الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

العدوان على لبنان.. مؤشر جديد على العجز الأمريكي أمام إسرائيل

  • مشاركة :
post-title
جانب من القصف الإسرائيلي للضاحية الجنوبية ببيروت

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

في مؤشر على العجز الأمريكي عن وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، لا تحاول الولايات المتحدة إحياء اتفاق وقف إطلاق النار بين تل أبيب وحزب الله، وبدلًا من ذلك، تحاول واشنطن تحجيم العمليات العسكرية التي ينفذها جيش الاحتلال في بيروت، وضد إيران، وفق ما نقلت شبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية، عن مسؤولين أمريكيين.

وأثار عجز الولايات المتحدة عن وقف حملة القصف الإسرائيلي المكثف والغزو البري للبنان، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 1400 شخص في أقل من ثلاثة أسابيع ونزوح أكثر من مليون شخص آخرين، تساؤلات حول ما إذا كانت حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو تتجاهل دعوات إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لمزيد من ضبط النفس، كما فعلت في غزة، مما يجعل البيت الأبيض يبدو عاجزًا مرة أخرى.

ويقول المسؤولون الأمريكيون إن المخاوف داخل إدارة بايدن تتزايد من أن ما وعدت به إسرائيل بأن تكون عملية محدودة في لبنان، سوف يتطور قريبًا إلى صراع أوسع نطاقًا وأطول أمدًا. كما تعثرت الجهود التي تقودها الولايات المتحدة للتفاوض على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.

كما حدث في غزة، يقول المسؤولون الأمريكيون إن إسرائيل كانت تخطط في البداية لشن هجوم بري أكبر حجمًا على لبنان قبل أن تقنعها الولايات المتحدة بتقليص حجمه. ولكنهم يعترفون أيضًا بما تعلموه على مدى العام الماضي، وهو أن نفوذ الولايات المتحدة محدود عندما يتعلق الأمر بالعمليات العسكرية الإسرائيلية.

وقال مسؤول أمريكي كبير لـ"سي إن إن": "لم نتمكن من منعهم من اتخاذ الإجراء، ولكن يمكننا على الأقل محاولة تشكيل شكله".

وكان اقتراح وقف إطلاق النار، الذي تقدمت به الولايات المتحدة مع فرنسا، يدعو إلى توقف لمدة 21 يومًا في القتال بين إسرائيل وحزب الله لإعطاء الجانبين مساحة للعمل على اتفاق أكبر لإعادة الإسرائيليين إلى المستوطنات الشمالية واللبنانيين إلى منازلهم في جنوب لبنان.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر، الاثنين الماضي: "نحن ندعم قدرتهم- يقصد الإسرائيليين- على استهداف المسلحين، وتدمير البنية التحتية لحزب الله، وتدمير قدرات حزب الله، لكننا ندرك تمام الإدراك المرات العديدة في الماضي حيث شاركت إسرائيل فيما بدا وكأنه عمليات محدودة وبقيت لشهور أو لسنوات. وفي نهاية المطاف، هذه ليست النتيجة التي نريد أن نراها."

كما اعترف كبار المسؤولين الأمريكيين بأن الولايات المتحدة لديها نفوذ محدود على ما تقرر إسرائيل القيام به ضد إيران في أعقاب الهجوم الصاروخي الذي شنته طهران الأسبوع الماضي.

وقال المسؤول إن الولايات المتحدة حثت إسرائيل على عدم التصعيد بشكل مفرط بشن ضربة انتقامية. لكنهم حذروا من أن ما تراه إسرائيل هجومًا متناسبًا قد لا يتماشى مع ما قد يعتبره بقية العالم -بما في ذلك الولايات المتحدة- ردًا مدروسًا.

وقال الرئيس جو بايدن الأسبوع الماضي إنه لن يدعم هجوم إسرائيل على المنشآت النووية الإيرانية، لكن ليس من الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة نجحت في إقناع إسرائيل بسحب هذا الخيار من على الطاولة.

وقال الدبلوماسي الإسرائيلي السابق ألون بينكاس لـ"سي إن إن": "النفوذ الوحيد الذي يملكه الأمريكيون الآن هو استدعاء وزير الدفاع إلى واشنطن وكسب الوقت".

ومن المقرر أن يلتقي وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، مع نظيره الأمريكي لويد أوستن، غدًا الأربعاء، وهي الزيارة التي تأمل إدارة بايدن أن توفر الوقت للتشاور والتخطيط، قبل أن تنفذ إسرائيل ردها الانتقامي الموعود ضد إيران.

ويقول بينكاس إنه "مع وجود جالانت في واشنطن، من المرجح أن تعتقد الولايات المتحدة أن إسرائيل ستنتظر حتى تشن هجومًا. وهذا أمر منطقي في لعبة محاكاة العلوم السياسية، وليس في السياسة الإسرائيلية"، مشيرًا إلى أن نتنياهو كان في نيويورك عندما نفذت إسرائيل الضربة الضخمة في بيروت، والتي أدت إلى اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.

وقال بينكاس إن الهجوم على إيران، رغم أنه أكثر تعقيدًا بكثير من ضرب دولة مجاورة، لا يزال من الممكن تنفيذه مع وجود وزير الدفاع في الخارج، خاصة في ظل العلاقة المتوترة بين نتنياهو وجالانت.

وكان جالانت قال في وقت سابق، إن إسرائيل تنسق بشكل وثيق مع الولايات المتحدة استعدادًا للرد على إيران، لكن إسرائيل ستتخذ في نهاية المطاف قرارها بشأن كيفية الرد.

وقال مسؤولون إن الولايات المتحدة لا تزال تريد استئناف محادثات وقف إطلاق النار في لبنان، ولا يزال المسؤولون الأمريكيون يعتقدون أن الصراع لا يمكن حله إلا بالطرق الدبلوماسية.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير، أمس الاثنين: "سنجري مشاورات منتظمة مع الإسرائيليين واللبنانيين وغيرهم بشأن اللحظة المناسبة للضغط من أجل التوصل إلى مثل هذا الاتفاق".

ولكن أحد كبار المسؤولين في الإدارة قال إن "الإسرائيليين يجب أن يتجاوزوا بعض الأمور قبل أن نتمكن من إعادة النظر في هذه المحادثات". وقال المسؤول ومصدر آخر إنه ليس من الواضح حتى الآن من ستتعامل معه الولايات المتحدة في أي محادثات لوقف إطلاق النار، بعد اغتيال نصر الله وأعضاء آخرين من كبار قادة حزب الله نتيجة للعمليات الإسرائيلية في لبنان.

واجتمع أوستن وأعضاء كبار آخرون في فريق بايدن للأمن القومي، بمن فيهم وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال سي كيو براون، ومديرة الاستخبارات الوطنية أفريل هاينز، في المكتب البيضاوي في 30 سبتمبر لعدة ساعات، لمناقشة العمليات الإسرائيلية المكثفة في لبنان.

وتقول مصادر إن بايدن عرض خلف الأبواب المغلقة دعمًا مترددًا للقضاء على البنية التحتية لحزب الله على طول الحدود الإسرائيلية وفي جنوب لبنان، طالما ظلت عمليات إسرائيل محدودة بطبيعتها.

وفي حين كانت الولايات المتحدة تدعم هذه الاستراتيجية بشكل عام، فقد أعرب العديد من المسؤولين، بمن فيهم أوستن، عن مخاوفهم لإسرائيل بشأن تخفيف الضرر الذي يلحق بالمدنيين في غاراتها الجوية، وخاصة في جنوب بيروت، وهي منطقة مكتظة بالسكان، حيث تم تدمير العديد من المباني السكنية في الأسابيع الأخيرة.

وقال اللواء باتريك رايدر، السكرتير الصحفي في البنتاجون، الاثنين الماضي، عندما سُئل عمّا إذا كان يؤيد عمليات إسرائيل في بيروت: "كان الوزير واضحًا جدًا بشأن أهمية أخذ سلامة المدنيين في الاعتبار عند التخطيط للعمليات وإجرائها، وهذا لم يتغير".

ويزعم الاحتلال أنه يعمل على الحد من الخسائر بين المدنيين، مشيرًا إلى أنه أصدر إخطارات إخلاء للسكان اللبنانيين في الأيام الأخيرة قبل إجراء العمليات. لكن فرق "سي إن إن" في بيروت، وجدت الأسبوع الماضي، أن العديد من الضربات الإسرائيلية حدثت دون سابق إنذار. كما يرسل جيش الاحتلال أوامر الإخلاء عبر الرسائل النصية في منتصف الليل، عندما يكون معظم الناس نائمين.

ويشعر المسؤولون الأمريكيون بالقلق أيضًا بشأن العمليات التي تقوم بها إسرائيل على مقربة شديدة من مطار بيروت الرئيسي، والتي قد تهدد قدرة المواطنين الأمريكيين على مغادرة البلاد عبر الخيارات التجارية المحدودة المتبقية.