يشهد قطاع غزة -المحاصر منذ أكثر من 15 عامًا- أسوأ كارثة إنسانية في تاريخه بسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ أكثر من شهرين، والذي خلّف آلاف الشهداء والجرحى ودمارًا هائلًا في البنية التحتية.
ونقلت مجلة "نيوزويك" الأمريكية، عن ضابط رفيع في القوات الجوية الأمريكية (لم تذكر اسمه) انتقاده بشدة الهجمات الإسرائيلية غير المبررة على المدنيين في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن المشكلة تكمن في "غطرسة تل أبيب".
وجاءت هذه التصريحات، التي نقلتها المجلة، بعد مشاركة الضابط في مناقشات داخلية مع مسؤولين في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى جانب لقاءات مع نظرائه الإسرائيليين.
وقال الضابط، إن إسرائيل خسرت معركة الرأي العام والمعلوماتية، مؤكدًا أن حجم الدمار في غزة يبدو مفرطًا ولا مبرر له.
وأشارت المجلة الأمريكية، إلى أن "إسرائيل هاجمت حتى الآن 25 ألف هدف في غزة من الجو والبحر والبر، وألقت نحو 140 ألف قطعة سلاح، 60% منها قذائف مدفعية و40% أسلحة أسقطتها الطائرات".
وفي المقابل، اعترف أحد كبار المحللين العسكريين الإسرائيليين بفقدان جيش الاحتلال لميزته التكنولوجية والاستخباراتية في مواجهة المقاومة الفلسطينية، في ظل ظروف القتال الميدانية الصعبة والالتحامية.
ووصف المحلل عاموس هارئيل، في مقال تحليلي بصحيفة "هآرتس" العبرية، شبكة الأنفاق التي أقامتها المقاومة بأنها "هائلة ومعقدة"، مشيرًا إلى أنها تجاوزت توقعات الاستخبارات الإسرائيلية، الأمر الذي أدى لارتفاع الخسائر وعدد الإصابات في صفوف جنود الاحتلال.
كما أكد "هارئيل" أن السيطرة الإسرائيلية على حي الشجاعية شمال غزة، آخر معاقل المقاومة، ما زالت بعيدة عن التحقق.
وفي وقت سابقٍ الأربعاء، أعلن الجيش الإسرائيلي ارتفاع عدد الضباط والجنود المصابين منذ بداية الحرب البرية في قطاع غزة إلى 619، بينهم 139 مصابًا جروحهم خطيرة، فيما بلغ عدد قتلاه منذ بداية المعارك 115.
وفيما يخص ملف الأسرى والمحتجزين، أشار المحلل الإسرائيلي إلى أن المفاوضات بشأنه ما زالت متوقفة، خاصة مع إصرار حماس على المطالبة بالإفراج الشامل عن جميع الأسرى الفلسطينيين (في سجون الاحتلال) قبل الموافقة على أي اتفاق جديد، في وقت لا تبدي إسرائيل أيضًا رغبة في التسريع بإبرام صفقة تبادل جديدة، خشية ردة فعل حلفائها من أحزاب اليمين المتطرف على ما يصفونه بـ"الاستسلام" لشروط حماس.
وقال: "أحد الأسباب هو الضغط السياسي، إذ يخشى نتنياهو أن يُنظر إليها على أنها استسلام لمطالب حماس وتعطيل للعملية البرية".
ويشن الجيش الإسرائيلي، منذ 7 أكتوبر الماضي، حربًا مدمرة على خلّفت حتى مساء الأربعاء، 18 ألفًا و608 شهداء و50 ألفًا و594 مصابًا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارًا هائلًا في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر فلسطينية وأممية.
وردًا على "اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته"، شنت فصائل المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر الماضي، هجوم "طوفان الأقصى" ضد مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية بمحيط غزة.
وأسفر الهجوم نحو 1200 قتيل إسرائيلي وأصابت نحو 5431 آخرين، وأسرت قرابة 239، بادلت العشرات منهم خلال صفقة انتهت بانقضاء الهدنة المؤقتة مطلع ديسمبر، وفق وسائل إعلام عبرية رسمية.