بعد مرور عام على الحرب العدوانية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة، أصبحت المنطقة المحاصرة في شمال القطاع أخطر مكان في العالم بالنسبة لعمال الإغاثة، بعدما أحصت الأمم المتحدة مقتل أكثر من 280 موظفًا في هجمات إسرائيلية على مستودعات وقوافل المساعدات وعلى منازل سكنية، وأن بعض العاملين في المجال الإنساني قُتلوا أو جُرحوا بأسلحة أمريكية، بحسب صحيفة "واشنطن بوست".
وطالبت الأمم المتحدة متمثلة في جوناثان ويتال، القائم بأعمال رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية، بضرورة مساءلة إسرائيل على الجرائم التي ارتكبت في حق مجموعات الإغاثة.
وقال ويتال: "يخاطر زملاؤنا بحياتهم لإنقاذ الآخرين ويتعرضون لإطلاق النار في كثير من الأحيان، طوال هذا الصراع، طالبنا باحترام القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، يجب أن تكون هناك مساءلة، ولا يستطيع الناس مغادرة منطقة الحرب والبحث عن المساعدة في مكان آخر".
حذرت إدارة بايدن إسرائيل هذا الأسبوع من أن واشنطن قد تعلق المساعدات العسكرية إذا لم يتم زيادة تدفقات المساعدات الإنسانية في غزة في غضون شهر.
4 هجمات على قوافل مساعدات
وفي السادس من يونيو من العام الماضي، أدى القصف الإسرائيلي للموقع إلى مقتل أكثر من 30 شخصًا، بينهم نساء وأطفال، خلال قصف سيارة تابعة للأمم المتحدة بالقرب من مدرسة تديرها الأمم المتحدة لإيواء النازحين في النصيرات، في وسط قطاع غزة.
فتحت قوات الاحتلال الإسرائيلي النار على قوافل مساعدات الأمم المتحدة إلى شمال غزة أربع مرات على الأقل في ثلاثة أشهر، وفقًا للأمم المتحدة ومسؤولين إنسانيين آخرين، مما أدى إلى إتلاف المركبات وكاد أن يصيب أفراد الموظفين بداخلها.
احتجاز قافلة علاج "شلل الأطفال"
في التاسع من سبتمبر، قال المسؤولون إن الجيش الإسرائيلي احتجز قافلة تشارك في الاستجابة لعلاج لشلل الأطفال التابعة للأمم المتحدة تحت تهديد السلاح لمدة سبع ساعات ونصف.
قال أحد موظفي الأمم المتحدة، تحدث لصحيفة "واشنطن بوست" بشرط عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية القضية: "لقد حاصروا مركباتنا بشكل أساسي، ووجهوا بنادق هجومية نحو سياراتنا، وكانوا يصرخون بأننا إرهابيون".
جنود الاحتلال يأمنون العواقب
يصف مسؤولو الأمم المتحدة حادث التاسع من سبتمبر بأنه رمز لبيئة من عدم الثقة، إذ يتمتع الجنود الإسرائيليون، وكثير منهم من جنود الاحتياط، بسلطة كبيرة عند نقاط التفتيش التي يجب على العاملين في المجال الإنساني عبورها لدخول شمال غزة ولا يواجهون سوى عواقب قليلة لأفعالهم.
تهديد بالمساعدات العسكرية
كثفت إدارة بايدن الضغط على إسرائيل هذا الأسبوع لتحسين الظروف الإنسانية المزرية في قطاع غزة، حيث حذر المسؤولون في واشنطن من التدابير العقابية، بما في ذلك تعليق المساعدات العسكرية، إذا لم يتم زيادة تدفقات المساعدات في غضون شهر.
وفي محاولة لتبرير جرائمه قال الجيش الإسرائيلي لصحيفة واشنطن بوست عن القوافل إنه يبذل "جهودًا كبيرة" لتسهيل مرور المساعدات عبر غزة وأن جميع الوحدات تضم ضباطًا للشؤون المدنية للتعامل وإدارة القضايا المتعلقة بالسكان المدنيين.
حددت الولايات المتحدة موعدًا نهائيًا للحكومة الإسرائيلية للسماح بتقديم المزيد من المساعدات للقطاع الساحلي في غزة، ومن دون تحسن ملحوظ، فإن المساعدات العسكرية الأمريكية تصبح على المحك.
أفادت تقارير إعلامية أن الحكومة الأمريكية دعت إسرائيل إلى تحسين الوضع الإنساني بشكل ملحوظ في قطاع غزة خلال 30 يومًا، وبخلاف ذلك هناك خطر انتهاك القوانين الأمريكية المتعلقة بالدعم العسكري، وهو ما قد يعرض المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل للخطر.
قائمة طويلة من المطالب
وجاءت مطالب الولايات المتحدة الأمريكية في بيان مشترك، بين وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن، بضرورة السماح لما لا يقل عن 350 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة بالمرور عبر جميع المعابر الحدودية الرئيسية الأربعة إلى غزة وأن تفتح أيضًا معبرًا حدوديًا خامسًا.
وتدعو الولايات المتحدة أيضًا إلى هدنة إنسانية في قطاع غزة خلال الشهر المقبل للسماح بالأنشطة الإنسانية مثل اللقاحات وتوزيع المساعدات لمدة أربعة أشهر على الأقل.
وتريد الولايات المتحدة أيضًا من إسرائيل أن تسمح للأشخاص في منطقة المواصي الإنسانية في غزة بالانتقال إلى الداخل قبل فصل الشتاء وزيادة الأمن للقوافل والتحركات الإنسانية.
كما سيتم إنشاء قناة اتصال جديدة بين الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية لتناول ومناقشة الحوادث التي أدت إلى سقوط ضحايا من المدنيين، ومن المقرر عقد الاجتماع الأول في نهاية الشهر الجاري.