تراقب إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، بقلق متزايد، تنامي نفوذ الأحزاب اليمينية المتطرفة في القارة العجوز، في أعقاب الانتخابات البرلمانية الأوروبية الأخيرة، والتي على الرغم من بعض إشاراتها المشجعة، فإن نتائجها تلقي بظلالها على العلاقات والتحالفات الغربية التقليدية، كما تعكس اتجاهًا عالميًا نحو تبني السياسات الشعبوية واليمينية المتطرفة.
ارتياح محدود
وفقًا لصحيفة "بوليتيكو" الأمريكية، شعر "بايدن" بالارتياح إلى حد ما لاستمرار رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين -التي تربطها به علاقة وثيقة- في منصبها بعد حصولها على أغلبية برلمانية تمكنها من ولاية ثانية.
ومع ذلك، لا يمكن تجاهل التنسيق المتزايد بين الأحزاب اليمينية المتطرفة عبر العالم، والضغوط التي تمارسها على سياسات العديد من الدول.
تأثيرات متوقعة
أشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن النتائج الانتخابية قد تؤثر على بعض الشراكات الحيوية للولايات المتحدة في أوروبا، ففي فرنسا، خسر حزب الرئيس إيمانويل ماكرون أمام منافسته اليمينية مارين لوبان، ما دفعه إلى المراهنة بالدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة.
أما في ألمانيا، أظهر المستشار أولاف شولتس، وهو شريك رئيسي لبايدن، أداءً ضعيفًا مقارنة باليمين المتطرف في بلاده، وربما يؤدي أي ضعف سياسي لماكرون أو شولتس إلى تقويض تعاونهما مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على جبهات متعددة، بما في ذلك الدعم المستمر لأوكرانيا في الحرب ضد روسيا.
ووفقًا لكريستين بيرزينا، التي تقود برنامج "إستراتيجيات الشمال" GMF Geostrategy North في صندوق جورج مارشال الألماني، فإن نتائج الانتخابات الأوروبية قد تضيف توترات إلى العلاقة الثنائية بين الولايات المتحدة وأوروبا مع مرور الوقت، حيث سيواجه القادة الأوروبيون ضغوطًا للاستجابة لمخاوف الناخبين غير الراضين.
وأوضحت بيرزينا أن "هذه النتائج تجعل من الحديث عن مستقبل أوروبا أمرًا أكثر صعوبة قليلًا، ولكن ليس كارثيًا بعد"، مضيفة أن الانتخابات "هي البداية لما سيكون إعادة تنظيم بروكسل خلال السنوات الخمس المقبلة".
الانتخابات الأمريكية المقبلة
بينما يرى إيان راسل، وهو مستشار ديمقراطي يعمل في الولايات المتحدة وأوروبا، أن "الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والجمهوريين في الكونجرس هم الآن رواد ما يحدث في أوروبا، وهو تطبيع اليمين المتطرف".
وأضاف أن "أحزاب اليسار الوسط تواجه ضغوطًا مستمرة" في أوروبا، وبالتالي في الولايات المتحدة أيضًا، في إشارة إلى الصلة بين صعود اليمين المتطرف في القارتين قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة في 2024.
رد فعل بايدن
على الرغم من نداءاته في فرنسا الأسبوع الماضي لتعزيز صفوف الغرب حول قضية الديمقراطية، لم يعلق "بايدن" علنًا على نتائج الانتخابات الأوروبية أو الخطوة المثيرة للدهشة التي اتخذها ماكرون بدعوته لانتخابات مبكرة.
ويُعزى صمت بايدن إلى زيارته إيطاليا التي تسيطر على حكومتها جورجيا ميلوني ذات التوجه اليميني، بحسب الصحيفة.
تقييمات الأمن الأمريكي
في محاولة لتقييم النتائج بشكل موضوعي، يحاول موظفو الأمن القومي الأمريكي النظر إليها بشكل شامل، مشيرين إلى أسباب لعدم الذعر، إذ أشار مسؤول أمريكي إلى نتائج بولندا والسويد وفنلندا وسلوفاكيا واليونان، التي أخفق اليمينيون المتطرفون فيها في تحقيق مكاسب كبيرة، كدليل على أنه من السابق لأوانه إطلاق جرس الإنذار بشأن موجة قومية معادية للاتحاد الأوروبي تجتاح القارة.
مواقف الكونجرس والدبلوماسيين
قال جريجوري ميكس، كبير أعضاء لجنة الشؤون الخارجية الديمقراطية في مجلس النواب، إن النتائج "تظهر استياء واضحًا من قِبل الناخبين تجاه الحكومات الحالية، وبالرغم من الدعم المتنامي للحكومات اليمينية المتطرفة باعتباره اتجاهًا مثيرًا للقلق، من الملفت أن نرى الوسط محتفظًا بالسلطة على مستوى الاتحاد الأوروبي، ويجب على الولايات المتحدة مواصلة العمل بشكل منتج مع قيادته".