الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"عقبة كبيرة".. التواجد الروسي يقف أمام انضمام أرمينيا للاتحاد الأوروبي

  • مشاركة :
post-title
الحدود بين أرمينيا وأذربيجان

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

بينما تحلم أرمينيا بالانضمام إلى الكتلة الأوروبية، تتمسك روسيا بتواجدها التاريخي في الجمهورية السوفيتية السابقة، وهو ما بدا في صورة ضخمة للرئيس فلاديمير بوتين، تراقب الطريق على طول الحدود الأرمنية مع أذربيجان وإلى جوارها عبارة: "معًا إلى الأبد".

ومنذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية قطعت يريفان علاقاتها مع موسكو بوتيرة غير مسبوقة، إذ اشترت أسلحة من فرنسا والهند، واستضافت تدريبات عسكرية مع الولايات المتحدة، وأرسلت المساعدات إلى كييف.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي في أوروبا، قال أرارات ميرزويان، وزير الخارجية الأرميني، إن التقدم بطلب للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي "تجري مناقشته" محليًا كجزء من مجموعة من الخيارات لميل البلاد إلى سياسة خارجية مؤيدة للغرب.

وأمس الأربعاء، أيد البرلمان الأوروبي اقتراحًا يدعو إلى النظر في ترشيح أرمينيا للانضمام إلى الكتلة على أساس "القيم المشتركة مثل الديمقراطية، سيادة القانون، وحقوق الإنسان والحريات الأساسية".

ومع ذلك، فإن الطريق الطويل إلى بروكسل مليء بالعقبات التي شكلتها روسيا.

ناجورنو كاراباخ

في حين رسمت دول خرجت عن الكتلة السوفيتية القديمة، مثل أوكرانيا ومولدوفا وجورجيا، مسارًا مؤيدًا للاتحاد الأوروبي نحو التكامل السياسي والتجاري، كانت حكومة أرمينيا السابقة تسعى إلى الانضمام للاتحاد الجمركي الأوراسي بقيادة روسيا في عام 2013.

وكان جزء من الحسابات الأرمينية، وقتها، يتلخص في الكيفية التي كان من الممكن بها للتحالف الوثيق مع روسيا أن يمنع الكارثة في "ناجورنو كاراباخ"، وهو الجيب الأرميني الواقع بالكامل داخل حدود أذربيجان.

لكن في نهاية المطاف، تبددت تلك الآمال في الحصول على دعم أمني روسي، عندما استولت أذربيجان على "ناجورنو كاراباخ"، العام الماضي.

وعلى الرغم من الالتزامات الرسمية وقتها، لم تفعل روسيا أي شيء لدعم أرمينيا، خلال الحرب الحدودية في عام 2022، وتراجعت قوات حفظ السلام التابعة لها في سبتمبر، عندما شنت أذربيجان هجومها، الذي أدى إلى نزوح جماعي لسكانها الأرمن البالغ عددهم 100 ألف نسمة.

تحويل المسار

منذ اندلاع "الثورة المخملية" في أرمينيا عام 2018، التي شهدت الإطاحة بالنخب المؤيدة لموسكو، ووصول حكومة إصلاحية إلى السلطة، عززت يريفان الحقوق المدنية، وخففت القيود المفروضة على حرية التعبير، بينما رفضت دعم بوتين في الحرب الروسية الأوكرانية.

وصنفت أرمينيا على أنها أفضل أداء في مجال الحقوق السياسية حتى من جارتها جورجيا، الآن، التي لديها طريق واضح إلى الاتحاد الأوروبي، على الرغم من التحذيرات المتكررة من بروكسل من أن حكومتها تفشل في تحقيق إصلاحات رئيسية، وتسعى بدلًا من ذلك إلى علاقات أوثق مع روسيا.

ويلفت تحليل لصحيفة "بوليتيكو" إلى أن هذا التغيير أدى إلى وضع أرمينيا على خلاف موسكو، التي لا يسيطر رئيسها على الحدود فحسب، بل يسيطر أيضًا على شبكة الطاقة والسكك الحديدية، ويحتكر فعليًا واردات الحبوب والغاز والوقود.

وأشار التحليل إلى أنه "بجانب استعادة السيطرة على حدودها وأسواقها، ستحتاج أرمينيا إلى تحديد ما يجب فعله مع ما يقدر بنحو 3000 جندي من الجيش الروسي المتحصنين في جميع أنحاء البلاد".

نقطة حدودية يسيطر عليها العسكريون الروس- أرشيفية

وبالفعل، ألمح نيكول باشينيان، رئيس الوزراء الأرميني، إلى أنه قد يُطلب من الروس المغادرة، في حين يُطلب من حرس الحدود في موسكو التنحي عن دورهم في فحص جوازات السفر بالمطار.

ومع ذلك، فمن غير الواضح ما إذا كانت موسكو ستتخلى عن موطئ قدمها في البلاد، التي تقع على مفترق طريق استراتيجي بين إيران وتركيا، حتى لو تحركت أرمينيا للخروج من الكتلة العسكرية الروسية في منظمة معاهدة الأمن الجماعي والاتحاد الاقتصادي الأوراسي.

وأشار تورنيكي جوردادزي، وزير التكامل الأوروبي السابق في جورجيا، في حديثه للنسخة الأوروبية من "بوليتيكو" إلى أنه يبدو من المستحيل بالنسبة لأرمينيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي مع وجود قوات روسية على أراضيها "لأنها يمكن أن تتدخل في العملية السياسية في أي لحظة"، وفق قوله.

لماذا أوروبا؟

تشهد جورجيا، التي مُنحت وضع مرشح للاتحاد الأوروبي، العام الماضي، صراعين على أراضيها تدعمهما روسيا في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، حيث تتمركز قوات موسكو بشكل غير قانوني.

وعلى نحو مماثل، مُنحت مولدوفا مسارًا واضحًا لعضوية الاتحاد الأوروبي، نوفمبر الماضي، على الرغم من وجود دولة انفصالية يدعمها الكرملين في "ترانسنيستريا"، التي تستضيف مئات الجنود الروس.

مع هذا، تأمل كل من أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا أن تبدأ محادثات انضمامها بغض النظر عن هذه التوترات، ويستشهدون بحالة قبرص، التي أصبحت عضوًا في عام 2004 على الرغم من تعرض الجزء الشمالي من الجزيرة لغزو القوات التركية قبل ثلاثة عقود، ما أدى إلى دخولها في صراع مجمد.

ومع ذلك، فقد أثارت هذه السابقة انتقادات سيتعين على مسؤولي الاتحاد الأوروبي أخذها في الاعتبار عند اتخاذ القرارات بشأن الطلبات المستقبلية، بحسب "بوليتيكو".

ولكن بالنسبة لأرمينيا، تعود المشكلة إلى حكوماتها السابقة الموالية لروسيا، التي فشلت في وضعها على نفس المسار الذي سارت عليه الجمهوريات السوفيتية الثلاث الأخرى.