نيران القصف الإسرائيلي على غزة ولبنان تحرق الأطفال من رؤوسهم إلى أقدامهم.. تحت هذا العنوان، جاء تقرير نشرته شبكة "سي بي إس" الإخبارية الأمريكية، عن ويلات عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة ولبنان.
استهل التقرير بالمحرقة التي نفذتها قوات الاحتلال في خيام النازحين خارج مستشفى شهداء الأقصى في وسط غزة، حيث استيقظ النازحون الفلسطينيون في الخيام في ساعات الصباح الباكر من يوم الثلاثاء الماضي، على حريق هائل بعد غارة جوية للاحتلال، وانتشرت النيران بسرعة من خيمة إلى خيمة.
ونقلت الشبكة عن المدنيين الذين لجأوا إلى المخيم، أنه لم يكن هناك سوى مطفأة واحدة لمحاولة إخماد الحريق.
وهرع السكان ورجال الدفاع المدني لإنقاذ الناس من النيران، لكنهم لم يتمكنوا من إنقاذ شعبان الدلو الذي احترق حيًّا. وكان والده أحمد الدلو يعاني أيضًا من حروق مؤلمة، وقال إنه بينما كانت ألسنة اللهب تخترق المخيم، وجد نفسه أمام خيار مستحيل.
قال الوالد: "استيقظت لأقضي حاجتي وعندما عدت إلى السرير كان صوت الطائرات الحربية مرتفعًا"، مضيفًا أنه أسرع للبحث عن عائلته، لكن "لم يكن يعرف من يجب أن يحاول إنقاذه".
تابع: "رأيت شعبان جالسًا، ورغم أنه كان مشتعلًا، إلا أنني اعتقدت أنه قادر على النهوض والركض، لذا هرعت لإنقاذ أطفالي الأصغر سًنا.. اعتقدت أن الجميع آمنون".
وتمكن الدلو من سحب ابنه الأصغر عبد الرحمن وشقيقته رهف إلى بر الأمان، لكن شعبان الذي كان يبلغ عمره 20 عامًا، ووالدته لقيا حتفهما في الحريق.
وكان أطفال الدلو الآخرون يتلقون العلاج من حروق بالغة في مستشفى بغزة غير مجهز للتعامل مع هذا العدد الهائل من الضحايا.
وفي كل يوم، يصل المزيد من ضحايا الحروق، صغارًا وكبارًا، عبر أبواب المستشفيات في مختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية. وكانت ليان حمدين، 13 عامًا، من بين هؤلاء. إذ أصيبت بجروح خطيرة إثر غارة أخرى للاحتلال حين كانت تحاول الحصول على طعام لعائلتها.
وعلى الجبهة الثانية، تواصل طائرات الاحتلال الإسرائيلي قصف جنوب لبنان، ورغم أن الولايات المتحدة أعربت عن قلقها إزاء حملة القصف في العاصمة بيروت، شهدت العاصمة سلسلة جديدة من الغارات الجوية، أمس الأول الأربعاء.
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية أن الضربات الإسرائيلية أسفرت عن استشهاد أكثر من 2300 شخص، وإصابة نحو 11 ألفًا آخرين، وإجبار مئات الآلاف من الناس على الفرار من منازلهم.
وزارت "سي بي إس نيوز" المستشفى اللبناني الوحيد الذي يحتوي على وحدة حروق كاملة هذا الأسبوع، ووجدت أنه ضاعف عدد أسرته المعتاد ثلاث مرات، للتعامل مع عدد الضحايا القادمين.
ومثل العديد، بدا حمودي البالغ من العمر 11 عامًا غير قادر على إبعاد عينيه عن هاتفه، وكان يساعده ذلك على صرف انتباهه عن الحروق التي تغطي جانبًا واحدًا من جسده.
كما أن الهاتف هو وسيلة الاتصال الوحيدة له بوالدته، التي كانت تتلقى العلاج في مستشفى آخر، وأصيب كلاهما في غارة جوية إسرائيلية. وبينما كان يرقد في المستشفي، لم يكن حمودي يعرف أن والده وشقيقه استُشهِدا في الهجوم.
وقال أحد المسعفين بالمستشفي، إن ضحايا الحرب الأصغر سنًا يشكلون صعوبة خاصة له، وأضاف: "من المروع أن نرى الأطفال في ألم، وخاصة عندما لا يكون هناك الكثير مما يمكننا القيام به".
وفي المستشفى، ترقد إيفانا الصغيرة، التي تبلغ من العمر 21 شهرًا فقط، ملفوفة بضمادات تغطي الحروق الشديدة من الرأس إلى أخمص القدمين، وأدنى لمسة مؤلمة، لكن الضمادات يجب تغييرها بانتظام.
وقالت والدتها فاطمة زيون، لـ"سي بي إس نيوز"، إن منزلهم أصيب بصاروخ منذ أكثر من ثلاثة أسابيع. وأضافت: "رأيت ابنتي تحترق.. ولا يهمني أي شيء.. أريد فقط أن تتحسن حالتها".