قبل وقتٍ قليلٍ، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، مقتل 3 جنود أمريكيين، وإصابة 25 آخرين في هجوم مُسيّرة مفخخة على قاعدة أمريكية شمال شرق الأردن.
وفي الأسبوع الماضي وحده، قتلت غارة جوية إسرائيلية أحد قادة حزب الله، وكذلك أحد قادة حماس في غارتين جويتين منفصلتين في بيروت، ورد حزب الله بقصف قاعدة إسرائيلية حساسة بالصواريخ.
وقتلت غارة جوية أمريكية قائد ميليشيا مدعومة من إيران في بغداد الأسبوع الماضي،
كما تتواصل المناوشات بين القوات الأمريكية والبريطانية وجماعة الحوثي في البحر الأحمر، ومع كل ضربة جديدة، تتزايد المخاوف من أن المنطقة قد تشهد حربًا شاملة.
لا نية للحرب
في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن إلى احتواء الصراع، تنهمك إسرائيل في تجاهل المطالبات الدولية بالتوقف عن أعمال الإبادة التي تمارسها بحق المدنيين في غزة. بل، ويتحدث الإسرائيليون بشكل متزايد عن "الحاجة إلى تغيير المعادلة في لبنان"، حسب تعبير "أسوشيتد برس".
ويُشير تحليل نشرته الوكالة الأمريكية إلى أن "القضية الفلسطينية لها صدى عميق في مختلف أنحاء المنطقة، وترك حماس وحدها في مواجهة إسرائيل كان ليخاطر بانهيار التحالف العسكري الذي كانت إيران تعمل على بنائه".
لذلك، عندما ردت إسرائيل على عملية "طوفان الأقصى" بشن واحدة من أكثر الحملات العسكرية تدميرًا في القرن الحادي والعشرين على غزة، وهو الجيب المحاصر الذي يسكنه 2.3 مليون فلسطيني، زعمت تل أبيب وواشنطن أن طهران ضالعة وداعمة لحماس.
وكان دانيال هاجاري، المُتحدث باسم جيش الاحتلال، قال في نهاية أكتوبر الماضي، إن "إيران ساعدت حركة حماس بشكل مباشر قبل هجوم 7 أكتوبر على جنوب إسرائيل، ولا تزال تقدم المساعدة لها".
وأكد أن المساعدة جاءت في شكل "التدريب والتزويد بالأسلحة والمال والمعرفة التكنولوجية".
ونقلت أسوشيتد برس عن قاسم قصير، الخبير اللبناني في شؤون حزب الله، قوله: "إنهم -أي الإيرانيين- لا يريدون الحرب، لكنهم في الوقت نفسه لا يريدون السماح للإسرائيليين بمواصلة الضربات دون انتقام".
وأضاف: "يجب أن يحدث شيء كبير، دون الدخول في حرب، حتى يقتنع الإسرائيليون والأمريكيون بأنه لا يوجد طريق للمضي قدمًا".
بوادر تصعيد
منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة، ينفذ حزب الله هجمات على طول الحدود مع دولة الاحتلال بشكل شبه يومي، بهدف واضح هو تقييد بعض القوات الإسرائيلية، وبالطبع، ردت إسرائيل بإطلاق النار.
لكن، رغم ما يبدو من أشكال التصعيد من ناحية دولة الاحتلال، لكن تل أبيب عازمة على رؤية عشرات الآلاف من مواطنيها يعودون إلى المستوطنات القريبة من الحدود مع لبنان، التي تم إجلاؤها تحت نيران حزب الله قبل ما يقرب من ثلاثة أشهر.
ويلفت باسم مارو، محرر أسوشيتد برس في لبنان، إلى أن إسرائيل "ربما لم تعد قادرة على التسامح مع وجود حزب الله على الجانب الآخر من الحدود". حيث هدد القادة الإسرائيليون مرارًا وتكرارًا باستخدام القوة العسكرية في الآونة الأخيرة.
وقال يوئيل جوزانسكي، الباحث البارز في المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب: "لا يريد أي من الطرفين الحرب، لكن الجانبين يعتقدان أنها حتمية. يعتقد الجميع في إسرائيل أن الأمر مجرد مسألة وقت حتى نحتاج إلى تغيير الواقع".
الردع الأمريكي
في أكتوبر الماضي، نشرت الولايات المتحدة مجموعتين قتاليتين من حاملات الطائرات في المنطقة. عادت إحداهما إلى وطنها، ولكن تم استبدالها بسفن حربية أخرى.
وأخيرًا، شنت الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في سوريا والعراق عشرات الهجمات الصاروخية على القواعد الأمريكية -آخرها الهجوم مساء الأحد على القاعدة في شمال شرق الأردن.
فيما يواصل الحوثيون تعقب السفن التابعة للاحتلال وأمريكا وبريطانيا في البحر الأحمر، رغم الضربات الجوية، حيث تتردد الولايات المتحدة في مهاجمة الحوثيين على الأرض.
لهذا، من المرجح أن تظل التوترات الإقليمية مرتفعة طالما واصلت إسرائيل عدوانها على غزة، والذي تقول إنه يهدف إلى تدمير حركة حماس. لكن في الواقع، يتساءل الكثيرون عمّا إذا كان ذلك ممكنًا، بغض النظر عن تقدير قادة إسرائيل بأن الأمر سيستغرق عدة أشهر أخرى.
ويُنظر إلى الولايات المتحدة، التي قدمت دعمًا عسكريًا ودبلوماسيًا للعدوان الإسرائيلي، على نطاق واسع على أنها القوة الوحيدة القادرة على إنهاء هذا الهجوم.
ويُقِّدر البعض أن واشنطن ستتدخل لوقف إسرائيل "إذا ارتفعت تكاليفها أكثر من اللازم"، قاصدين ما تشهده الآن من هجمات على القواعد الأمريكية والسفن التابعة لها.