الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الشباب الأوروبي ينتخب اليمين المتشدد ويهدد الاتحاد

  • مشاركة :
post-title
تظاهرات الشباب اليمينيين في بولندا - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

حذّرت صحيفة "فورين بوليسي" الأمريكية في تقرير لها، من أن جيل الشباب في أوروبا قد يكون بمثابة الوقود الذي سيدفع موجة اليمين المتشدد إلى الأمام بقوة أكبر في انتخابات البرلمان الأوروبي القادمة، إذ إنه بعد أن كان الأمل معقودًا على أن فئة الشباب سيكونون ضد هذه الموجة اليمينة المتنامية، تُشير جميع المؤشرات إلى أنهم قد يكونون العامل الرئيسي الذي سيغذيها ويمنحها زخمًا غير مسبوق.

أعداد غير مسبوقة لليمين المُتشدد

أشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه في الانتخابات الوطنية الأخيرة التي جرت في عدد من دول الاتحاد الأوروبي، مثل البرتغال والسويد وهولندا وإيطاليا وفنلندا وفرنسا، صوّت الشباب بأعداد قياسية لم يسبق لها مثيل لصالح الأحزاب اليمينية المتشددة والمناهضة للاتحاد الأوروبي. كما أظهرت استطلاعات الرأي في ألمانيا أن الشعبية لدى الناخبين الشباب لحزب "البديل لأجل ألمانيا" اليميني المتشدد قد تضاعفت خلال العامين الماضيين فقط.

أسباب تراجع الأحزاب التقليدية لدى الشباب

تُشير العديد من الدراسات إلى أن السبب الرئيسي وراء هذا التحول الكبير نحو اليمين المتشدد بين الشباب، هو عدم رضاهم العميق عن الأوضاع الاقتصادية والسياسية في بلادهم بعد جائحة كوفيد-19، فالشعور بعدم الاستقرار المالي والمهني والقلق إزاء المستقبل، جعل الكثير من الشباب ينظرون إلى الأحزاب التقليدية على أنها فشلت في التعامل مع مخاوفهم وتلبية احتياجاتهم على المدى الطويل.

استغلال اليمين المُتشدد لمنصات التواصل

وسلطت "فورين بوليسي" الضوء على منصات التواصل الاجتماعي، التي لعبت دورًا محوريًا في جذب انتباه الشباب نحو الأحزاب اليمينية المتشددة، إذ نجحت الأحزاب في استغلال شعبية تطبيقات مثل تيك توك وانستجرام بين فئات الشباب؛ لبث رسائلها وحشد التأييد لها.

ووفقًا لدراسة ألمانية حديثة، يستمد أكثر من نصف الشباب معلوماتهم السياسية ومواقفهم من وسائل التواصل الاجتماعي.

آراء الشباب متباينة وغير مستقرة

على الرغم من ذلك، لا تزال هناك اختلافات وتباينات كبيرة في آراء الشباب الأوروبي حول القضايا المختلفة. فبينما يميل البعض إلى الأحزاب اليمينية المتشددة، لا يزال العديد منهم ملتزمين بشكل كبير بالقضايا البيئية والاجتماعية مثل مكافحة أزمة المناخ وحماية حقوق الإنسان.

كما حذر خبراء، بحسب التقرير، من أن تصويت الشباب لليمين المتشدد لا يعني بالضرورة تأييدهم لسياساتها المتشددة، وأنهم قد لا يدركون تمامًا التداعيات الخطيرة لانعطاف أنظمتهم السياسية نحو اليمين.

تمدد شعبية اليمين المُتشدد بين الشباب

رغم الانقسام في آراء الشباب الأوروبي، إلا أن الكثيرين من الشباب يلقون بأصواتهم لصالح الأحزاب اليمينية المتشددة في انتخابات مختلف الدول، ففي هولندا على سبيل المثال، كانت أكثر الأحزاب شعبية بين الناخبين دون سن 35 عامًا هي حزب "حرية" اليميني المتشدد بزعامة جيرت فيلدرز، المعروف بمعارضته الشديدة للاتحاد الأوروبي.

ويعزو خبراء هولنديون هذا الانجذاب الشبابي للحزب إلى مصطلح "بستانزيكرهايد" الذي يعني "أمن سبل العيش"، والذي يشير إلى الحصول على دخل لائق ومنتظم، ومسكن مريح، والوصول إلى التعليم والرعاية الصحية، ووجود مصدر للأمان في حالات الطوارئ غير المتوقعة. وهي قضايا ركز عليها فيلدرز في حملته الانتخابية.

صعود غير مسبوق للأحزاب المتشددة بين الشباب

في البرتغال أيضًا، حصل حزب "تشيجا" اليميني المتشدد، الذي ركز على استقطاب الشباب، على نسبة غير مسبوقة من أصواتهم في الانتخابات التشريعية في مارس الماضي.

ويعكس اسم الحزب الذي يعني "لقد كفى" سبب تأييد الشباب له؛ بسبب البطالة وانخفاض الأجور وعدم قدرة الاقتصاد على استيعاب الشباب المتعلمين.

كما شهدت السويد وإيطاليا وفرنسا أيضًا تزايدًا ملحوظًا في أصوات الشباب لصالح الأحزاب اليمينية المتشددة المناهضة للهجرة واليورو والاتحاد الأوروبي في انتخاباتها الأخيرة.

تحذيرات من انعطافة خطيرة

على الرغم من ذلك، حذر التقرير من أن انجذاب الشباب للأحزاب اليمينية المتشددة لا يعني بالضرورة تبنيهم لآرائها المتشددة، بشأن الهجرة والعنصرية، فالكثير من هؤلاء الشباب لا يدركون بالضرورة التداعيات الخطيرة التي قد تنجم عن تصويتهم لهذه الأحزاب إذا ما وصلت إلى السلطة.

ويُحذر خبراء من أن تقوية اليمين المتشدد في البرلمان الأوروبي قد يهدد وحدة الاتحاد الأوروبي ويعرقل عمله، خاصة في ظل الأزمات الحالية مثل الحرب في أوكرانيا، كما قد يؤدي ذلك إلى تراجع أولويات مثل مكافحة أزمة المناخ والاتفاق الأخضر الأوروبي.