتنمية، والأمن، والحوكمة".
وأضاف: "الحقيقة أن نظرية التحديث الصيني النمط، أو نموذج التحديث الصيني، هي تطور للفكر السياسي الصيني في التعامل مع الشركاء، حيث نجد صدى لهذه النظرية في "وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية، التي طرحت من قبل الرئيس شي جين بينج على جامعة الدول العربية خلال زيارته للقاهرة في يناير 2016".
ولفت إلى أن نظرية التحديث الصيني النمط "كسرت أسطورة التحديث هو التغريب"، مقدمة صورة مختلفة عن نموذج التحديث الغربي الذي لا يراعى الظروف المتنوعة والمتباينة لبلدان العالم "كما عالجت النظرية الصينية شواغل البلدان النامية وعبَّرت عن تطلعاتها بصدق، في هذه المرحلة الحرجة التي يعيشها العالم. وهكذا، كان من شأن النظرية أن تقدم خيارات جديدة ومساهمات مهمة للتحديث البشري".
تطلعات مشتركة
وقال السفير الصيني بالقاهرة لياو ليتشيانج، إن تحقيق التحديث يمثل هدفًا مشتركًا تسعى إليه كافة دول العالم، وأن كيفية تحقيق التحديث في الدول النامية -التي تأخرت في عملية التحديث- تعدّ معضلة عالمية.
وأضاف: إن الصين، كأكبر دولة نامية في العالم، أكملت خلال عقود فقط عملية التصنيع التي استغرقت مئات السنين في الدول الغربية المتقدمة، مما خلقت معجزة في التاريخ العالمي للتحديث، وذلك من خلال السير على الطريق التنموي المتناسب مع الظروف الوطنية الصينية".
وأشار ليتشيانج إلى أن الطابع الأساسي للتحديث الصيني النمط، والأهداف والتخطيطات والاستراتيجيات لهذا التحديث وتأثيره العالمي مذكورة في الكتاب "الذي يضم التفسيرات المعمقة لمحتويات التحديث الصيني النمط، بما فيه خصائصه ومتطلباته الجوهرية ومبادئه الأساسية"، حسب قوله.
وتابع: في ظل التغيرات الهائلة منذ قرن، أصبح السعي إلى التنمية والنهضة تطلعًا مشتركًا للصين ومصر وغيرهما من الدول النامية. وتتخطى دول الجنوب العالمي خطوات ثابتة في استكشاف طريق تنموي يناسب الظروف الوطنية بالإرادة المستقلة".