الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

وسط أحاديث الحرب.. ارتفاع الاستهلاك الفرنسي من الغاز الروسي

  • مشاركة :
post-title
الاتحاد الأوروبي يعتمد بشكل كبير على واردات الغاز الطبيعي المسال من روسيا

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

كشفت بيانات حديثة أن فرنسا دفعت لروسيا أكثر من 600 مليون يورو هذا العام مقابل الغاز الطبيعي المسال، وهو ارتفاع كبير مقارنة بالعام الماضي؛ وذلك في الوقت الذي يقدم الرئيس إيمانويل ماكرون نفسه واحدًا من أقوى المدافعين عن أوكرانيا.

مع هذا، في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، زادت شحنات الغاز الطبيعي المسال الروسي إلى فرنسا أكثر من أي دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي مقارنة بالعام الماضي، وفقًا للبيانات التي حللها مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف (CREA).

وبشكل إجمالي، دفعت باريس أكثر من 600 مليون يورو للكرملين مقابل إمدادات الغاز منذ بداية العام، حسبما أظهرت البيانات التي نشرتها النسخة الأوروبية من صحيفة "بوليتيكو".

وأثار المبلغ الضخم دعوات أوروبية لفرنسا للحد من مشترياتها المتزايدة.

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي أوروبي -طلب عدم الكشف عن هويته- قوله: "لا يمكن أن تقول فرنسا، من ناحية، إنه يتعين علينا أن نكون قاسين مع روسيا، ومن ناحية أخرى، تدفع لهم أموالاً طائلة".

اتفاق صعب

تأتي تجارة الغاز المتنامية بين باريس وروسيا في الوقت الذي يسعى فيه ماكرون إلى اتخاذ موقف أكثر تشددًا لدعم كييف، بعد عامين من الحرب.

ففي الشهر الماضي، رفض الرئيس الفرنسي استبعاد إرسال قوات إلى أوكرانيا، وحثّ الحلفاء على عدم "الجُبن" في الدفاع عن كييف، ما يمثل تحولًا حادًا عن دعواته السابقة لعدم "إذلال" الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وتُصرّ فرنسا على أن مشترياتها من الغاز ضرورية للحفاظ على تدفق الإمدادات إلى الأسر في جميع أنحاء أوروبا، وأنها مقيدة باتفاقية طويلة الأجل مع روسيا، يصعب الهروب منها من الناحية القانونية.

لكن المنتقدين قالوا إن باريس يمكن أن تفعل المزيد لخفض المشتريات؛ بينما اعترف مسؤول بوزارة الطاقة الفرنسية أن الموضوع "ليس سهلاً".

وقال: "إذا واصلنا دفع ثمن الغاز الذي لا نستورده، فلا فائدة من ذلك"، في إشارة إلى العقود طويلة الأجل التي وقعتها شركة "توتال إنرجي"، التي تجبرها على شراء الغاز الطبيعي المسال من روسيا.

الغاز الروسي

تكشف البيانات عن الجهود المتعثرة التي يبذلها الاتحاد الأوروبي للقضاء على عائدات روسيا من الوقود الأحفوري، والتي تمثل ما يقرب من نصف ميزانية الكرملين، إذ تجد موسكو طرقًا مبتكرة للتحايل على التدابير الحالية.

وفي غضون أشهر من الهجوم الروسي واسع النطاق على أوكرانيا في عام 2022، قدم الاتحاد الأوروبي خطة لإنهاء اعتماد الكتلة على واردات موسكو الأحفورية بحلول عام 2027.

وأشارت بلجيكا وإسبانيا وهولندا -أكبر ثلاثة مشترين للغاز الطبيعي المسال من موسكو بعد فرنسا- إلى أنهم سيدعمون الخطوات الرامية إلى تقليل هذه المشتريات. لكنهم يقولون إنه يتعين على الجميع العمل معًا، وإلا فسيكون ذلك بلا جدوى.

ورغم أن البعض في الكتلة الأوروبية يواصل شراء الوقود النووي، وبعض خطوط أنابيب النفط والغاز من روسيا؛ إلا أن الكتلة قلصت اعتمادها على غاز موسكو بنحو الثلثين، وفرضت حظرًا شاملًا على واردات الفحم والنفط عن طريق البحر.

لكن الجهود المماثلة لقطع الغاز الطبيعي المسال تعثرت.

وعلى الرغم من أن الوقود كان يمثل 5% فقط من استهلاك الغاز في الاتحاد الأوروبي العام الماضي، إلا أن دول الاتحاد الأوروبي دفعت لموسكو أكثر من 8 مليارات يورو مقابل صادراتها، وفقًا للتقرير الصادر أمس الخميس.

ليست فرنسا الجاني الوحيد، إذ أظهرت بيانات الشحن أن تسع دول على الأقل في الاتحاد الأوروبي تواصل شراء الغاز الطبيعي المسال الروسي.

لكن باريس تصدرت الكتلة من حيث الحجم المطلق للواردات في عام 2024، بزيادة في المشتريات (1.5 مليون طن إجمالاً) مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي - أرشيفية
بعيدًا عن موسكو

في الواقع، يدافع وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لوميير عن مشتريات باريس المستمرة، وقال للمشرعين الفرنسيين، هذا الشهر، إن إنهاء اعتماد باريس على غاز موسكو "يجب أن يتم تدريجيًا"، لتجنب التأثير على السوق وارتفاع الأسعار.

وقال متحدث باسم وزارة الاقتصاد الفرنسية لصحيفة "بوليتيكو" إن زيادة الغاز الروسي ترجع جزئيًا إلى الإضرابات التي "عطلت بشدة" التدفقات الطبيعية في العام الماضي.

وأضاف المتحدث أن باريس "تناقش بانتظام" الجهود الرامية إلى خفض واردات الوقود الأحفوري الروسي مع حلفائها في الاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى أن "مستوى عاليًا" من الغاز ينتقل عبر فرنسا إلى بلدان أخرى مثل إيطاليا.

وأضاف المتحدث أن الحكومة "تدرس إمكانيات الإمدادات البديلة دون تعريض أمن الطاقة الأوروبي للخطر"، مشددًا على أن باريس تدعم التخلص التدريجي الكامل من الطاقة بحلول عام 2027.

وتأتي هذه المناقشات في الوقت الذي تبدأ فيه المفوضية الأوروبية (الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي) الاستعدادات لحزمة عقوبات أخرى ضد روسيا، وهي الحزمة الرابعة عشرة.

لكن من غير المرجح أن يتم تضمين الغاز الطبيعي المسال في هذه الحزمة، على الرغم من الطلبات المتكررة من دول البلطيق وبولندا.

واعترف أحد كبار المسؤولين في المفوضية الأوروبية قائلاً: "أشك في أننا سنحصل على إجماع بشأن هذا الأمر".

لكنه أضاف أن دول الاتحاد ستتمكن قريبًا من منع الشركات الروسية، قانونًا، من شراء حصص في محطات الغاز الطبيعي المسال الخاصة بها.

لكن فك تشابك العقود طويلة الأجل مع الشركات الروسية يمثل قضية معقدة أخرى بالنسبة للاتحاد الأوروبي، لأن هذه الاتفاقيات غالبًا ما تجبر شركات الطاقة على دفع ثمن كمية محددة من الغاز حتى لو استمرت في التوقف عن شراء الشحنات من روسيا.

وبدلاً عن ذلك، يمكن لحكومات الاتحاد الأوروبي فرض حد أقصى لسعر واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي، حسبما أشار التقرير.

ووجد التحليل أن الحد الأقصى لسعر الاتحاد الأوروبي المحدد بـ17 يورو لكل ميجاوات/ساعة يمكن أن يخفض أرباح موسكو من الغاز الطبيعي المسال بنحو الثلث، بناءً على أرقام العام الماضي.