في سابقة خطيرة، أقر البرلمان البريطاني قانونًا جديدًا ومثيرًا للجدل يسمح بترحيل طالبي اللجوء الذين يصلون إلى شواطئ بريطانيا دون تصريح مسبق إلى رواندا البعيدة آلاف الأميال، ويمنعهم من العودة إلى المملكة المتحدة مرة أخرى.
جاءت هذه الخطوة الصادمة في محاولة من حكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك لردع تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى البلاد، لكنها واجهت انتقادات لاذعة من منظمات حقوقية وأممية.
تفاصيل القانون الجديد
بعد معركة سياسية وقضائية طويلة، صوّت البرلمان البريطاني في ساعة متأخرة من مساء أمس الاثنين لصالح قانون جديد سيسمح لسلطات الهجرة البريطانية بإرسال أي طالب لجوء يدخل المملكة المتحدة "بشكل غير قانوني" بعد يناير 2022 إلى دولة رواندا، بحسب ما أشارت صحيفة "الجارديان" البريطانية.
بموجب هذا القانون، سيتم منع هؤلاء الأشخاص أيضًا من تقديم طلب لجوء في بريطانيا مرة أخرى على الإطلاق، فيما سيُطبق ذلك على أي شخص يصل إلى البلاد دون إذن مسبق حتى لو كان هدفه طلب اللجوء وكانت لديه أسباب مشروعة للقيام بذلك.
تجاوز حكم المحكمة العليا
جاء تمرير هذا البرنامج المثير للجدل بعد أن حكمت المحكمة العليا البريطانية في نوفمبر الماضي بعدم قانونيته وانتهاكه للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، حيث قالت إن اللاجئين الحقيقيين سيكونون عرضة لخطر الترحيل إلى بلدانهم الأصلية حيث قد يواجهون الأذى.
كما أشارت الأحكام إلى مخاوف بشأن سجل رواندا في مجال حقوق الإنسان، إلا أن التشريع النهائي الذي تم إقراره يأمر المحكمة بتجاهل أجزاء من قانون حقوق الإنسان وقواعد قانونية أخرى بريطانية ودولية، مثل اتفاقية اللاجئين، التي ستحول أيضًا دون ترحيل الأشخاص إلى رواندا، وفقًا لما ذكرته شبكة "بي بي سي" البريطانية.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن هذه الخطوة القانونية المثيرة للجدل لم تأت من فراغ، بل جاءت بعد سلسلة من محاولات الحكومة البريطانية لمعالجة تدفق المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون عبر قنال المانش من فرنسا.
تكاليف إيواء طالبي اللجوء
مع تفاقم أزمة اللجوء وعدم تمويل البرامج المحلية لطالبي اللجوء بشكل كافٍ، اضطرت الحكومة إلى إيواء طالبي اللجوء في فنادق، حيث يبقون عالقين وغير قادرين على العمل لسنوات حتى يتم البت في طلباتهم، في حين أن هذه الفنادق تكلف الحكومة نحو 8 ملايين جنيه إسترليني من أموال دافعي الضرائب يوميًا لاستئجارها وفقًا لما أشارت صحيفة "التليجراف" البريطانية.
الهدف من سياسة رواندا
تقول حكومة رئيس ريشي سوناك إن سياسة رواندا ستعمل كرادع لمنع المهاجرين وطالبي اللجوء من محاولة الوصول إلى المملكة المتحدة في المقام الأول وفقًا لما أشارت شبكة "بي بي سي".
انتقادات وإشكاليات السياسة
ومع ذلك، تواجه هذه الخطة انتقادات واسعة النطاق من منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة، التي حذرت شركات الطيران من المساعدة في "الترحيلات غير القانونية" لطالبي اللجوء إلى رواندا، مشيرة إلى أنها قد تنتهك القوانين الدولية لحقوق الإنسان، كما أثارت هذه السياسة جدلاً واسعًا في المجتمع البريطاني، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى انقسام الجمهور بشأنها.