بينما تزداد حرائق الغابات استعارًا في مناطق متفرقة حول العالم، وسط تسجيل درجات حرارة قياسية على مدار الأسبوع، يبدو وكأن العالم بلغ "عصر الغليان"، في تقدير الأمم المتحدة، التي كشفت عن تسجيل يوليو الجاري، أكثر شهر سخونة على الإطلاق.
أكثر يوليو سخونة
ويسير شهر يوليو على المسار الصحيح ليكون أكثر شهر يوليو سخونة على الإطلاق، بعد أن سجلت الأسابيع الثلاثة الأولى منه الأكثر دفئًا، بحسب تقرير أوردته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، استنادًا لبيانات أوردتها "ERA5" إحدى خدمات "كوبر نيكوس" الممولة من الاتحاد الأوروبي والمعنية بتغير المناخ.
ووفقًا التقرير، قد ارتبطت درجات الحرارة هذه بموجات الحر في أجزاء كبيرة من أمريكا الشمالية وآسيا وأوروبا، التي كان لها إلى جانب حرائق الغابات في بلدان مثل كندا واليونان، تأثيرات كبيرة على صحة الناس والبيئة والاقتصاد.
وقال أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، في تصريح صحفي أدلى به من مقر الأمم المتحدة بنيويورك، اليوم الخميس، إنه "وفقًا للبيانات الصادرة اليوم، شهد شهر يوليو بالفعل أشد فترة ثلاثة أسابيع حرارة على الإطلاق، مضيفًا "لا يتعين علينا انتظار نهاية الشهر لمعرفة ذلك. بلغنا عصر الغليان العالمي".
وتشهد أكثر من 9 دول في حوض البحر المتوسط، إضافة إلى عدة دول أخرى حول العالم، حرائق مستعرة منذ أكثر من 10 أيام مضت، خلفت مئات الضحايا بين قتلى وجرحى ومفقودين، إضافة إلى خسائر غير مسبوقة بالغابات والمناطق الزراعية والممتلكات.
تغير وفق التوقعات لكن بسرعة مفاجئة
وتحدث الأمين العام أن ما شهده الكوكب بأسره من صيف قاسٍ، لا سيما في أجزاء شاسعة من أمريكا الشمالية وآسيا وإفريقيا وأوروبا، بالطبع كارثة، مُلقيًا باللوم على البشر في كل هذا التغير الذي جاء متوافقًا تمامًا مع توقعات العلماء وتحذيراتهم المتكررة من آثار التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب نتيجة الانبعاثات، لكنه لم يخفِ أن الأمر رغم ذلك جاء مفاجئًا من حيث سرعة التغيير.
قال جوتيريش: "بالنسبة للكوكب بأسره، إنها كارثة. وبالنسبة للعلماء، لا لبس فيه - يقع اللوم على البشر كل هذا يتوافق تمامًا مع التوقعات والتحذيرات المتكررة. المفاجأة الوحيدة هي سرعة التغيير".
ودعا جوتيريش لاتخاذ إجراءات جذرية فورية في مواجهة العواقب المأساوية للتغير المناخي هذا العام، وكتب في تغريدة عبر حسابه الرسمي، اليوم: "جرفت الأمطار الموسمية الأطفال، وعائلات تهرب من النيران. عمال ينهارون بسبب الحرارة الحارقة. والمزيد من التردد والأعذار".
6 يوليو أسخن يوم سجله العالم
وتجاوز يوم 6 يوليو المتوسط العالمي اليومي لدرجة حرارة الهواء السطحي، الرقم القياسي المسجل في أغسطس 2016، ما جعله اليوم الأكثر سخونة على الإطلاق، ضمن الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر يوليو وهي الأكثر دفئًا لمدة ثلاثة أسابيع مُسجلة، وفق بيانات خدمة "كوبر نيكوس" لتغير المناخ ERA5.
ومن المحتمل أن يكون يوليو 2023 هو أكثر الشهور حرارة على الإطلاق، بعد أن كان الشهر الأكثر سخونة هو يوليو 2019، وفق بيانات "ERA5".
بنسبة 66% سيتجاوز الكوكب عتبة 1.5 درجة
وتجاوز متوسط درجة الحرارة العالمية مؤقتًا عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستوى ما قبل الصناعة، خلال الأسبوعين الأول والثالث من الشهر، ومنذ مايو الماضي، كان المتوسط العالمي لدرجة حرارة سطح البحر أعلى بكثير من التقديرات التي لوحظت سابقًا في ذلك الوقت من العام، وفق تقرير الأرصاد.
وتتوقع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن هناك احتمالية بنسبة 98% أن تكون واحدة على الأقل من السنوات الخمس المقبلة هي الأكثر دفئًا على الإطلاق وفرصة بنسبة 66% لتجاوز 1.5 درجة مئوية مؤقتًا فوق متوسط عصر ما قبل الصناعة 1850-1900، لمدة سنة واحدة على الأقل من السنوات الخمس.
وأشار التقرير إلى أن هذه التقديرات لا تعني أننا سنتجاوز بشكل دائم مستوى 1.5 درجة مئوية المحدد في اتفاقية باريس، التي تشير إلى الاحترار طويل الأمد على مدى سنوات عديدة.
ومن المقرر أن تتوفر بيانات خدمة ERA5 الكاملة لشهر يوليو، وتنشرها CS3 - وينفذها المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى نيابة عن المفوضية الأوروبية - في نشرتها الشهرية المقبلة في 8 أغسطس.
وقال كارلو يونتمبو، مدير خدمة "كوبر نيكوس" لتغير المناخ، في تقرير نشرته الأرصاد الجوية العالمية، اليوم، إن درجات الحرارة القياسية حاليًا هي جزء من اتجاه الزيادات الهائلة في درجات الحرارة العالمية، مؤكدًا أن الانبعاثات البشرية المنشأ هي المحرك الرئيسي لارتفاع درجات الحرارة المسجلة حاليًا، مستبعدًا أن يظل سجل شهر يوليو معزولًا هذا العام، ما يعني أن ثمة ترجيحات بتسجيلات قياسية أعلى تنضم للشهور الأكثر سخونة هذا العام.
العمل المناخي ليس ترفا
وقال البروفيسور بيتيري تالاس، الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، في التقرير سابق الإشارة، إن الطقس القاسي الذي أثر على ملايين الأشخاص في يوليو، هو "الواقع القاسي لتغير المناخ ونذير للمستقبل"، مشددًا على أن الحاجة إلى الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى"، مضيفًا "العمل المناخي ليس ترفًا بل ضرورة".