الرسالة الواضحة التي تبعث بها قمة "البريكس" السادسة عشرة، في مدينة قازان الروسية، أن هذا التجمع العالمي، يتوسع ضد الهيمنة الغربية على النظام العالمي، الذي يتجه نحو التعددية القطبية. وتعقد قمة "البريكس" في قازان جنوب روسيا تحت شعار "تعزيز التعددية من أجل التنمية والأمن العالميين العادلين"، بمشاركة نحو 38 دولة و24 رئيسًا.
ويضم تجمع "البريكس" في عضويته مصر والبرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب إفريقيا، وإثيوبيا، وإيران، والسعودية، والإمارات. وأشار المسؤولون الروس إلى أن ثلاثين دولة أخرى ترغب في الانضمام إلى "البريكس" أو تسعى إلى إقامة علاقات أوثق مع التجمع.
وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي. بي. سي"، أن مجموعة البريكس ضمت في البداية البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، وتوسعت باعتبارها قوة موازنة للعالم الذي يقوده الغرب، لتشمل مصر والسعودية وإيران والإمارات العربية المتحدة وإثيوبيا.
ونقلت الهيئة عن كريس ويفر، الشريك المؤسس لشركة الاستشارات ماكرو أدفايزوري، أن الرسالة الواضحة من قمة قازان، هي أن "محاولات عزل روسيا قد فشلت".
واتفقت شبكة "سي. إن. إن" الأمريكية مع زميلتها البريطانية، أن الرسالة التي يبعث بها بوتين ونظيره الصيني الرئيس شي جين بينج، في قمة "البريكس" بقازان، أن الغرب هو الذي يقف معزولًا في العالم بعقوباته وتحالفاته، في حين تدعم "أغلبية عالمية" من البلدان مساعيهما لتحدي الزعامة العالمية الأمريكية.
وفي تصريحات للصحفيين، الجمعة الماضي، أشاد بوتين بالنفوذ الاقتصادي والسياسي المتنامي لدول مجموعة البريكس باعتباره "حقيقة لا يُمكن إنكارها"، وقال إنه إذا عملت مجموعة البريكس والدول المهتمة معًا، فإنهم "سيكونون عنصرًا جوهريًا في النظام العالمي الجديد"، رغم أنه نفى أن تكون المجموعة تمثل "تحالفًا مُعاديًا للغرب".
واعتبر أليكس جابوييف، مدير مركز كارنيجي روسيا وأوراسيا في برلين، أن قمة البريكس في قازان هدية لبوتين، وقال لـ"سي إن إن": "ستكون الرسالة: كيف يمكنك التحدث عن عزلة روسيا العالمية عندما يأتي كل هؤلاء الزعماء إلى قازان".
وأضاف جابوييف أن روسيا تريد تصوير مجموعة البريكس "باعتبارها رأس الحربة والمنظمة الجديدة التي تقودنا جميعًا كمجتمع عالمي نحو نظام أكثر عدالة".
ولفتت "سي إن إن" إلى أن قمة البريكس عقدت بجنوب إفريقيا، العام الماضي في ظل الحرب في أوكرانيا، والقمة الحالية تعقد في قازان الروسية، حيث من المتوقع أن يهيمن الصراع في الشرق الأوسط على محادثات الزعماء.
وفي الأسبوع الماضي، أكد بوتين أن الزعيم الفلسطيني محمود عباس سيشارك في قمة "بريكس" بقازان. ورجحت "سي إن إن" أن تكون قمة قازان منصة يعبر من خلالها دول الجنوب العالمي عن غضبهم تجاه الولايات المتحدة ودعمها لإسرائيل، وهو ما يعزز مساعي الرئيس الروسي لصالح نظام عالمي جديد بدون الولايات المتحدة.
ودعت الصين وروسيا إلى وقف إطلاق النار في الصراع المُتصاعد، وانتقدتا تصرفات إسرائيل، في حين أيدت الولايات المتحدة حق إسرائيل المزعوم بالدفاع عن نفسها من خلال الحرب على غزة وجنوب لبنان.
وفي هذا الصدد، قال جوناثان فولتون، وهو زميل غير مقيم كبير في المجلس الأطلسي، إن العديد من الحاضرين في قمة قازان، يرون أن الصراع في الشرق الأوسط "مثال رئيسي على ضرورة حصول مجموعة البريكس على مزيد من النفوذ".
كما من المتوقع أن تستخدم الصين والبرازيل تجمع البريكس في قازان، كمنصة لاستعراض اقتراحهما المشترك المكون من ست نقاط للسلام بشأن الحرب في أوكرانيا، كما فعلتا في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي.
ومن المتوقع أيضًا، وفق سي إن إن، أن يناقش الزعماء خلال الأيام القليلة المقبلة كيفية تعزيز الجهود الجارية لتسوية المدفوعات خارج النظام المقوم بالدولار الأمريكي باستخدام عملات مجموعة "البريكس" وشبكاتها المصرفية.
ومن المرجح أيضًا، أن تبحث الدول عن سُبل لتعزيز التعاون الاقتصادي والتكنولوجي والمالي في مجموعة من المجالات من الطاقة إلى تبادل بيانات الأقمار الصناعية.
وتُشكل دول مجموعة البريكس 45% من سكان العالم، وإذا جمعنا هذه الأرقام فإن اقتصادات الدول الأعضاء تساوي أكثر من 28.5 تريليون دولار أمريكي، وهذا يُعادل نحو 28% من الاقتصاد العالمي.