إيمانًا بدور القوى الناعمة في تسليط الضوء على القضايا المسكوت عنها، وتقديمها بشكل مميز في إطار قصص إنسانية، اتخذت المخرجة والمنتجة الفلسطينية، مي عودة، من السينما سلاحًا لإثبات حقوق الشعب الفلسطيني وتقديم حكايات مختلفة عن المعاناة التي يعيشونها، ولا يعلمها الكثيرون.
وفي وقتنا الحالي ومع تدهور الأوضاع في فلسطين، تؤكد مي عودة، أن الفن قادر على دعم القضية الفلسطينية من خلال نقل الصورة الحقيقية لكل العالم بطريقة سلسة ومؤثرة في ظل تضليل وكذب الإعلام الغربي ومحاولته تشويه صورة الفلسطينيين وإهدار حقوقهم، وحول ذلك تقول لـ "موقع القاهرة الإخبارية": "نحن كسينمائيين ليس بأيدينا شيء غير الفن والسينما لدعم قضية فلسطين، لذا وجدنا أنفسنا نجمع الأفلام الفلسطينية والأجنبية التي تحكي عن غزة وجمالها ومحاولة العالم في الحصول عليها، حيث تم جمع 12 فيلمًا وبثها عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومنصة الفيلم الفلسطيني".
تضيف: "لا شك أن الفيلم السينمائي مؤثر بشكل كبير في النفوس وقادر على غرس الحقائق وكشف حقيقة ما يحدث في غزة، وإنسانية الشعب الفلسطيني، فأنا أرى الفيلم الفلسطيني هو الواجهة التي تنقل معاناة الفلسطينيين وأعتبره بمثابة وزارة الدفاع الفلسطينية، فنحن من خلال أفلامنا نحاول أن نروي الحكاية وإثبات الراوية ونشرها على نطاق واسع، وهو ما يوازي دفاع الفلسطيني عن وطنه من خلال الصوت الذي يحاولون القضاء عليه".
ما يحدث في غزة أثبت غياب الإنسانية
يمر الشعب الفلسطيني حاليًا بوضع هو الأسوأ جراء هجوم الاحتلال الصهيوني على الفلسطينيين المدنيين وهدم منازلهم والمنشآت العامة والخاصة، وحول ذلك تقول مي عودة: "الهجمة الشرسة التي يتعرض لها أبناء شعبنا في غزة لا يستطيع عقل استيعابها، فكمية الشر والظلم غير معقولة والموضوع أصبح صعبًا للغاية ولا توجد كلمات تصف كم الوجع والحزن بقلوبنا من هذا المشهد".
وتضيف: "عدم التعاطف مع الإنسان الذي يتعرض للقتل والتعذيب بشكل غير آدمي، أثبت أن الإنسانية فشلت فشلًا ذريعًا في عام 2023 وأن هذا العالم الحديث أكذوبة كبيرة تدعي السلام؛ لذلك يجب على الدول التي مازالت تشعر بالإنسانية أن تتحد معًا مع فلسطين من أجل تحريرها من هذا الكيان المحتل، فهذا العالم عاجز أمام صمود الفلسطينيين وتمسكهم بأرضهم والموت فيها".
وتابعت: "ما يصير في فلسطين تستطيع كسينمائي أن تستخرج منه أكثر من قصة إنسانية وتقديمها في عمل فني، ولكن ما يهمنا حاليًا هو إنقاذ ما يمكن إنقاذه، فبناء غزة من جديد هو الحلم وبعدها يمكنني تقديم أكثر من قصة وحكاية، فكل شخص تعرض للقتل واستشهد لديه قصة وحياة وليس مجرد رقم".
العروض السينمائية مقاومة شعبية
ترى المخرجة مي عودة أن العروض السينمائية بمثابة مقاومة شعبية وفكرة إلغائها أمر غير محبذ، إذ قالت: "ضد إلغاء المهرجانات السينمائية؛ لأننا في أمس الحاجة لأحداث ثقافية وسينمائية.. فالمهرجان السينمائي بمثابة تظاهرات تستطيع من خلالها التعبير عن الآراء وصنع جيل جديد مثقف وقابل للتغيير، ففكرة الإلغاء تعني رجوعنا للوراء وليس الأمام".
وتضيف:" المهرجانات السينمائية كانت لابد أن تقام وتعرض أفلامًا فلسطينية توضح حقيقة الشعب الفلسطيني وما يتعرض له في ظل الاحتلال الصهيوني وكشف ما يحاول الإعلام الغربي إخفاءه في تلك الفترة".
تحدي خروج فيلم "200 متر" إلى النور
كان للمنتجة مي عودة تجربة مميزة في فيلم "200 متر"، الذي دارت أحداثه حول قصة مصطفى وزوجته القادمين من قريتين فلسطينيتين يفصل بينهما جدار عازل، رغم أن المسافة بينهما 200 متر فقط، حيث تفرض ظروف معيشتهما غير الاعتيادية تحديًا لهما؛ وعندما يمرض ابنهما يهرع الزوج لعبور الحاجز الأمني، لكنه يمنع من الدخول وهنا تتحول رحلة الـ 200 متر إلى أوديسا مفزعة، وحول هذه التجربة تقول: "هذا العمل صنع بأقل الإمكانيات بطاقم فلسطيني مليء بالحب، فكانت تجربة ممتعة وفي الوقت نفسه مغامرة وتحدٍ كبيرٍ لأن الفيلم احتاج إلى ميزانية ضخمة وطاقم عمل كبير بجانب تصويره في وقت طويل بمناطق حقيقية خطيرة".
وتضيف: "رغم هذه الصعوبات والتحديات، ولكن الإيمان القوي بالقضية وفكرة الفيلم دفعتنا لبذل مجهود كبير لخروج العمل بشكل قوي للجمهور حتى تصل رسالتنا بشكل مؤثر لكل العالم ومعبر عن معاناة الفلسطينيين والظروف التي يفرضها الكيان الصهيوني عليه في ظل الاحتلال، وبالفعل وصلت رسالتنا وأنا فخورة بهذه التجربة".
تضيف: "الفترة المقبلة هناك تجارب جديدة عن قصص عربية في أوروبا أستعد لها مع المخرج الفلسطيني أمين نايف ومجموعة مميزة من المخرجين العرب".