بات استقرار اقتصاد أوكرانيا على المحك وعرضة للتهديد مرة أخرى، حيث تواجه حكومة زيلينسكي فجوة كبيرة في الميزانية، مع فشل أكبر حليفين "الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي" حتى الآن في اتخاذ قرار بشأن تقديم المزيد من المساعدات، التي يمكن أن تجعل استمرار كييف في الحرب ضد روسيا أمرًا ممكنًا، وتعتمد أوكرانيا على جمع 8.5 مليار دولار من الولايات المتحدة، و18 مليار دولار من الاتحاد الأوروبي.
الحلفاء يمتنعون
وفشل زعماء الاتحاد الأوروبي ديسمبر الماضي، كما تشير شبكة "إي بي سي نيوز" الأمريكية، في الاتفاق على حزمة مساعدات مدتها أربع سنوات بقيمة 52 مليار دولار، وعرقلت المجر الاتفاق الذي يتطلب إجماع جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي البالغ عددهم 27 دولة، ومع ذلك، يعمل الاتحاد على إيجاد طريقة للدول الـ 26 المتبقية لتقديم الأموال قبل قمة القادة في الأول من فبراير.
والأمر الأقل يقينًا هو الوضع في واشنطن، حيث طلب البيت الأبيض في أكتوبر من الكونجرس مبلغ 11.8 مليار دولار لتوفير دعم لأوكرانيا لمدة 12 شهرًا، إلا أن الجمهوريين في الكونجرس ربطوا الأموال المخصصة لأوكرانيا بإجراءات أمن الحدود التي تهدف إلى منع الدخول غير القانوني للمهاجرين.
طباعة النقود
وترجع أهمية تمويل كييف من الحلفاء، بعد خسارة البلاد ثلث إنتاجها الاقتصادي بسبب الاحتلال والدمار، بعد سيطرة روسيا على قلب الصناعة الثقيلة في أوكرانيا، حيث كشفت بيانات صندوق النقد الدولي ارتفاع التضخم بنسبة هائلة بلغت 26%، وهو ما اضطر البنك المركزي إلى طباعة النقود لتغطية الفجوات الهائلة في الميزانية.
وتنفق أوكرانيا، وفقًا للشبكة تقريبا كل الأموال التي تجنيها من خلال الضرائب لتمويل الحرب، وهو ما ترك عجزًا كبيرًا في الاقتصاد، لأن هناك فواتير أخرى للحفاظ على استمرارية المجتمع، مثل معاشات الشيخوخة ورواتب المعلمين والأطباء والممرضات وموظفي الدولة، حيث لجأت أوكرانيا في بداية الحرب إلى طباعة الأموال كحل مؤقت خطير لأنه يمكن أن يغذي التضخم ويدمر قيمة عملة البلاد.
مجتمع مهدد
ومع انتظام مساهمات المانحين، تمكنت أوكرانيا من عدم الاعتماد على حل طباعة النقود، وهو ما أدى إلى انتعاش الاقتصاد قليلًا، وتسبب في انخفاض التضخم إلى 5.7% ونمو الاقتصاد بنسبة 4.9%، واستمر النظام المصرفي في أوكرانيا في أداء وظائفه، كما ظلت المدارس والعيادات الصحية مفتوحة، ولكن من دون تعهدات بالدعم الأوروبي والأمريكي فسيصبح الأمر صعبًا هذا العام.
وسيؤدي عدم وصول الأموال، كما تقول شبكة "أي بي سي نيوز" الأمريكية، بحلول مارس المقبل إلى أوكرانيا، بعد اجتماع زعماء الاتحاد الأوروبي لاتخاذ قرار المساعدات، إلى المخاطرة بالتقدم الذي أحرزته أوكرانيا في مكافحة التضخم، والتي ساعدت المواطنين العاديين على الاستمرار في دفع الإيجار وتوفير الطعام لأسرهم.
أفقر دولة
ونقلت الشبكة عن خبراء اقتصاديين تأكيدهم لخطورة قيام أوكرانيا بطباعة النقود مرة أخرى، والذي من شأنه أن يدفع الكثير من الناس إلى الفقر الحقيقي، ومن أجل تجنب ذلك تحتاج أوكرانيا إلى قرار أوروبي هام بحلول شهر فبراير، ووصول الأموال إلى خزينة كييف بداية مارس.
ولفت الخبراء إلى أن أوكرانيا أفقر بكثير من بقية دول أوروبا، حيث إن 80% من أموال المواطنين تغطي الطعام، والباقي لشراء الأدوية، أما الطريقة الوحيدة لشراء أشياء مثل "الملابس أو الأحذية"، هي التقليل من تكلفة الطعام والدواء، وتتطلب ميزانية أوكرانيا هذا العام جمع 41 مليار دولار من أموال المانحين لسد العجز وتجنب طباعة النقود.