يمثل الفن بالنسبة للفنانة الفلسطينية رائدة طه الصوت الذي يمكنها من التعبير عن قضايا وطنها، معتمدة على أسلوب النقد الذاتي الساخر في أعمالها، ومتخذة من التمثيل والكتابة والإخراج، طريقًا لتوصيل مشاعر وآراء الفلسطينيين إلى العالم.
تؤكد رائدة طه لموقع "القاهرة الإخبارية"، أنها لم تحمل قضية شعبها من خلال المسرح بل العكس حدث، إذ حملتها قضية فلسطين إلى المسرح، وحول ذلك تقول: "الفن هو السلاح الوحيد الذي أجيد التعبير من خلاله، فقضية فلسطين هي الرقم الصعب في قضايا العالم، وأرى أهمية بالغة في التعبير وتوثيق الرواية الفلسطينية التي يحاولون محاربتها والقضاء عليها".
وتضيف: "أهمية المسرح بالنسبة لي هو طرح القضايا من الناحية الإنسانية، والراوية التي تحكي عن تاريخ الشعب الفلسطيني من خلال حكايات إنسانية، تعكس الكثير عن آلاف الفلسطينيين وتؤثر فيهم".
المسرح قصة تعبيرية
تشير رائدة طه إلى أن للتوثيق أهمية بالغة في قضية فلسطين، لذلك يكون للمسرح والفن بشكل عام دور مؤثر على القضية، وتقول: "توثيق الراوية الفلسطينية جزء من الهوية، والمسرح قصة تعبيرية تخترق كل القلوب والمشاعر وتُسقط بعض الأقنعة، فهو منصة تعبيرية مهمة تطرح قضايا ولكنها لا تجد حلولًا، لكن تكفي أنها تطرحها وتجعلها لامعة في الذاكرة كي لا تنسي".
وتضيف: "التوثيق يذكرنا بأهمية هويتنا وصمود شعبنا تجاه العدوان، وشغفنا في تحرير أرضنا من المحتل الصهيوني، لتصل رسالتي بكل بساطة وعمق في الوقت نفسه من خلال مسرحياتي، وحكايات تشبه الواقع بحلوه ومره، فأنا أريد توصيل المشاعر بشكل حقيقي دون ابتذال".
تعرضت للظلم في حياتي
فقدت الفنانة الفلسطينية رائدة طه والدها وهي في عمر السابعة، بعد ما قُتل خلال مشاركته في عملية خطف طائرة بلجيكية متجهة من بروكسل إلى تل أبيب، نفذتها إحدى المنظمات للضغط من أجل إطلاق مئات الأسري الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية في ذلك الوقت، لذلك أرادت أن تقدم قصة حياتها في عمل فني، حتى تعكس مشاعر أهل الشهداء بعد استشهاد أقرب الناس لهم، وحول ذلك تقول: "تعرضت للظلم في حياتي بعد ما تم طردنا كأسري من بلدنا، وحدث لنا اضطراب في حياتنا الطبيعية ولم نستطع بعدها العيش بشكل طبيعي، فكنا دائما نشعر بالغربة القاسية، فأنا فقدت والدي في عمر السابعة وإحساس اليتم ليس سهلًا لذلك حرصت على تناول المسألة الفلسطينية من زاوية راقية وإنسانية وحقيقية لأن قضيتنا في الأساس هي قضية إنسانية".
وتضيف: "أقول دائمًا إن الإنسان لا بد أن يطالب بحريته والعيش في بلده، لأن وجود الفلسطينيين في دول أخرى عبء على الآخرين، ونحن لا نحب أن نكون عبئًا على أحد، وممتنة لكل الدعم والمساندة من قِبل الشعوب العربية والغربية ولكن أنا أريد العودة وتحرير أرض فلسطين".
"ألاقي زيك فين يا علي"
كان لاستشهاد والد الفنانة الفلسطينية رائدة طه دافع كبير لاكتشاف موهبتها في عالم الفن واستغلالها في تقديم قضية الفلسطينيين، إذ قامت بتقديم عمل مسرحي بعنوان "ألاقي زيك فين يا علي"، ارتكزت فيه خلال مرحلة الكتابة على ذاكرتها، مع الاستعانة بما روته لها والدتها فتحية وعمتها سهيلة، ودارت المسرحية حول شخصية والدها الذي استشهد وظلت جثته عامين في البراد، واستطاعت عمتها سهيلة هذه المرأة التي لا تجيد القراءة أو الكتابة أن تحرر جثته وتدفنه، وتقول المخرجة الفلسطينية: "كتبت هذه المسرحية منذ سنوات طويلة، فقد فضلت تسليط الضوء على الثمن الباهظ الذي تدفعه عائلات الشهداء، وأن إراقة الدماء لم تتوقف حتى الآن، فمن أجل الثورة وتحرير أرضنا مازال الشعب الفلسطيني يدفع الثمن من الشهداء والأسرى".
وتضيف: "دائمًا ما استشفي من قصصنا الفلسطينية ومن روايتنا، ولدينا بحر من القصص، والحقيقة أن الممثلين الفلسطينيين أبدعوا في توصيل القضية أيًا كانت عن طريق الأفلام، المسرح، أو الرسم التشكيلي، وهناك الكثير من الأشكال تناولت القضية وأنا فخورة بهذا الجيل الحديث الذي يستخدم أدواته المختلفة من أجل توصيل الرسالة".
مخطط يطول الشرق الأوسط
وحول تعليقها على الوضع الفلسطيني في وقتنا الحالي وتعرض غزة للعدوان المستمر من قِبل الكيان الصهيوني، قالت: "هذا مخطط أكبر من غزة وسوف يطول الشرق الأوسط كله، وعلى الرغم من الموت والفرار وهدم البيوت وقتل النساء والأطفال والشيوخ، لكنني متفائلة بأن الشعب الفلسطيني لن يهدأ إلا بتحرير أرضه مهما طال الزمن، وأرى هذا الصمود هو انتصار بحد ذاته في وجه هذا الكيان الصهيوني".
وتضيف: "ما يهمني الفترة المقبلة هو تسليط الضوء على قضية فلسطين وأهدافها، مهما واجهتني من تحديات وصعوبات في طرح هذه القضية، ولكن أنا مستمرة في توصيل رسالتي".