يواصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، محاولاته لتقريب وجهات النظر بين القوى السياسية، لتشكيل حكومة جديدة وكسر حالة الجمود التي تعيشها البلاد منذ يوليو الماضي، إذ التقى قادة الائتلاف اليساري، بعد لقاء ممثلي أحزاب الوسط ويمين الوسط، بما في ذلك حزب الجمهوريين المحافظ، فيما من المقرر أن يجتمع مع ممثلي حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف يوم الاثنين المقبل.
وتعيش فرنسا حالة من الجمود السياسي منذ بداية شهر يوليو الماضي، عقب فشل الانتخابات التشريعية في إفراز أغلبية برلمانية واضحة، وأدى ذلك إلى انقسام الجمعية الوطنية (البرلمان) إلى ثلاث كتل متساوية تقريبًا "اليسار والوسط واليمين المتطرف"، دون أن تتمكن أي منها من تشكيل أغلبية.
أمر غير مسبوق
وفي هذا السياق، نقلت "ليبراسيون" عن متحدث باسم قصر الإليزيه قوله إن "الانتخابات أسفرت عن ثلاثة دروس".
وأضاف: "الأول هو أن الأغلبية المنتهية ولايتها خسرت، والثاني هو أن الفرنسيين لم يريدوا حكومة يقودها اليمين المتطرف (التجمع الوطني).. والثالث هو أنه لا يوجد أي تحالف في وضع يسمح له بالمطالبة بأغلبية، وهذا أمر غير مسبوق في تاريخ الجمهورية الخامسة".
لقاء إيجابي
وأفادت صحيفة "ليبراسيون" بأن قادة الائتلاف اليساري أعربوا عن رضاهم الشديد عقب اجتماعهم مع ماكرون في قصر الإليزيه، الذي استمر لمدة ساعة، إذ ناقش الطرفان سبل الخروج من الأزمة السياسية التي تواجهها البلاد منذ الانتخابات التشريعية الأخيرة.
وقال مانويل بومبارد، عضو حزب فرنسا الأبية، لصحيفة ليبراسيون: "بعد شهرين، بدأ الرئيس يفهم أنه خسر الانتخابات".
وأضاف "بومبارد": "على ماكرون أن يتصرف كحكم.. لا أن يكون منتقيًا"، في إشارة إلى ضرورة تعاون الرئيس مع مختلف القوى السياسية.
وزارة مستقرة
وتسعى الجبهة الشعبية الجديدة، وهي ائتلاف يساري يضم أحزابًا مختلفة، إلى إقناع ماكرون بتعيين مرشحها لمنصب رئيس الوزراء، إذ اقترحت لوسي كاستيتس، وهي موظفة حكومية تبلغ من العمر 37 عامًا، لتولي المنصب.
ووفقًا لما ذكرته صحيفة "لوموند"، فإن ماكرون رفض بالفعل ترشيح كاستيتس، مشيرًا إلى أنه يريد رئيس وزراء يحظى بـ"دعم واسع ومستقر" لتجنب تصويت البرلمان بحجب الثقة، الأمر الذي قد يتسبب في مزيد من الفوضى السياسية.
تهديدات متبادلة
وبينما هددت أحزاب الوسط واليمين المحافظ واليمين المتطرف بطرح اقتراح لحجب الثقة إذا قاد الحكومة المقبلة عضو من حزب فرنسا الأبية، ردّ حزب الأخير باتخاذ الخطوة نفسها إذا لم يكن رئيس الوزراء الجديد من مرشحي الجبهة الشعبية الجديدة.
وفي ظل هذه الأجواء المشحونة، تواجه الحكومة الفرنسية القادمة، أيًا كان تشكيلها، تحديات كبيرة، إذ عليها أن تتمكن من كسب ثقة البرلمان لتجنب حجبها، كما عليها أن تعمل على توحيد الصف الوطني وتجاوز حالة الانقسام السياسي الحاد.
وأكد المتحدث باسم الإليزيه، وفقًا لما نقلته "ليبراسيون"، أن ماكرون حدد هدفًا واضحًا: "لقد طلب من القوى الجمهورية العمل والاستماع لبعضها البعض لتشكيل أكبر أغلبية ممكنة، أي بأكبر عدد من النواب وأيضًا الأكثر استقرارًا، بمعنى أنه لا يمكن الإطاحة بها".