تشهد الولايات المتحدة أحد أكثر المشاهد السياسية والقانونية إثارة في تاريخها، مع محاكمة أحد رؤسائها السابقين على جرائم جنائية خطيرة، فالرئيس الأسبق دونالد ترامب يواجه اتهامات بمحاولة قلب نتائج الانتخابات والإخلال بالدستور. وسط هذه الأجواء المشحونة، أصدرت القاضية المشرفة على القضية تحذيرًا صارمًا لترامب بعدم إطلاق تصريحات تحريضية، مهددة بتعجيل موعد المحاكمة.
تحذير قضائي لترامب
أصدرت القاضية الفيدرالية، تانيا تشوتكان، المشرفة على قضية محاولة تزوير الانتخابات، المتهم فيها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، تحذيرًا له بأن تصريحاته التحريضية ستدفعها لتحديد موعد أقرب للمحاكمة، مُشيرة إلى أنها ستتخذ كل الخطوات لحماية سلامة الإجراءات، وتجنب التأثير على هيئة المحلفين المحتملة.
وجاء هذا التحذير بينما أصدرت القاضية "تشوتكان" قرارًا بشأن طلبات ترامب بفرض قيود أقل على أمر وقائي سيمنح ترامب فرصة مشاركته أدلة تم تسليمها لمحاميه خلال عملية الأدلة إلى الجمهور.
وبشكل عام، أجازت تشوتكان لترامب مشاركة "المواد غير الحساسة"، كما حددها الادعاء، إلا أنها رفضت معظم طلبات ترامب الأخرى.
وأكدت القاضية مرارًا أنها لن تأخذ بعين الاعتبار حملة ترامب الرئاسية، مخبرةً جون لورو، المحامي الرئيسي لترامب بأن حقوق التعبير للرئيس السابق ليست مطلقة، وأنها تأتي في المرتبة الثانية بعد كونه الآن متهمًا جنائيًا.
اضطهاد سياسي
واعتبر ترامب لائحة الاتهامات، الموجهة إليه بأربع جنايات بسبب محاولته عرقلة التصديق التشريعي على فوز جو بايدن في انتخابات 2020 وقلب نتائج انتخابات 2020، بأنها اضطهاد سياسي وانتهاك لحقوقه.
ولهذا الغرض، قدم محاموه مذكرة مكتوبة من 29 صفحة قبل الجلسة تطلب من القاضية إصدار أمر وقائي أقل تقييدًا، وهي خطوة روتينية في القضايا الجنائية لضمان استخدام الأدلة المقدمة للمدعى عليهم في عملية الأدلة للمساعدة في بناء الدفاع، ولكن دون ترويع الشهود.
طلبات ترامب ورد القاضية
وطلب فريق الدفاع القانوني لترامب تنازلات مختلفة، مثل منح ترامب القدرة على جعل أي محاضر لاستجواب الشهود غير محمية بقواعد سرية هيئة المحلفين الكبرى علنية، وتوسيع دائرة الأشخاص الذين يمكنهم الحصول على الأدلة.
وطلب مكتب المستشار الخاص جاك سميث، فرض أمر وقائي بعد فترة وجيزة من إحضار ترامب أمام المحكمة الأسبوع الماضي، مع الإشارة تحديدًا إلى منشور تهديدي غامض من ترامب يقول: "إذا بحثتم ورائي، سأبحث وراءكم!".
ولم يطلب الادعاء من القاضية فرض حظر على ترامب لمنعه من مناقشة القضية، ولكنه قدم حجة استنتاجية مفادها أنه يلزم وجود قواعد واضحة حول كيفية استخدام ترامب علنًا للأدلة المفرج عنها له.
تشكك القاضية في حجج الحكومة
كانت القاضية متشككة في حجة الحكومة بأن حتى المواد غير الحساسة يجب أن تخضع للأمر الوقائي، مُشيرة إلى أن ترامب ممنوع من ترهيب الشهود كشرط من شروط الإفراج قبل المحاكمة، ووافقت على تضييق نطاق الأمر.
لكن تشوتكان لم تقتنع بمحاولة محامي ترامب تصنيف محاضر استجواب الشهود وتسجيلاتهم على أنها "غير حساسة"، ورفضت ذلك الطلب، مما سيقلل بشكل كبير من حجم السجلات التي يمكن لترامب مناقشتها علنًا.
قيود مراجعة الأدلة
كما رفضت القاضية السماح للمحامين أو الاستشاريين المتطوعين غير المسمين الذين يعملون لصالح ترامب بمراجعة مواد الأدلة، قائلة إن طلب محامي ترامب كان واسعًا جدًا، بحيث يُمكن أن "يتضمن أي شخص تقريبًا" بما في ذلك "المتواطئون غير المتهمين" المحتملين.
وقالت تشوتكان لمحامي ترامب: "التعريف الذي لديكم حاليًا واسع للغاية، إنه يسمح لمعظم الناس بالاضطلاع على الأدلة، أنا أعيش في واشنطن، أي شخص هو مستشار".
وحكمت تشوتكان بالسماح لترامب بمراجعة مواد الأدلة دون الحاجة إلى وجود محاميه معه في كل مرة، متعاطفة ظاهريًا مع طلب محامي ترامب جون لورو بأن "الاعتناء" بموكله أثناء قراءته للمحاضر لم يكن عمليًا.
ومع ذلك، فرضت القاضية تحفظات بعد أن أثار المدعي توماس ويندوم، مخاوف من أن ترامب قد يحاول نسخ مواد الأدلة الحساسة إذا ترك وحده معها.
وكان قرارها النهائي السماح لترامب بمراجعة مواد الأدلة وحده، طالما لم يحمل أجهزة إلكترونية يمكنها نسخ السجلات، كما حكمت بأنه يجوز لترامب تدوين ملاحظات، لكن يجب على محاميه مراجعتها للتأكد من عدم تضمنها محتوى "حساسًا".
وأوضحت القاضية أيضًا أنه في اللحظة التي يتوقف فيها ترامب عن الاطلاع على مواد الأدلة، يجب على محاميه استعادة حيازتها منه.