تستعد فرنسا لمواجهة تظاهرات واحتجاجات واسعة من قبل المزارعين، اليوم الإثنين، إذ دعت العديد من النقابات الزراعية إلى فرض "حصار" على باريس، بدءًا من الثانية عشرة ظهرًا، من خلال إغلاق المحاور الرئيسية المؤدية إلى العاصمة، بالإضافة إلى المزارعين، يعتزم سائقو سيارات الأجرة في عدة مدن فرنسية كبرى المشاركة في إغلاق الطرق أيضًا، وردًا على هذه الإجراءات عمدت الحكومة إلى حشد أعداد كبيرة من قوات الشرطة لمراقبة التظاهرات.
إجراءات إغلاق واسعة النطاق
وأشارت صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية، أنه من السادسة صباحًا بدأ تجمّع ما يصل إلى 800 سائق أجرة من مدينة بوردو، بهدف إغلاق الطريق الدائري الرئيسي في المدينة، وهو ممر حيوي بين فرنسا وإسبانيا، ومن المقرر أن تشهد مدن كبرى أخرى مثل ليون ومرسيليا تحركات مماثلة من سائقي سيارات الأجرة، إذ يطالب المتظاهرون بإعادة التفاوض حول شروط تعويض نقل المرضى.
وأشارت شبكة "BFMTV" الفرنسية بدءًا من الـ6 صباح اليوم، شوهدت سيارات الأجرة وهي تتجمع على الطريق السريع المحيط بمدينة بوردو، بعد أن أعلنت نقابة سائقي سيارات التاكسي في بوردو وجيروندا، تعبئة ما بين 500 إلى 800 سيارة أجرة في هذه العملية التي أسموها "بطيئة كسلحفاة".
Des taxis en colère mènent à leur tour une opération escargot sur la rocade de Bordeaux pic.twitter.com/yIovPIes8Q
— BFMTV (@BFMTV) January 29, 2024
التحرك الأبرز للمزارعين
لكن من المتوقع أن يقود المزارعون التحرك الأبرز، وفقًا لما أوضحت "لوفيجارو"، إذ يعتزمون إغلاق جميع الطرق السريعة المؤدية إلى باريس عند مستوى الطريق الدائري حول العاصمة، ومن المتوقع أن يتم نشر ما بين 70 و80 جرارًا زراعيًا عند كل نقطة إغلاق، أي ما يصل 1000 آلة ثقيلة.
وصرّح كونتان لو جيوس، نائب الأمين العام لمنظمة المزارعين الشباب في فرنسا، لشبكة "BFMTV"، بأنه من المتوقع أن يتراوح عدد الجرارات الزراعية المشاركة في عمليات إغلاق الطرق حول باريس بين 1500 و2500 جرار.
وفي تصريح لشبكة "فرانس إنفو" صباح اليوم، أكد كليمون توربييه، رئيس منظمة المزارعين الشباب في إيل دو فرانس، أن المزارعين "ليس لديهم نية لدخول باريس أو إغلاق سوق رونجي الدولي"، موضحًا أن "حصار باريس" المُعلن سيقتصر على نقاط التفتيش المُحدّدة حول العاصمة، ومشددًا على أنه "لن يُسمح بأي تجاوزات".
وردًا على سؤال حول مدة التحرك الاحتجاجي، أكد "توربييه" استعداد المزارعين للبقاء في حالة تعبئة لـ"عدة أيام بل عدة أسابيع" إن لزم الأمر، مضيفًا أن "إعلانات رئيس الوزراء جابرييل أتال ستحدد نهاية التحرك".
48 ساعة على الإجراءات الجديدة
وقال مارك فيزنو، وزير الزراعة الفرنسي، صباح اليوم، في تصريح لقناة فرانس 2، إنه سيتم الإعلان في غضون 48 ساعة عن مجموعة من الإجراءات الجديدة، التي ستكمل الإجراءات التي أعلنها رئيس الوزراء، الجمعة الماضي.
وأضاف الوزير في سياق متصل، أنه سيتوجه في الأيام المقبلة إلى بروكسل، لحضور اجتماع مجلس الاتحاد الأوروبي، بهدف بحث تداعيات حركات الاحتجاج الحالية لدى المزارعين الفرنسيين على باقي دول أوروبا.
تعطيل خطير لحركة المرور
وتُنذر هذه الإجراءات، بحسب ما أشارت الصحيفة، بتعطيل خطير وواسع النطاق لحركة المرور في جميع أنحاء منطقة إل دو فرانس، بعد أن تسبب إغلاق سوق رونجيس صباح اليوم، في حدوث اختناقات مرورية كبيرة، ويمكن أن يتأثر إمداد المواد الغذائية إلى باريس وضواحيها بشكل كبير إذا استمر الوضع على ما هو عليه، بعد أن أعلنت تنسيقية الفلاحين في إقليم لوت-إي-جارون أن الفلاحين سيتوجهون إلى باريس لعرقلة أكبر سوق للمنتجات الطازجة بأوروبا، والموجود في إقليم سين ومارن.
تعبئة واسعة النطاق لقوات الشرطة
وأوضحت الصحيفة الفرنسية أنه استجابة لمخاطر تصعيد الوضع، نشرت وزارة الداخلية أعدادًا كبيرة من قوات الأمن في جميع أنحاء البلاد، إذ تم تعبئة ما لا يقل عن 15000 شرطي ودركي لمراقبة التظاهرات.
الهدف الأساسي هو منع دخول الجرارات الزراعية إلى باريس، فيما نُشرت وحدات محددة بالقرب من المواقع الحساسة مثل الإليزيه ومقر رئاسة الوزراء ووزارة الزراعة.
غير أن التعليمات المقدمة إلى قوات الأمن تنص على ضرورة ضبط النفس، وأُمروا بمرافقة المتظاهرين دون التدخل إلا في حالات المخاطر الواضحة على الأشخاص أو الممتلكات، والفكرة هي احتواء التظاهرات قبل وصولها باريس لتفادي أي تصعيد.
قد تستمر حتى نهاية الأسبوع
أكدت وزارة الداخلية الفرنسية أن الأزمة بين الحكومة والمزارعين المحتجين قد تستمر حتى نهاية الأسبوع الجاري، وفي الوقت الذي تواصل فيه المفاوضات بقيادة رئيس الوزراء مع ممثلي القطاع الزراعي، ذُكّرت قوات الأمن بضرورة التعامل بضبط نفس شديد مع المحتجين وعدم التدخل إلا في الحالات القصوى التي يتعرض فيها أمن المواطنين وسلامتهم للخطر.
من جهة أخرى، أوضحت مصادر أمنية لصحيفة "لوفيجارو" أنه لم يلاحظ أي دلائل على تحالف محتمل بين المزارعين وسائقي سيارات الأجرة، الذين نفّذوا تحركات احتجاجية منفصلة صباح اليوم الإثنين، ونقلت عن مراقبين قولهم إن نقابات المزارعين غالبًا ما تحرص على الاحتفاظ باستقلاليتها وعدم السماح لقطاعات أخرى بالانضمام لتحركاتها.